سوق الكاظمية يعاني الركود الاقتصادي
سوق الكاظمية يعاني الركود الاقتصادي


بقلم: محمد رضا عباس - 05-01-2017
يعتبر سوق الكاظمية من الاسواق المهمة في بغداد , حيث ينتشر فيه عشرات الالاف من باعة المفرد في سلسلة من الدكاكين الصغيرة المنتشرة على جانبي الطرق الرئيسية والفرعية و يتوسطها الاف اخرى من اصحاب الجنابر والذي يدير شؤونها على الاغلب شبان لا تتجاوز اعمارهم عن الخمسة عشر سنة.

حتى اعطي صورة واضحة للقارئ او الذي لم يزر الكاظمية من قبل , فقد اجريت احصائية عن عدد اصحاب الجنابر والمحلات التجارية في بعض مناطق المدينة فوجدت عددهم يتجاوز الخمسة مئة بين باب المراد و نقطة التفتيش فيها وهي مسافة لا تتجاوز 500 متر , وبين ساحة العروبة و المدرسة الايرانية القديمة فكان عدد الباعة يتجاوز الف وهي مسافة لا تتجاوز على 400 متر . هذه الحالة تتكرر في منطقة الشوصة والبحية وام النومي ومنطقة الزراعة وباب الدروازة وشارع أكد بل حتى بين المناطق السكنية وما بين الفروع. تتوزع البضائع التي تباع عن طريق الجنابر والبسطات بين ملابس الاطفال , الساعات اليدوية , الخضر والفاكهة , الاسماك الحية , الملابس النسائية , المكسرات بجميع انواعها , المخللات , الحلويات والمعجنات بكل انواعها , الشلغم المسلوق والحمص (البلبي) , بيع الزهور, ادوات الطبخ , السكائر وكاردات التلفونات , وانواع اخرى من البضائع.

الاعداد الضخمة من اصحاب الجنابر المنتشرين في كل اركان الكاظمية وتكدسهم في اماكن ضيقة جدا اصبحت ظاهرة خطرة تهدد اعمالهم وحياتهم وحياة المارة. كان الطريق من باب الدروازة الى باب القبلة اشبه بشارع الرشيد في سنوات الستينيات من القرن الماضي , و لكن منيزور هذا الشارع الان يجد انه قد اختفت معالمه تماما وذلك لكثر عدد الباعة فيه واصبح من الصعوبة على الزائر السير نحو الحضرة المقدسة بين الجنابر. شخصيا , وجدت ان تركز اعداد كبيرة من الباعة في هذا الشارع حالة خطرة تستحق الدراسة من قبل الحكومة المحلية لمدينة الكاظمية . على سبيل المثال كيف ستدخل سيارات اطفاء الحريق , لا سمح الله, الى هذا الشارع عندما يتعرض احد الباعة الى الحريق ؟ بدون شك سيكون عدد المتضررين كبير وربما ينتج منه اصابات بين الباعة والمتبضعين.

من خلال سوق الكاظمية يستطيع المراقب تسجيل بعض الاستنتاجات عن حالة الاقتصاد العراقي , المستوى المعاشي للمواطن العراقي , والقوة الشرائية له. سوق الكاظمية كبير و تراجعه يعتبر مؤشر عن حالة الاقتصاد الوطني التي نعيشها , لان سوق الكاظمية لا يقتصر على بيع المواد الاستهلاكية وانما يشمل بيع مواد تخص البناء والصناعة والزراعة . وعليه فان تعافي الاقتصاد الوطني يعني تعافي الاقتصاد الكاظمي والعكس هو الصحيح.

