باقية تتمدد أم زائلةٌ تتمزق ؟
باقية تتمدد أم زائلةٌ تتمزق ؟


بقلم: الاستاذ الدكتور : جليل حسن محمد - 24-11-2016
ليس هناك ماهو أثقل على السمع وأغثى للنفس من ( داعش) ذلك الاسم المقيت الذي يحيلك –إذا تناهى إلى سمعك – على معجم مطول جامع لمعاني الانحطاط والرَّذيلة والعقم وماكان لهذه المعاني القِباح أن تقترن به أو يقترن بها لولا حرصه الحريص على ترجمتها إلى واقع مرئي متكيء على دماءٍ طاهرة تراق وأرواح بريئة تزهق وقيم فاضلة تنتهك ،فداعش تنظيم أطفأ الجهل عينيه عن رؤية النور الهادي ونأى به عن محبة الجمال السامي وهو فوق هذا كله وذلك كله يحلم حلم المريض في إنشاء دولة (باقية تتمدد ) تدق الأعناق وتثبط الهمم وتعبث بالأقدار تحت راية حملها قبله أولياؤه من الخوارج وعتاة القوم .
لستُ أدري كيف يكتب البقاء لمن أسرف في الدمار كلما دخل مكاناً أو خرج من مكان وكيف يطمأن إلى من سار معه الفناء حيث سار ولاأعرف فيما أعرف أَنَّ شِرذِمة كهذه الشِّرذمة المعادية لكل فضيلة أَقامت دولة طال عمرها وضمنت لنفسها أَسباب البقاء والامتداد ،قل لي أيًّ زمن من الأزمنة شهد مثل ذلك وفي أيًّ مكان من الأمكنة وقع ذلك وفي أيّ تأريخ من تأريخ البشرية مذكور ذلك وفي أيّ أمة من أًمم الأرض قوبل ذلك أو مثله بالحمد والرِّضا وأحيط بالبشر والتمجيد .
لقد طمع هذا التَّنظيمُ الخسيسُ في أن يقيم دولته المزعومة على أديم العراق بعد تقتيل أهله وسلب إرادته ونهب خيراته مدفوعاً بهوى الحاقدين على هذا البلد .وكائديه والمتربصين به .غير أنه فوجئ بسور من النَّار أرسى بنيانه حماة السهل والجبل من العراقيين الذين أفسدوا عليه أحلامه التي طالما تغنى بها وبالغ في الدعوة إليها وأراق ماء وجهه من أجلها .
لقد هب أبناء العراق النبلاء لصد هذا الفكر الظلامي العابث الوافد من وراء الحدود هبة رجل واحد لم يلههم عن ذلك تنوع المعتقدات وتباين المذاهب واختلاف الأعراق فقد جمعهم دين واحد آمنوا به أشد الإيمان وأخلصوا له أعظم الإخلاص وهو أنَّ الحق يجب أن يقوم وأنَّ الباطل يجب أن يقعد .
لقد مارس هذا التَّنظيم أبشع ضروب الفساد والعبث والقهر طوال العامين الماضيين في هذا الجزء أو ذاك من أرض العراق وقد حمله ظنه الجهول في أعقاب ذلك على الاعتقاد بأن الأمر قد استقام له وأن حلم بقائه في العراق قد تحقق وان الامتداد عليه ومنه قريب أو أقرب إليه من حبل الوريد .
أجل ياتنظيم إنَّ للعراق أرضاً ممتدة الأنحاء واسعة الأرجاء ولأهلها فيها مذاهب وأبوابها مفتوحة على مصاريعها لكل ذي قلب سليم وموصدة باحكام في وجه كل طامع أثيم ودخيل مغرض فعراقنا عراق .يحرسه رجال أيقاظ صدورهم عامرة وسواعدهم مفتولة وعيونهم مفتحة يلبون دعوة الدَّاعي إذا دعا بهمة لاتطاول وعزم لايلين وآية ذلك تلك الملاحم النادرة التي سطرها أولئك الأبطال على مشارف الموصل وداخل مدينة كركوك وخارجها ،فأفهمني أيها التَّنظيم كيف تبقى لك باقية على أرض العراق وأنت تحت نقمة هؤلاء الصناديد الشجعان الذين لايردهم عن سوح النزال شيء أي شيء،ثم أفهمني أيها التَّنظيم من أين تمتد وإلى أين وكل العراق بكل أطيافه وألوانه غاضب عليك مِلء القلب ومحيط بك إحاطة الطوق بالعنقِ وسيتركك أشلاء ممزقة تقتات عليها الغِربان .وآنئذ يكون البقاء للأصلح والأمتداد للأمثل فاسمع لكلام الله ،أيُّها السادر في الغي والضلال إن كنت تفهم كلامه إذْ يقول جل ثناؤه في التنزيل العزيز "فأمَّا الزَّبَدُ فيذهب جفاءً وأَما مايَنْفَعُ النَّاس فيمكث في الأرض" .فلم تلح أيُّها التَّنظيم على شعار دولتك المزعومة (باقية تتمدد) والمنطق يقول لك بألف لسان أنها زائلة تتمزق وذلك اليوم آتٍ آت ولاريبَ ؟!
أربيل( 23/10/2016)
أ.د.جليل حسن محمد



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google