بقلم: مهدي قاسم -
03-01-2017
المشكلة أكبر من مسألة استقالة وزير داخلية
كلما حدثت انفجارات قوية و ضخمة ، موقعة أعدادا كبيرة من الضحايا ، تجري المطالبة باستقالة هذا الوزير للداخلية أو ذاك و إذا كانت هذه المطالبة مشروعة و واقعية على اعتبار ، أن وزير الداخلية هو المسئول الأول عن الأمن الداخلي في العراق ، فإن الوضع السياسي العام في العراق و كذلك الية إدارة شؤون الدولة والحكومة من حيث كونها تشير إلى أن كل مؤسساتها ومرافقها شبه معطوبة و تعاني من شللية وعجزية و لامبالاة على كل صعيد و ناحية ..
وهو الأمر الذي يعني أن المشكلة أكبر بكثير من أن تكون مجرد مشكلة وزير داخلية ما ..
فكم من وزير للداخلية استقال أو أبعد عن منصبه ؟..
لا بدا ..
فالنظام السياسي و الإداري القائمان حاليا في العراق فاشلان أصلا و فاسدان أساسا ، وهو أمر بات معلوما للجميع ، لأنهما يفتقران ليس إلى المهنية و الخبرات فقط ، إنما يفتقران إلى الإخلاص الوظيفي والنزاهة ، وكذلك إلى صحوة الضمير الوطني و شرف المسئولية ، و إلى أخلاقية رجال دولة و إدارة أوفياء ـــ تمسكا ـــ بشرف وظائفهم في كل الأحوال و الظروف سواء منها عادية أو استثنائية ..
ومن ثم أي وزير نجح حتى الآن في مهماته الوزارية ـــ حتى ولو نجاحا ملحوظا ـــ لكي ينجح وزير داخلية ما في العراق ؟..
لقد استقال عدد لا بأس به من وزراء داخلية لحكومات الفشل والفساد المتعاقبة ، ليحل محلهما وزراء داخلية جدد ، فهل تحسن الوضع الأمني ولو قليلا ، أم تدهور سوءا و تصاعدا جنونيا وكارثيا ؟!..
فالمشكلة بالأساس تكمن في كون السمكة قد تعفنت من الرأس و الذيل على حد سواء وبشكل لا تفيد معه عملية تجميل ورتوش أو مكيجة طفيفة ..
حتى ولو إذا استقال وزير ما ..
لقد حذرنا نحن ــ و كذلك غيرنا ــ و منذ سنوات طويلة من مغبة تطبيع الإرهاب في حياة العراقيين عبر مساومات مع ممثلي الإرهاب السياسيين في " العملية السياسية " العرجاء ، ومن خطورة محاولات تبرير الفشل الإداري والفساد المالي بذرائع وحجج واهية ، و قلنا أن للدولة والحكومة رجالها المختصين والمخلصين للبناء والتشييد والتعمير و التطوير و التحديث ، مثلما لا يجوز خلط أمور إدارة الدولة والحكومة بشؤون دين و تدّين أو تمذهب وعدم استغلال ذلك لتثبيت الفاشلين والفاسدين في مناصب و وظائف عالية ليظهروا مثل " شجرة التوت بالبستان هيبة "..
لأن أضرارهم ستكون كارثية ومدمرة ..
و هذا ما حدث و يحدث بالضبط ..
