أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١]
أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١]


بقلم: نــزار حيدر - 06-01-2017
أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟!
[١]
نــــــــــزار حيدر
إِنَّ أَحد أَسوأ الصِّفات التي تتميّز بها المجتمعات المتخلّفة هي صفة المُجاملة الزّائدة جداً عن الحدِّ والمديح الذي في غير محلِّهِ، وللأَسف الشّديد فانّها صفة بَعضنا نحن العراقييّن، لدرجةٍ ان ضاع فيها الحقّ وبِتنا نصنع الطُّغاة الفاسدين والفاشلين بكلِّ الصُّوَر، ولم نعُد نميِّز الصحّ من الخطأ حتّى انقلبت المعايير! وانتشرت ظاهرة النِّفاق وازدواج الشّخصيّة وتستّر الفاسد متلفّعاً بعباءة النّزيه!.
ولقد تضخّمت الصّفة عند بَعضنا حتّى ذكَّرتني ببيتِ شعرٍ قالهُ شاعرٌ تافهٌ رخيصٌ يمتدح حاكماً مملوكيّاً شهِدت مِصر في عهدهِ زلزالاً أرضيّاً دمّر الحرث والضّرع؛
ما زُلْزِلت مِصرُ مِن كَيدٍ أُريدَ بها
لكنَّها رقصَت من عدلِكُم طَرباً
فعلى الرَّغمِ من معرفة كثيرون مِن [عبدَةِ العِجلِ] وذيولهُ انَّ العراق أَصابهُ زلزالٌ في عهدِ الموما اليهِ! دمّر البلاد وجلّ مرافق الحياة وأَفلس الميزانيّة وأصبحت عُرضة لجرائم الارهابيّين عندما تمدّدت فُقاعتهم في عهدهِ حتّى احتلّت نصف العراق! وهو مشغُول برقصة [بعد ما ننطيها]! مع كلّ ذلك تراهم الى الآن يبرّرون لهُ ويجدون له الأَعذار!.
هم لا يقبلونَ بالتَّأكيد ان ينتقدونهُ، فهو بالنّسبةِ لهم [القائد الضّرورة] وهذا شأنهم لا علينا بهم، فقد يأتي اليوم الذي يعترفون فيه بخطأ تبريراتهِم عندما يطَّلعون على حقائق تخصُّ مواقفهُ غير الوطنيّة التي كان يتَّخذها بالسرِّ خاصَّةً كلّما زار العاصمة واشنطن! ليعرفوا انَّ إِدّعاءاتهُ بشأن المقاومة والموقف [المعادي] من الولايات المتّحدة وعنتريّات السّيادة المزعومة ليست سوى دِعايات إِنتخابيّة هو أَبعد ما يَكُونُ عنها!.
فأَن لا ينتقدونهُ فهذا شأنهم، هم أَحرارٌ في اتّخاذهم الموقف الذي يُناسبهم! وعليهم ان يتحمَّلوا مسؤوليتهُ أَمام الله والتّاريخ، أَمّا ان يمنعوا الآخرين من إِنتقادهِ بأَيِّ شكلٍ من الأشكال، فهذا ما لا يجوز لهم في كلّ الأَخوال، فكما أَنّهم يعتبرون سكوتهم عن أخطائهِ موقفاً شرعيّاً ووطنيّاً تُمليه عليهم المصلحة العُليا! فلماذا لا يتعاملون مع إِنتقادات الآخرين لهُ بانّهُ كذلك موقفٌ شرعيٌّ ووطنيٌّ تُمليه عليهم كذلك المصلحة العليا؟!.
يقولونَ انَّ إِنتقادهُ يكسر خاطر [ملايين] إِنتخبتهُ!.
اذا كان ذلك صحيحاً فصحيحٌ كذلك ان نتوقَّف عن انتقاد يزيد بن مُعاوية الذي قتل الحُسين السّبط (ع) لانَّ انتقادهُ وتحميلهُ مسؤوليّة الجريمة يكسر بخاطر ملايين النّاس الذين يتعبّدون بأفعالهِ الى الآن! كما انَّ علينا ان نتوقّف عن انتقاد الطّاغية الذّليل صدّام حسين لانَّ انتقادهُ يكسر بخاطر ملايين العُربان من القومجيّة الذين يَرَوْن فيه قائداً قوميّاً مِغواراً!.
وهكذا، ما يعني أَنّنا يجب ان نتوقّف عن انتقاد ايِّ أحدٍ كائناً مَن كان لانَّ لكلِّ واحدٍ في هذا العالَم عددٌ من النّاس يلتفّون حولهُ ويعتقدونَ بهِ سيكسر النَّقدُ خاطرهُم!.
حتّى الشّيطان يجب علينا ان لا نلعنهُ ونتعوَّذ باللهِ مِنْهُ، حسب هذا المنطوق الأعوج الأَفلج، لانّ هناك ملايين تعبدهُ وانَّ نقدهُ او لعنهُ سيكسِرُ بخاطرهِم!.
انَّ اصحاب هذا المنطق هم أَنفسهم لا يسلم منهم أَحدٌ فهم ينتقدونَ كلَّ مَن يقف أمامهُم مرجعاً كان أَم زعيماً سياسيّاً أَم أَيٍّ كان، وعندما ينتقدون لا يتورَّعون ولا يتذكَّرون قولهم للآخرين عندما ينتقدون عجلَهُم! فضلاً عن ذلك فانّهم أَنفسهم عندما يذكِّرهم أَحد بأَنَّ المرجع الذي تنتقدونهُ مثلاً يرجع اليهِ ملايين المؤمنين فلماذا تكسِرون خاطرهُم بانتقادهِ؟! يجيبونك بالقول؛ انَّ الكثرةَ مذمومةٌ في القرآن الكريم! الم تقرأ قولَ الله عز وجل {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}؟!.
وإِنّ من أَجملِ ما يتلفّعون بهِ هذه الأيّام للردِّ على مَن ينتقد عِجلهم، قولهُم انّ زيداً امتدحهُ! وكأَنّ المدح والثّناء صكُّ غفرانٍ أَو براءةٍ يمنحهُ مَن يَشَاءُ لمن يَشَاءُ متى ما يشاءُ!.
ولكن..ذمَّهُ آخرون! وعلى رأسهِم المرجع الأَعلى الذي أَوصد البابَ بوجههِ! الا يكفيكم ذلك دليلٌ لطردهِ من ساحتِكم، كما طردهُ النَّاسُ مؤخَّراً في النّاصريّة والعِمارة والبصرة؟! والحبلُ على الجرّار!!.
فلماذا المجاملات إِذن؟! ومَن الذي يُجامل؟!.
*يتبع
٦ كانون الثاني ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google