لماذا فشل الشعب العراقي في قيادة نفسه سياسيا ؟
لماذا فشل الشعب العراقي في قيادة نفسه سياسيا ؟


بقلم: خضير طاهر - 16-01-2017
لاأدعي إمتلاك الجواب الكامل لهذا السؤال ، لكني سأحاول التفكير من زاوية غير تقليدية تحدث قطيعة مع التاريخ السياسي الذي هو عبارة عن تاريخ من العشوائية والتلاعب بمصير البلد وتبديد وسرقة المال العام والعمالة للدول الخارجية والصراعات والإنقلابات والحروب .. هذا التاريخ كتبه الشيوعيون والقوميون والإسلاميون الذين كانوا طرفا في فشلنا جميعنا في قيادة أنفسنا سياسيا رغم التضحيات الكبيرة التي أزهقت أرواحا كثيرة من أبناء شعبنا الذين غررت بهم الأحزاب أو إندفعوا بشكل فردي !

لماذا فشل شعب كامل على مدى 96 سنة من عمر الدولة العراقية الحديثة في قيادة نفسه وبناء بلده وتثبيت الإستقرار فيه ؟


نحن امام كارثة كبرى وفجيعة مستمرة ، وليس سؤالا عابرا يتعلق بالتاريخ ، بل ان المصيبة تتواصل لغاية الآن ، وكل يوم نعيد ونكرر نفس الأخطاء والخطايا والجرائم بحق أنفسنا ووطننا ، وكأننا إستسلمنا لقدرنا التعيس هذا دون ان تخرج منا مشاريع وطنية حقيقية تسعى لإنقاذ ما تبقى من العراق .

لو أردنا ان نعدد بعض أسباب الفشل السياسي المزمن .. يمكن ان نعدد على سبيل المثال :

- عبادة الأفكار والشعارات .. فالأحزاب كافة الشيوعية والقومية - البعثية والإسلامية .. كان خطابها وتفكيرها يعطي للأفكار أهمية قصوى على حساب مصالح الإنسان ، ولاأحد منها فكر بواقعية ووضع مصلحة البشر أولا وجعل الأيديولوجيا وشعاراتها في خدمة المواطن وليس طوقا وسجنا فوقيا يريد جعل الفرد والمجتمع في خدمتها - أي خدمة الأيديولوجيا -

- الفشل في النشاط الجماعي على كافة الصعد سواء في النقابات أو الجمعيات أو الأحزاب أو أي تجمع صغير آخر مثل : إدارة مسجد أو حسينية أو موكب أو نادي رياضي وغيرها .. فالتكوين النفسي للمواطن العراقي لديه قصور كبير وخطير في الجانب الإجتماعي والشعور بالمسؤولية نحو الجماعة ، إذا تجد العراقي مزاجي وشكاك بالآخرين وأناني يبحث عن الزعامة ولايفكر بشكل عقلاني مؤسساتي لأنه غير ناضج نفسيا في سلوكه وتعامله مع الناس والأحداث حتى لو كان متعلما ومثقفا فهو يعاني من (( الطفالة النفسية )) بحسب ما يسميها التحليل النفسي .

- عدم تبلور مفهوم الوطنية لدى الأحزاب والجماهير .. فالحزب الشيوعي يدعو الى الأممية ، والقوميون يدعون الى القومية العربية ، والإسلاميون يدعون الى الأمة الإسلامية ، زائدا الإنقسامات الطائفية والقومية والعشائرية والمناطقية ، ولم تؤثر الأصوات المستقلة الوطنية القليلة في المجتمع مما أحدث غيابا للمشاعر الوطنية لدى غالبية أفراد الشعب .. وإختفى هدف بناء الوطن عن الإذهان .


- غياب السيادة على القرار السياسي .. كانت ولاتزال جميع الأحزاب تتصرف بناءا على الأوامر الخارجية ، الحزب الشيوعي كان في ياخذ أوامره من موسكو ، والتيار القومي - من ضمنه حزب البعث- كانت تحركه مصر وسوريا ثم دخلت السعودية ومعها دول الخليج على الخط ، والإسلاميون الشيعة معروف إرتباطهم بإيران ، وحتى الإسلاميين ( السنة ) كانوا في الماضي يرتبطون بالإخوان المسلمين في مصر والآن يرتبطون بإيران ، إضافة الى الأفراد والتجمعات الصغيرة من المرتزقة المتربطة بدول الخليج .

- غياب القيم الأخلاقية لدى السياسي العراقي .. اذا كانت السياسة الخارجية بين الدولة لاتحكمها الأخلاق وانما المصالح ، فإن السياسية الداخلية يجب ان تنطلق من القيم الشريفة الحريصة على مصالح الشعب ، لكن السياسي كان ولايزال يمارس السياسة بعقلية عصابات المافيا لإبتزاز وإفتراس وقهر وسحق إبن بلده ، بل كل حزب كان ينشأ ميليشيا مسلحة لقتل الناس ، فالحزب الشيوعي أسس ميليشيا المقاومة الشعبية ، والقوميون - البعثيون أسسوا الحرس القومي ، والإسلاميون أنشأؤا عدة ميليشيات مسلحة وليس واحدة ، ( والسنة ) حينما خسروا السلطة واصبحوا معارضة أسسوا الخلايا المسلحة وأدخلوا القاعدة وداعش الى العراق بهدف قتل أبناء شعبهم .

ماهو الحل ؟

ليس هناك حلول محلية لعارنا الجماعي هذا ونزيفنا المستمر .. لقد فشلنا على مدى 96 عاما .. وعجزنا تماما عن إيجاد الحلول لإنقاذ أنفسنا ، وأصبح لزاما علينا البحث عن من ينقذنا ، ومثلما نستعين بالطبيب الأجبني والمهندس الأجنبي والمدرب الرياضي الأجنبي والشركات الأجنبية لأنها تمتلك خبرة وتصميم على النجاح .. لابد أيضا ان تستعين بالدول الأجنبية للوصاية على العراق ، ولايوجد أفضل من الولايات المتحدة الأميركية التي أنقذتنا من ظلم وجرائم نظام صدام من ان تكون هي الوصي والمرشد والضابط لسلوكه التدميري ضد نفسه !

*- طالع مقالة : فشل الشعب العراقي في قيادة نفسه .. يجعله بحاجة للوصاية الأميركية



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google