همساتُ فكر(117)
همساتُ فكر(117)


بقلم: عزيز الخزرجي - 04-01-2017
(آلمُخْلِص) و (آلُمخْلَص) في الفكر الأسلاميّ:

المُخلِص؛ بصيغة (الفاعل) مَن كانت أعمالهُ خالِصّةً لوجه آلله، لا يبغي سوى مرضاتهُ عبر إيصال ألنّفع للخلائق أجمعين, و قد أشار تعالى لمعناهُ بآلقول:

[و ما أُمروا إلاّ ليعبدوا الله مُخلِصين لهُ الدِّين](1).

و (آلدِّين) لا يعني أداءُ آلعبادات ألشّخصيّة طبقاً لـ(رسالةٍ عمليّةٍ) كما تصوّر أكثر الناس؛ بل (آلدِّين) الحقّ هو طلب آلعلم بعد الأيمان لبناء ألحضارة الأنسانيّة ألرّاقية لخدمة و إسعاد البشريّة بدون تميّز أو فوارق طبقيّة و كما هو السّائد في عالم اليوم للأسف, بسبب ألعقائد و الثقافة الخاطئة المنتشرة الآن في بلاد الأسلام و غيرها من الدّول اللاأسلاميّة بقيادة الأمبراطورية الأمريكية.

أمّا (المُخلَص)؛ بصيغة (آلمفعول) فإنّ معناهُ الحقيقيّ يخْتصّ بمن طَبَعَهُ الله بطابع ألإخلاص, أيّ وَقَعَ تحتَ عناية الله ألذي طَبَعَهُ بختم الإخلاص, بعد ما رآهُ صادقاً و مُؤهّلاً لحمل ألأمانة ليكون خليفة الله في الأرض، فاستخلَصَهُ و جعلهُ خالصاً و أيّدَ إخلاصهُ بقوله تعالى:

[قال الشيطان: فبعزّتك لأغوينهم أجمعين. إلاّ عبادك منهم المُخْلَصين](2).

و في هذه الآية يُقسِم الشيطان بعزة الله تعالى بعد أن طرده الله من الجّنة لمّا رفضَ السّجود لآدم (ع) أنّه سيقوم بإغواء بني آدم كلّهم و هو القادر القاهر على ذلك .. و لكنه إستثنى منهم عباد الله المُخلَصين فقط.
لأنّ مَنْ إستخلصهم الله تعالى وَ وَقّع على إخلاصهم، لا يقدر إبليس على إغوائهم، و لم يستثنِ غيرهم حتى المُخلِصين ألذين تطبّعوا بطابع التديّن و إلألتزام بأوامر الله.

و تلك إشارة واضحة إلى أنّ إبليس يغوي كلّ البشر حتّى آلمؤمنين مهما بلغوا مراتب الأيمان أو إدّعوا آلدِّين و حتى آلمرجعيّة و الأعلميّة, بإستثناء (الحُكماء) آلّذين إختصّهُمُ الله تعالى بتأييدهِ و لطفهِ, لذلك حذاراً أنْ يغترّ أحد بإيمانهِ و نسبه و حسبه و لحيته و عمامته و مرجعيته و علمه و مؤلفاته و ربما هؤلاء هم أكثر من يسقطوا في الفتنة.

و لنا في قصص القرآن أمثلة على ذلك, و منها قصة بلعم بن باعور و قصّة العلامة الحليّ و أمثاله من فطاحل العلم و المعرفة خير شاهد على ذلك, فهذا العلامة الحليّ(رض), يقول لأبنه بعد وفاته في الرّؤيا:

[يا بني لولا كتاب (الألفين) و (زيارة الحسين)(ع) لقصمت الفتاوى ظهر أبيك نصفين](3), يعني بآلفتاوى(ألرّسالة العمليّة) التي كانت منهاج آلمسلمين للتقليد في ذلك الزّمن, و قس على ذلك!

لذلك عليكَ أيّها آلمُؤمن العالم ألفقيه الأنتباه و الحذر, بمراقبة حالك و التّخلص من (آلصّنميّة) التي إنتشرت في بلادنا و هي أخطرُ مرض عقائديّ ضَرَبَ الوسط آلشّيعي الذي إقتبس جذورها من الصّنمية السُّنية!

(صنمية العلماء و المراجع و الزّعامات ألدّينية و الفكرية و السياسية) تلك الصّنمية التي عطّلت دور العقل و آلعلم و آلأخلاق و الأنسانيّة و حكَّمَتْ صنميّة ألعجول ألبشريّة!

(الصّنمية) أخطرُ مرض و أخطر وباء باعَدَ بين آلشيعة و بين منهج الكتاب و العترة الطاهرة!

و الشيعة لا زالتْ تتحرّك باتّجاه الواقع البتري الذي سيقف بوجه إمام زماننا (ع)عند ظهوره الشريف!

إن الوعي و تفعيل العقل – خصوصا ألباطن - إنْ لمْ يتحقّق في وجودك بتأييد الله عبر مشاهدة آياته في قلبك و في آلآفاق فأنتَ على خطرٍ و إنحرافكَ مؤكّدٌ في كلّ قضيةٍ صغيرةٍ أو موقفٍ أو منعطف كبير يخلوا من رقابة الله قبل أيّ رقيب آخر.

و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.

عزيز الخزرجي

مُفكّر كونيّ

للتّواصل؛ عبر(المنتدى الفكري)؛

https://www.facebook.com/AlmontadaAlfikry
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة البينة/5.

(2) سورة ص/82 و 83.

(3) رآى إبن المحقق الكبير العلامة الحلي أباه في الرؤيا, و هو يقول:[يا بني لولا كتاب الألفين و زيارة الحسين(ع) لقصمت الفتاوى ظهر أبيك نصفين], و قصة كتاب (الألفين), هي أنّ أستاذ العلامة الحليّ كان ناصبياً و كان يملك كتاباً فيه ألف دليل على بطلان ولاية أمير المؤمنين(ع), و إستطاع بعد أن توسل إليه أن يستعير الكتاب من أستاذه الذي شرط عليه بأن يستعيره ليلة واحدة فقط, على أن يرجعه لأستاذه في صباح اليوم التالي, و كان ينوي استنساخه كي يبطل تلك الحجج فيما بعد بأدلة مخالفة, و لعدم وجود تكنولوجيا متطوره حينها لأستنساخ ذلك الكتاب في ليلة واحدة, لم يستطع العلامة من إكماله حيث أخذه سلطان النوم منتصف الليل, و عندها رآى الامام الحجة(ع), في الرؤيا و هو يقول: [لا تهتم فأنا سأتكفل بنسخه], و عندما نهض في الصّباح رآى الكتاب منسوخاً بآلكامل!

بعدها بدأ بكتابة ألف رّدٍ على ألف حجة, حيث كتب ألف دليل في إبطال تلك الحجج المخالفة لولاية عليّ(ع) و سماه بكتاب (الألفين), و في الحقيقة لا يحتوي الكتاب على ألفي دليل, بل ألف دليل على ألف حجة مخالفة,كما أن كل تلك الأدلة ليست مختلفة, بل تتشابه بعضها مع البعض الآخر و بعضها مكررة بصياغات مختلفة, على كلّ حال صار ذلك الكتاب مع زيارة الحسين(ع) وحدهما شفيعاً له من عذاب البرزخ و القيامة أن شاء الله, و لم تنفعهُ المرجعيّة و الأعلميّة و آلفتاوى و المؤلفات الكثيرة التي جاوزت المائة مجلد و بحث في الفقه و علم الرّجال و العقائد و الأخلاق و غيرها.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google