الطائفية (2) العتب الخاطئ على مرجعية الشيعة
الطائفية (2) العتب الخاطئ على مرجعية الشيعة


بقلم: سليم الحسني - 29-11-2016
كثيراً ما يُلقى اللوم على مراجع الدين بانهم اتخذوا موقفاً مناهضاً للاحتلال البريطاني للعراق في الحرب العالمية الأولى، وأعلنوا ضده ثورة العشرين، وانهم قادوا المعارضة الشديدة ضد الانتداب وضد المشاريع الأخرى، مما جعل بريطانيا العظمى، تميل الى دعم السنة. وقد استقرت هذه النظرة الى حد كبير لدى الفئات السياسية الشيعية، وخصوصاً الحالية، مما جعلها تتفاعل سريعاً مع العملية السياسية الأميركية خوفاً من تكرار تجربة الماضي.

لكن حقيقة الأمر تختلف كثيراً، فالقوى الاستعمارية، لا تتعامل بمشاعر الثأر وعقلية الانتقام وطرق التأديب، إنها تعتمد سياسة توازنات ومعادلات معقدة تدرسها بدقة، وتتحرك في ضوئها. فقد يكون أشد أعدائها تطرفاً هو المفضل لديها في فترة من الزمن، وقد يكون أكثر التابعين لها، موضع استهجانها في حالات معينة.

وكمثال على ذلك، فان الشريف حسين والد الملك فيصل الأول، تعاون مع الانكليز الى أبعد الحدود، وكان حليفهم الأول في المنطقة ضد العثمانيين، وحشد القبائل للتمرد ضد السلطات العثمانية في الحجاز ونجد، وزحفت قواته تحت إمرة الضباط البريطانيين باتجاه الأردن وسوريا. وكان في ذروة الاستعدادات والاتصالات التي يجريها مع الانكليز لإعلان ثورته ضد الاتراك، فانهم انتهوا سرياً مع فرنسا على توقيع اتفاقية سايكس ـ بيكو. ورغم كل تلك الخدمات الكبيرة التي قدمها لهم الشريف حسين، فانهم عاملوه بعد سنوات بمنتهى الاستهانة حتى مات كمداً منفياً في جزيرة قبرص.
لقد قوّض الانكليز سلطته في الجزيرة العربية، لصالح عبد العزيز آل سعود حتى مكنّوه من اقامة مملكته وتوسيعها وتثبيت أركانها.

وفي مقابل هذا النموذج، هناك تجربة أمير المحمرة الشيخ خزعل الكعبي، حليف البريطانيين القوي، والذي امتنع عن الاستجابة لفتاوى مراجع الدين في العراق للتصدي للإحتلال البريطاني، فان موقفه هذا لم يشفع له بعد سنوات، عندما قررت الحكومة البريطانية تقويض إمارته وإلحاقها بإيران تحت سلطة الشاه رضا بهلوي.
...
تزداد الأمثلة بحيث يصعب ملاحقتها، حول الخذلان الذي يتعرض لها الاتباع والحلفاء، على أيدي الكبار، فلهؤلاء ثوابتهم التي لا تخضع للعاطفة باتجاهيها العدائي والودي.

وفي ضوء ذلك فلم يكن الموقف البريطاني من الشيعة في بداية تشكيل الدولة العراقية أواخر عام 1920 ومن ثم اعلان الملكية عام 1921، قائماً على أساس المعارضة الشيعية، في مقابل الولاء الذي أبدته القيادات السنية لهم. إنما قام على اعتبار آخر، هو الذي يمكن ان نصطلح عليه (الاستقرار القلق). وهذا هو القانون الذي تعتمده القوى الكبرى في ادارة الدول الصغيرة، وتعتمده ايضاً في المناطق الإقليمية المهمة، وهذا ما يبدو واضحاً في شرق آسيا والشرق الاوسط واميركا الجنوبية وأفريقيا. يجري ذلك ضمن ضوابط وقواعد دقيقة وبتخطيط عميق.
كانت هذه اشارات تاريخية سريعة، لكي نفهم ما يجري في العراق والمنطقة، وكيف تم استخدام العامل الطائفي في صناعة احداثها وتحريك الأزمات على خارطتها في سلسلة من المتغيرات التي تتسارع احياناً وتتباطأ في احيان أخرى.
للحديث تتمة
مجموعة مقالاتي في صوت العراق على الرابط التالي:
http://www.sotaliraq.com/Salim-Alhasani.php



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google