العراق، نقطة البداية للزمن الأميركي الجديد
العراق، نقطة البداية للزمن الأميركي الجديد


بقلم: سليم الحسني - 17-01-2017
بحسب الطبيعة العامة للمجتمع العراقي، فان من السهل إخضاعه لبرامج التأثير والتحكم من قبل الأجهزة الدولية، فقد وجدت فيه الولايات المتحدة الوسط الأمثل لتطبيق سياساتها الخفيه، ومن ثم تحديد حاضره وترسيم مستقبله، وكذلك الانطلاق منه في التأثير على الواقع الإقليمي لما كانت تخطط له تحت عنوان الشرق الأوسط الكبير.

وجدت الولايات المتحدة أن العراق أسهل بكثير مما كانت تتصوره قبل إسقاطها النظام الدكتاتوري وفرض الاحتلال العسكري عليه، وزالت الكثير من مخاوفها واستعداداتها لفترة ما بعد صدام.

كانت الولايات المتحدة في غزوها للعراق، تبدأ مرحلة جديدة من تاريخها، وقد انتظرت اكثر من عشر سنين وهي تخطط وتستعد لصناعة تاريخ جديد للعالم. فبعد ان انتهت من الحرب الباردة بنصر كاسح على الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية، انصرفت جهودها وأبحاثها ودراساتها لبلورة فكرة العالم الجديد، مستندة الى تجاربها الطويلة في صراعاتها وحروبها وإدارتها للأزمات الدولية على مدى القرن العشرين.

وعندما كانت وسائل الإعلام بكل اللغات ومراكز الدراسات والأبحاث تتحدث عن النظام الدولي بقطبيته الأحادية، لم تظهر الولايات المتحدة تفاعلاً مع ذلك التوصيف، رغم انه يعني مبايعتها رسمياً بزعامة العالم بأسره. كما لم تظهر الاهتمام بوجهات النظر التي تطرح حول كيفية الحفاظ على موقعها المتفرد.

وقد كان ذلك غريباً الى حد كبير، كيف لدولة بحجم الولايات المتحدة تخوض حرباً تنافسية طويلة مع أشرس القوى الدولية على مدى أكثر من أربعة عقود، وحين تحقق انتصارها الخيالي، فانها لا تظهر الفرحة؟، وتتعامل مع النتيجة بمستوى أقل من مستوى فرحتها بمبارة في كرة القدم. بل انها تعاملت إعلامياً مع تحريرها للكويت من الاحتلال العراقي عام ١٩٩١، باهتمام أكبر بكثير من انتصارها على الاتحاد السوفيتي. كما كانت قد تعاملت بنفس المستوى قبل ذلك بانهيار جدار برلين في تشرين الثاني ١٩٨٩.

يكمن السبب في ان الولايات المتحدة كانت تنظر الى ان انهيار السوفيت، اصبح أمراً محتوما منذ أواخر الثمانينات، وأن عليها أن تستعد لمرحلة ما بعد انهياره، وهي فترة البحث والتفكير والتخطيط التي دامت ما يقرب من عقد من الزمن، حتى استقر رأيها على صناعة التاريخ الجديد، بالتفاصيل والخطوط العامة، السرية منها والمتسربة، وحين شرعت في تنفيذه، فانها في الوقت نفسه كانت تعمل على تطوير أفكارها واستراتيجياتها باستمرار، لأن العالم الجديد كان يعني حسم المستقبل لصالحها، بما تستطيع الإحاطة به من احتمالات ومفاجآت ومتغيرات.

كانت منطقة البداية تتمثل في الشرق الأوسط، وكان من سوء حظ العراق، انه البداية، بعد المبررات التي قدمها النظام السابق، ووضع العراق هدفاً للاحتلال الأميركي.

وحين دخلت القوات العسكرية الأميركية العراق، وجدته سهلاً، يمكن التحكم به، والسيطرة عليه والتلاعب بحاضره ومستقبله. حيث توفر طبيعته الاجتماعية، مساحات واسعة وخيارات مفتوحة، وربما بشكل لم تمر به الولايات المتحدة مع أي دولة خضعت لاحتلالها من قبل.

على هذا المحور ستكون هناك سلسلة من المقالات تحت عنوان (استراتيجية واشنطن)، تتناول الشأن الدولي والإقليمي، وسيكون العراق بطبيعة الحال هو المرتكز بحكم موقعه في معادلات الصراع والتنافس والمتغيرات الدولية والإقليمية، ومن خلالها يمكن أن نتعرف على طريق الحل.
لها تتمة



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google