سوق الكاظمية مؤشر اقتصادي مهم لقياس المستوى المعاشي للمواطن العراقي حيث ان من خلال مراقبة سوق الكاظمية يستطيع الباحث الاقتصادي التوصل عن حالة المواطن الاقتصادية. نستطيع القول وبكل موضوعية ان المستوى المعاشي للمواطن العراقي قد انحدرت الى الاسفلمن خلال تراجع مبيعات صاغة الذهب , مواد البناء , بل حتى المطاعم , لولا كثرة عدد الزائرين للمرقد المقدس من البلدان الاسلامية . سوق الكاظمية يعتمد حاليا على بيع المواد الاستهلاكية وهي حالة تعيشها جميع الدول التي تعاني من الركود الاقتصادي. في ايام الركود الاقتصادي تتدهور القوة الشرائية للمواطن ويصبح جل اهتمامه بتوفير المواد الاستهلاكية لعائلته مؤجلا الصرف على المواد الرأسمالية الى وقت الرخاء. فمن لم يطمئن على دخله اليومي لا يستطيع شراء اثاث جديدة او سيارة جديدة او حاسوب او شراء دار له ولعائلته. السوق يعتبر مؤشرا اقتصاديا عن المستوى المعاشي الفردي للمواطن العراقي , ونظرة سريعة الى سوق الكاظمية نستنتج ان المستوى المعاشي للمواطن قد تدهور , والا ماذا يعني ان يصرف شاب عمره عشرين عاما يومه في بيع علب السكائر او كارت تليفون او دهينية (حلوى محلية) او لعب أطفال صغيرة او بيع المخللات في عربة صغيرة ؟
يعاني اقتصاد الكاظمية من مشكلتين خارجتين عن ارادته. الاولى هي التراجع الاقتصادي بسبب تراجع ميزانية الدولة العراقية والثانية هي انتشار نقاط التفتيش على مشارف المدينة. بينما لا احد يستطيع جر الاقتصاد العراقي من وضعه الحالي الا بعد تحسن اسعار النفط في الاسواق العالمية , فان القضية الثانية من الممكن معالجتها , وهي كثرة عدد نقاط التفتيش ومنع دخول السيارات الى المدينة المقدسة . لقد حدثني الكثير من تجار المدينة من ان هذه النقاط اصبحت سبب رئيسي في تدهور حجم مبيعاتهم وذلك بسبب التأخيرات في نقاط التفتيش. أحد الصاغة ذكر لي ان الراغبين بشراء المصوغات الذهبية من خارج مدينة الكاظمية أصبحوا يفضلون شرائها من اسواق خارج مدينة الكاظمية وذلك لسهولة الوصول لها وتوفر اماكن وقوف السيارات. تاجر اخر يختص ببيع اطارات السيارات ذكر لي ان مبيعاته تدهورت واصبحت ارباحه لا تسد حاجة بيته وعماله بسبب امتناع الراغبين لشراء الاطارات من المدن المجاورة لمدينة الكاظمية بدخول الكاظمية وذلك بسبب السيطرات ونقاط التفتيش وعدم وجود موقف للسيارات اضافة الى ان من يحتاج الى إطار لسيارته يستطيع شرائه من خارج مدينة الكاظمية وبأسعار أرخص وذلك ان التاجر في الكاظمية يدفع بدل ايجار شهري على المعدل مليون دينار في حين ان المحلات خارج مدينة الكاظمية قد لا تتجاوز 250 ألف دينار.

لا نريد التدخل في الشأن الامني فهو المتقدم على جميع شؤون الحياة وانه من اختصاص القادة الامنيين , ولكن على الحكومة المحلية عدم الاغفال عن هذه المشكلة لأنها اصبحت تؤثر على ارزاق الباعة في مدينة الكاظمية وعليها تكثيف لقاءاتها مع الاجهزة الامنية وابناء الكاظمية للاستماع الى آرائهم . ان طرح هذه المشكلة على المسؤولين في الشأن الامني بدون شك سوف يؤدي الى انفتاح الاجهزة الامنية على اراء المواطنين وسوف تفهم من ان هناك فئة كبيرة من الباعة في الكاظمية قد تأثرت مبيعاتهم سلبا من الاجراءات الامنية ولابد من وضع الحلول المناسبة لها.

مدينة الكاظمية تزينت بالصحن الشريف وببساتينها وابناءها النجباء وبتاريخها العريق. الكاظمية يجب ان تبقى مدينة محترمة , جميلة ونظيفة و مركز جذب لعشاق اهل بيت الرسول وان الاهتمام بسوقها هو أحد ادوات هذا الجذب وعدم الاهتمام بسوقها علامة من علامات تكاسل الحكومة المحلية فيها والتي سوف يحدد مصيرها الانتخابات القادمة.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google