«المسبار».. في الحراك الإسلامي
«المسبار».. في الحراك الإسلامي


بقلم: رشيد الخيّون - 18-01-2017
قبل 11 عاماً فاتح تركي الدِّخيل مجموعة من الباحثين، في شأن الإسلام والإسلام السياسي، عن نيته لتأسيس مركز للدراسات، يختص في الحركات الإسلامية، من أهدافه مواجهة العنف الديني والطائفية وكشف أسبابهما. يصدر عن المركز كتاب شهري بالاسم نفسه، يشترك في كل كتاب عشرة باحثين، حسب التخصص والاهتمام، وكثيراً ما يشترك في التَّأليف أهل الحركة أو المذهب، ولا يتدخل التحرير إلا في ما يخص التوثيق وسلامة اللغة.

صدر الكتاب الأول في موضوع «السّرورية»، حركة ظهرت بترتيب الإخواني محمد سرور السُّوري (ت 2016)، تجمع بين فكر «الإخوان المسلمين» والسلفية، وجلّ أتباعها ظهروا تحت مسمَّى «الصحوة». بعده فتح المركز ملفات عصية، داخل الحركة الإسلامية، وبشتى فروعها، من الحركات بمصر: كالسلفية الجهادية، و«الإخوان المسلمين». تتبَّع الكتاب تأسيس وتحرك «الإخوان» في شتى البلدان: تركيا، الأردن، سوريا، السودان، العراق، الإمارات، ليبيا، تونس، المغرب، موريتانيا، الصومال، اليمن، ودول الخليج. كذلك تناول التعليم الديني، المدارس السنية والحوزات الشيعية، وحركاتٍ ما كان يطرأ على البال الخوض فيها، وذلك لصعوبة البحث والغموض الذي يشوبها.


أبحر كتاب المسبار إلى الصين، وكشف عن تأثر المسلمين الصينيين بـ«الإخوان» والحركات السلفية، وإلى ماليزيا وإندونيسيا، بعد أن بحث في الحركة الإسلامية اليمنية، ثم أفرد للزيدية وتفرعاتها كتاباً، و«حزب الله» والسلفية بلبنان، والتشيع السياسي بالعراق، من أحزاب وجماعات. لم يبتعد الكتاب عن موضوعه عندما تناول «المؤسسات الدينية» التقليدية، والمؤسسات الدينية التعليمية، من الشرق إلى الغرب، من دون نسيان الصوفية، والتي كثيراً ما يتضح دورها في مواجهة الإسلام السياسي، حتى كانت موضوع كتاب (120) الصادر في ديسمبر 2016 مختصاً بالمولوية. ولأن عالم التصوف، الذي يختلف من بلد إلى آخر، إسلام موازٍ، أطلق عليه كتاب المركز تسمية «الإسلام النائم»، والوصف ليس فيه تقليل شأن، فالإسلام السياسي والتصوف يعتمدان التجمع حول قطب أو مرشد، ذاك يتحرك سياسياً، وهذا لا يرى الحزبية، وقد ظهر بالشام، بعد الحوادث الجسام، أنه خارج السياسة وداخل الدين. قُدمت دراسات عن التصوف بالعراق واليمن والمغرب ومصر وتركيا، وهنا توقف الكتاب عند البكتاشية، الجماعة الملتبسة التي وقع تحت تأثيرها أُمراء وسلاطين، وتداخلت مع العلوية، فأخذت الأخيرة عنها الطقوس.

كان للنساء حظ في الكتاب، الحركات النسوية والتأثير الديني السياسي عليهن، قبل وبعد «الربيع العربي»، وكان هذا «الربيع» ودور الإسلاميين فيه محط اهتمام، فما أن شبت حوادث ليبيا حتى أسرع المركز إلى دراسة الحركة الإسلامية فيها، والجماعات المتواجهة هناك، والتي اتخذت مِن الدين موضوعاً في تحركها.

أما الحركات المتطرفة فكان للكتاب جولات فيها، بدايةً من تأسيسها إلى تطرفها في المفاهيم والمصطلحات، إلى مراجعات أقطابها. قد لا يطرأ على البال السؤال: بعد انفصال جنوب السودان، ما حال المسلمين في الدولة المسيحية الجديدة؟ فصدر كتاب «الإسلام في دولة جنوب السودان»، وامتد من هناك إلى جنوب أفريقيا، في كتاب «المسلمون في جنوب أفريقيا»، ولم يغب عن الكتاب حال المسلمين (الروهينجا)، وخص الإسلام في أوروبا وأميركا وأستراليا بأكثر مِن كتاب.

يمكن عدّ كتاب «المسبار»، إنسيكلوبيديا للحراك الإسلامي السياسي، شرقاً وغرباً، تجد ضالتك فيه عن أي حزب أو حركة دينية سياسية، ولم تُغفل «الحركة الإسلامية الكُردية» العراقية، التشيع في المغرب العربي، والسُّنة بإيران، والنشاط الإسلامي بباكستان، وجماعة التبليغ، والسلفية على العموم، وما بين «الإخوان المسلمين» وولاية الفقيه، إلى الشرطة الدينية في أكثر مِن بلد، وأبعد مِن هذا الحراك الإسلامي في الصين والشيشان والقوقاز.

بطبيعة تخصصه، واجه المركز ردود أفعال شديدة، من قبل الإسلاميين بالذات، وكان أول المحتجين «الإخوان المسلمون»، مع أنه كتاب معرفة، وكثيراً ما كُلفت تلك الجماعة أو هذا الحزب بالكتابة عن نفسها فيه، ومن يكتب لم يكن بعيداً عن توجهها.

أتذكر، اتصلنا (2008) بشخصية جهادية عراقية، تعيش في أوروبا، كي تكتب عن الجماعة الجهادية التي ترأسها، فطلب ساعتين ليرد، ومرت الساعتان، وقال: هذا مركز أميركي عميل! فلم نُطل النقاش، فقلنا: نفترض أن معلومتك صحيحة، وهي لا صحة لها، لكن أكتب ما تريده، إلا الشتم، فهذا مردود ضد أي جهةٍ كانت. رفض الكتابة، لكنه أرسل مذكراته التي ينزِّه فيها جماعته، فنُشرت قراءة وافية عنها في الكتاب نفسه. لو أُخذت بنظر الاعتبار الأقاويل والتشنيعات لتوقَّف الكتاب في سنته الأولى، هذا ولقَعْنب بن ضمرة (ت 95هـ): «إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً/ عني وما سمعوا مِن صالحٍ دفنوا» (الزركلي، الأعلام)، لكن المركز خطط لبعد الـ120 كتاباً.
الاتحاد الإماراتية



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google