مَنْ يَنْسَى؟ مَاذا؟! [٣]
مَنْ يَنْسَى؟ مَاذا؟! [٣]


بقلم: نــزار حيدر - 30-12-2016
مَنْ يَنْسَى؟ مَاذا؟!
[٣]
نـــــــــزار حيدر
ينقلُ لنا آباؤنا قصّة ذلك التّاجر المعروف في سوق الشّورجة بالعاصمة بغداد.
إِنّهُ كان يعلِّق فوق رأسهِ خلف الطّاولة التي يجلس عليها [حمّالة الجلد] التي كان يستخدمها في صغرهِ وشبابهِ عندما كان مُجرّد حمّالاً يدورُ في السّوق بحثاً عن رزقهِ الحلال!.
وعندما كانوا يسألونهُ عن السرّ في ذلك، كان يجيبهُم بالقول؛
لأَتذكّر حقيقتي فلا أنسى!.
ويُنقل عن عددٍ من الحكّام أَنّهم كانوا يُصدِّرون مكاتبهُم الخاصّة بالحكمةِ المشهورة [لو دامت لغيرِكَ لما وصلَت إِليكَ].
أَمّا انا فلقد اقترحتُ على الذين خلفوا الطّاغية الذّليل صدّام حسين في السّلطة ان يعلِّقوا في مكاتبهِم صورة الطّاغية التي التُقطت لهُ لحظة إلقاء القبض عليهِ واستخراجهِ من البالوعة وبتلك الهيئة الذّليلة بلحيتهِ الكثّة المُغبرّة المُبعثرة وقد فتح فمهُ كالثَّور ليفحصَ الطبيبُ أَسنانهُ!.
وكلّ ذلك من أَجل ان لا ينسى المسؤول ماذا كان؟ وكيف أَصبح؟ فالذّكرى للعاقل رقيبٌ ذاتيٌّ يحميهِ من التجبّر والاستبداد والانحراف.
وبرأيي فانّ أَكثر مَن كان ينبغي ان يتذكّر ويتذكّر ويتذكّر فلا ينسى هو الذي وقّع على إعدام الطّاغية الذليل، فهي لحظة ما كان ينبغي أَن ينساها صاحبها أَبداً على الأقلّ ليحمي نَفْسَهُ من السّلطة وتحدّياتها والمال العام واغراءاته والقوّة والجاه وتأثيراته! ويحمي نفسهُ من الانحراف والسّقوط في الهاوية او في نفس الحفرة! الا انّهُ على ما يبدو نسِيَ تلك الّلحظة ولذلك مرَّ بأكثر المراحل السيّئة التي مرّ بها الطّاغية الذّليل نفسهُ حتى انّهُ لم يعُد كثيرون يميِّزون بينهُما!.
ولو كان يتذكّرها لما تبنّى شعار [بعد ما ننطيها] وهو الشّعار المُستنسخ من العهدِ الأَغبر!.
انّهُ لم يعد يتذكّر تلك اللحظة الّا للدّعاية الانتخابيّة ليس أَكثر، فلم يستحضرها تذكرةً أَبداً، فَلَو كان كذلك لبان في خطابهِ وسلوكهِ ومنهجيَّتهِ وغير ذلك!.
انَّ على الحاكم ان يتذكّر ثلاثة أَشياء دائماً؛
الشّيء الاوّل؛ ماضيه، فاذا نسيهُ تصوّر انّهُ صنع حاضرهُ بيدهِ وبمفردهِ! متجاوزاً ومُتناسياً كلّ العوامل والاسباب والأشخاص والظّروف التي صنعت وهيّأت لهُ الحاضر.
لقد نسِيَ الخلف جهاد الآخرين وتضحياتهم أَيام الزّمن الأغبر، اذا بهم يتصوّرون أَنّهم وحدهم الذين صنعوا هذا الحاضر، حتى انّ أَحدهم نشر يوم أمس منشوراً يشكر فيه [القائد الضّرورة] لانّهُ أَسقط لنا نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين! وهو الذي لم يُزِح حجراً واحداً من صنمهِ العملاق في ساحة الفردَوس!.
وهكذا عندما ينسى المسؤول ماضيه فيتوسّل بالكذِب والدّجل والتّضليل لخداع النّاس معتمداً أحياناً على ضعف الذّاكرة {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
وعندما ينسى او يتناسى ماضية يمنّ على النّاس باعتبارهِ هو صاحب الفضل في كلّ شيء! فهل نسينا ماذا كان يقول الطّاغية الذليل مخاطباً العراقيّين؟! كان يَقُولُ لهم بانّهُ علّمهم يلبسونَ الملابس الداخليّة! وعلّمهم كيف ينتعِلون فلا يمشون حفاةً عُراةً!.
لقد كان لعنهُ الله يعبّر عن واقعهِ الذي عاشهُ ببؤسٍ وشقاءٍ!.
انّ هذه السّياسة هي التي أشاعت، ولحدّ الآن، ثقافة [مكرُمة القائد] في وعينا، فعلى الرّغم من مرور (١٤) عاماً على التّغيير الا انّهُ لازال بعض القيادات والسياسيّين يتعاملونَ مع الشّعب بنفسِ السّياسة، ولقد سمعتُ [مُختارهم الذي دعا أَحدهم لاستنساخهِ اذا مات!] مرّةً يقول مُهدّداً؛ لو أُجبرتُ على ترك السّلطة فسوف لن يبقى شيءٌ إِسمهُ المذهب، ويقصد به التشيّع، وكأنّهُ هو الذي حفِظ هذه المدرسة التي يمتدّ عمرها بعمرِ البعثة النبويّة الشّريفة، من الاندثار!.
*يتبع
٣٠ كانون الاول ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google