فهلم النهـوض ... وانتقي الـورد
فهلم النهـوض ... وانتقي الـورد


بقلم: د.حسام آل زوين - 03-12-2016
وصلت المفرزة الجبل الاسود (شاخه رش ) المطلة على سـديكان عند رقبة وادي حصاروست مابين العصر والمغرب ، قادمة من بهدينان بسبعة ايام من المشي ومبيت فى العراء ، لم يزل قرص الشمس دائريا كبيرا ساطعا تشعر ببرودة المنطقة حيث يكاد هـواء الوادي يقـرص الظهر ببرودته اذا لم يكن ملفوفا بحزام الظهر ( البشتين ).. على طرفي الدرب الى مقر سرية حصاروست تنبعث رائحة النباتات التي تلسعها اشعة الشمس نهارا كانها رائحة العاقـول او الصفصاف او ما بينهما لكونها مزروعة في الذاكرة حملته الى ارياف الحلـة وحقولها ... يهب نسيم بارد من باطن الـوادي يرتفع الى اعلاه في مسطحات رقبته ... يمينك قمة شاخ رش وبوجهك يهطل قرص الشمس البرتقالي يشق الافق وعلى يسارك قم حصاروست الشاخصات العاليات التي تقدر ارتفاعاتها بثلاثة آلاف متر فوق مستوى البحر ، يغطيها الثلج معظم ايام السنة خصوصا في القطع الصخري الشاهق الذي يعلو الجبل .
لقاءات متكـررة بمفارز من الشباب والشابات يحملون بنادقهم تعلو وجوههم اثار التعب والسهر ، الالم والحيف ، واثيرت وتناثرت التساؤلات من افراد المفرزة القادمة للتو من بهدينان وبين ما تصل من مفارز تتلاحق بالدروب الى مقر حصاروست .. اين الرفيق ابو .. واين الرفيقة .. هل التقيتم بها .. اين تركتموهم من استشهدت .. ومن استشهد ، ومن وقع بالاسر ومن الشهداء.. استشهد .. لم يستشهد بل اسيرا ، لا وربما تائه في وديان بشتآشان .. جريحا .. واخر لقد صفي ... ، بعض من اعضاء المفرزة الجـدد يعرفون كل الاسماء ... تعالى الى سماعه استشهاد زملائه .. فلان .. وفلان .. بل سمع استشهاد صديق العمر.. سميرمهدي شلال ( ابو تيسير) .. خرج من حدود حلقة المتجمعين كي يجمع قواه الذهنية وليتأكد من ترشيح غربال سمعه للاخبار التي تخللت الى ذهنه ليرى مستقرها ... كيف له هذا .. واراد ان يلتقي به بفرحة اللقاء في الوطن كي يبرهن له بفخر بانه لازال على العهد باللحاق به ، وليحمله تحيات زوجته وطفله الجميل بلبسه الانيق وهل اوصلو له شريط التسجيل حملها اليه هدية عبر كل المحطات .. وليقص عليه بفخراخبار صد الهجوم التركي مع اصدقاء ورفاق لهم نفس التمنيات والهموم وبطولاتهم وتضحياتهم وبروح نكران الذات العالي ، ومنهم شـهداء ، ويروي له مشاهداته منذ تركه البيت الاخضر في عـدن مرورا بكل محطات العبور والاسفار ، وليقص له روايات غرامية جديدة لم يتسن لهما تبادل اطرافها ، كل ذلك لتفاوت مغادرتهما اليمن ودخولهما الى الوطن والالتحاق بقوات الانصار .
لايعرف كيف يركن الخبر الصاعق في مخيلته وذهنه ويتيقن من صحته ... دقات القلب تتصاعد ، ينظر ذات اليمين وذات اليسار ، يسدد نظره الى قمم سلسلة جبال حصاروست .. ايتسلقها او ينظر بعيون زرقاء اليمامة الى قبالته الى هذا المنحدر من على البعد تتراى قرى وبيوت متناثرة ، بدأ دخان بعيد يتصاعد يعتقد انها ادخنة التنانير، سـوف يأتي سمير بطبق الخبز ليستقبلنا به ، نعرف بانه في شبابه ساعد امه في بيع الخبز لاعالة العائلة .. ، على بعد مئات الكيلومترات اهله لا يعرف بانهم لازالوا سـاكنين في منحيات نهر الفرات ، كيف الولوج اليهم من عنق حصاروست . من هذا العلو تتراى منحيات لافرع وانهر كانها خيوط عنكبوت متلألئة بتردد اشعة الشمس ذهبية صفراء حمراء ، خضراء تتراوح بين داكنة وفاتحة وخضراء مصفرة تغطي كل هذه المسافات حيث الافق المترامي ، .. ازهار حمراء طبيعية لونت بعض المساحات من السفح ، اراد ان يقلمها ويرتبها ويعمل منها شكل قلب كبير يمتع الناظر من على البعد او ان يقيم مشروعا للورد فانها في بلاد الغرب لها قيمتها المادية والمعنوية او في قلب من يحب ، اتتذكر كم كنت ياسمير تحب هذا الورد الذي اسميناه ( ورد التلبان ) بحباته الصفر والسود لنقدمها سـوية هدية بالمناسبات ... وطنية كانت او اممية ... او للقاء الاحباء ، وتتباهى بفخر عند الحصول عليه واختياره ، .. حينها تلبس ربطة العنق الحمراء ليكتمل بذوق ترتيب الالوان . لازلنا بحلق الوادي واقفـين منتظرين متعبين .. .
اتتذكر كيف كانت تجري الاستعدادات لهذه المناسبات لساعات متأخرة من الليل ، بين الاوراق والرسم والاقلام ، الاحبار ، الاصباغ والالوان ، لصور فهد وسلام عادل والشهداء الاخرين تزين قاعة الاحتفالات ... ولابد من اعداد كلمة وكلام ... .
لقد باعـدتنا الايام وفرقتنا السنين والمهجر والغربة ، وفي الوطن غربة .. قسى الظلاميون والطائفيون على ابناء الوطن الشرفاء بالتهميش والظلم والظلام ، وارهـق منا البعض التعب ، منا من رحل ومنا من عـزل ومنهم من تَفِـل ... كان لكم ولنا وللباقيين تفاؤل وامل ... .
كم مضى من السنين ، وانت في القلب ياسمير والاحبة من الشهداء ، انتم لستم من المنسيين ... اطلقت لحيتي قسما لذكراكم ، لحين انتهاء الحرب لحين الخروج ، انت ظلي ... كنت تتنقـل معي في كل حفل وفي كل فصل .. انه الحقيقة.. ، لقد غنت الرفيقة ليلى ذات يوم اغنية .. الورد جميل ... جميل الورد .. في موقع وادي دراو ... ، وها انا من مكان اخر استنشق رائحة نباتات العاقـول او الصفصاف كالتي كانت في ارياف الحلة نابتة في القلب او في رقبة وادي حصاروست .. وتيقني بنبأ الاستشهاد ، في هذا الوقت وفي هذه الساعة يعقـد المؤتمرالعاشر للحزب .. . فهلم النهوض لنسرع الحضور ، ادعي الاخرين من جوارك ، وأنتقي الورد وانا كالعهـد ... قد هيأت حمامة السلام ...
ولنتمنى كل النجاح والتوفيق لاعمال المؤتمر للـحـزب ... ضمير الشعب ... سيبقى ...
وطن حر وشعب سعيد .
د.حسام آل زوين



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google