قتلوا الحشد الشعبي
قتلوا الحشد الشعبي


بقلم: رسول الخالد - 13-01-2017
عندما دخل النعمان بن مقرن على كسرى يزدجرد ودعاه إلى الإسلام ، كان هذا الأمر يمثل مفخرة إسلامية ، أن جعل واحدا من شيوخ قبيلة مزينة الصحراوية يخاطب رئيس ثاني إمبراطورية في العالم آنذاك ، بهذا الخطاب القوي الواثق ، وهذه المعنوية العالية كان يتمتع الجيش الإسلامي ، يصول ويجول مكتسحا الإمبراطوريات الواحدة تلو الأخرى بمُدد زمنية قياسية ، فالجندية لم تكن إجبارية أو أجوائية ، لا لأن الإسلام بدائي فهو وحي يوحى ، ولا لان النظامية غير مبتكرة, فجيوش الروم والفرس كانت متميزة بها ، بل لأن المؤسسة العسكرية كانت تعتمد على روح الإيمان, والحرية, والشورى ، موجهة نحو التنمية, باستغلال الإمكانات بأقل التكاليف والجهود ، فإن آلية الجهاد كانت قائمة على حملة عسكرية لإنقاذ المستضعفين أو رد خطر يٌهدد الدولة ، وبانتهاء المعركة تقسم الغنائم على المشاركين وينفق الباقي على مصالح الأمة وبعدها يعود المسلمون إلى ممارسة حياتهم الأسرية والاقتصادية.

دور الحشد الشعبي كان مشابها لذاك الدور الإسلامي في حفظ كيان الدولة من السقوط في أحضان داعش ، عندما استجاب لنداء الدين والضمير واستهانة بالمخاطر وبذل الدماء دفاعا عن الأرض والمقدسات ، إلا أن جعْله كباقي مؤسسات الدولة البيروقراطية ، كان خطأ كبيرا ارتكبه ساسة الشيعة ، كونه سيسحب الآلاف إن لم نقل مئات الآلاف من الشباب إلى حياة العسكرة ، مما ينتج نقصا بالإنتاج الصناعي والزراعي ، فضلا عن إرهاق كاهل الدولة بمزيد من الأموال تستوفى من رواتب الموظفين والمتقاعدين ! ، يتحول فيه المقاتلون إلى مستهلكين غير منتجين ، ضمن دائرة البطالة المقنعة ، يبحثون عن راتب آخر الشهر ، وينتظرون التقاعد نهاية الخدمة ، تضيع طاقتهم وتجمد كفاءتهم ، وتقتُل معنوياتهم القيود الإدارية والانضباطات الشكلية والروتينية وتفسدهم (الفضائية) التي نخرت جسد القوات المسلحة وجعلتها تهرب من المواجهة في أول اختبار حقيقي أمام داعش ، تتلاعب بهم الجهات السياسية كيف ما كان .

إن العراق اليوم هو أحوج إلى الإفادة من كافة الطاقات الشبابية بعملية البناء والتقدم فضلا عن إشاعة ثقافة السلم واللاعنف وتعزيز مبادئ الحرية واحترام الرأي الآخر ، والعمل على إزالة ثقافة العنف التي تشبع بها شبابنا نتيجة حروب نظام البعث وسياسته الطائفية والعنصرية .


هذا كله لا ينكر التضحيات الكبيرة ، ولا ينفي أهمية الإفادة من العناصر المميزة في الحشد الشعبي ودمجهم بالقوات المسلحة ، ورد الجميل للمقاتلين والشهداء والجرحى وعوائلهم بتوفير حياة كريمة من خلال إتاحة الفرص أمامهم وإيجاد سكن محترم والمساعدة على قضاء حوائجهم للحفاظ على كرامتهم وهيبتهم وإنجازاتهم ، فضلا عن استثمارهم كقوات احتياط يمكن استدعاؤها عند الحاجة أو عندما تتعرض البلاد لأي طارئ أو خطر داهم كما هو معمول في بعض الدول.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google