هل سقط خيار السلمية في ساحة الإعدامات بالبحرين؟
هل سقط خيار السلمية في ساحة الإعدامات بالبحرين؟


بقلم: ساهر عريبي - 18-01-2017


[email protected]

الرصاصات التي أطلقها النظام الحاكم في البحرين على قلوب ثلاثة بحرانيين صباح يوم الأحد الماضي, يبدو بنظر البعض أنها أسقطت خيار التغيير السلمي في البلاد, الذي راهن عليه الكثيرون لإحداث تغيير ديمقراطي في البلاد منذ إندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير في العام 2011 . فهذه الرصاصات التي اودت بحياة ثلاثة أبرياء تعكس بنظر هؤلاء ومنهم تيار الوفاء الإسلامي (أحد فصائل المعارضة البحرانية( اصرار النظام على مواجهة المطالب المشروعه للبحرانيين بلغة السلاح وليس بلغة الحوار التي راهن عليها الكثيرون لتحقيق اهداف الثورة , إذ تبيّن وبشكل واضح وجلي وبالتزامن مع قرب دخول الثورة عامها السابع على التوالي, أن عائلة آل خليفة الحاكمة لاخيار في جعبتها سوى خيار القمع الوحشي, واما خيار الإصلاح فهو كالسراب الذي يحسبه بعض العطاشى ماءا.

ويدّعي البعض أن هذه الرصاصات أثبتت كذلك صحة خيارات القوى الثورية التي تمتلك بصيرة ورؤية واضحة, ظهرت جلية عبر رفعها لشعار إسقاط النظام وايمانها باستحالة اصلاحه ومنذ اليوم الأول للثورة, فيما عارضت الجمعيات السياسية المعارضة هذا الشعار, وراهنت على خيار إصلاح النظام بدلا من اسقاطه. فالقوى الثورية تعلم علم اليقين ومن خلال تجربة الشعب المأساوية مع عائلة آل خليفة والتي يمتد عمرها الى اكثر من قرنين من الزمن, أنها ليس بوارد التخلي عن نزر يسير من إمتيازاته ومن سلطاتها, بل إنها ترفض معاملة البحرانيين من أبناء البلد الأصلاء كمواطنين من الدرجة الأولى بل ولا حتى من الدرجتين الثانية والثالثة, بل تصنفهم مواطنين من الدرجة الرابعه.

فأفراد العائلة الخليفية هم مواطنون من الدرجة الأولى يهيمنون على المناصب السيادية في البلاد وعلى مجمل خيراتها وأراضيها, ويليهم في الدرجة الثانية الموالون لها طائفيا, وبعد ذلك مواطنوا الدرجة الثالثة وهم المجنّسون الذين تحوّلوا الى أداة طيعة لتنفيذ مخططات العائلة وتعزيز سلطاتها , ومن يثبت أقصى درجات الولاء في هذه الطبقة فإنه سرعان ما يتحول الى مواطن من الدرجة الثانية, فيما يقبع في آخر السلسلة اهل البلد الاصليين من البحرانيين, الذي يعانون من التمييز الطائفي ومن التهميش السياسي, والحصار الإقتصادي, ومن ينبس منهم ببنت شفة, فستضيق عليه أرض البحرين بما رحبت, ولن يجد له مأوى إلا خلف قضبان السجون, او العيش مطاردا في بلاده, أو التغرب في المنافي أو الدفن تحت التراب, وكما كان عليه مصير الشهداء الثلاثة عباس السميع وسامي مشيمع وعلي السنكيس, الذي دفعوا ثمن مطالبتهم بحقوق شعبهم المهدورة.

استهدفت قوات النظام المتظاهرين العزّل بنيران اسلحتها ومنذ اليوم الأول للثوره حتى سقط عشرات الشهداء,, استعان النظام بالجيش السعودي لقمع ثورة الشعب العادلة, اعتقل النظام قادة ورموز الثورة وأصدر عليهم أحكاما مطولة بالسجن, كمّم النظام الأفواه واعتقل كل من يرصد إنتهاكاته لحقوق الإنسان, أسقط جنسيات المعارضين, تمادى في ما يسمى بجلسات الحوار لفرض حلوله الترقيعية التي لا تمس جوهر مطالب الداعين لإصلاحه والتي تتمحور حول تشكيل حكومة تنبثق من برلمان منتخب , فكان يحاور من جهة ويقتل أبناء الشعب بيد أخرى,ولكن خيار السلمية ظلّ وبالرغم من ذلك هو الخيار الأول.

والنظام حوّل البلاد الى ثكنة عسكرية للقوى الأجنبية طمعا في حمايتها له من السقوط, فهناك الأسطول الخامس الأمريكي, والقاعدة العسكرية البريطانية والقوات السعودية وقوة امواج الخليج التي كان يعمل الضابط الإماراتي القتيل طارق الشحّي في صفوفها, وهناك آلاف المرتزقة المستوردين من شتى بقاع الأرض لقتل وتعذيب أبناء البلد الأصليين, وفي سابقة لا مثيل لها في العالم سوى في البحرين التي يستعين حكامها بالأغراب لقمع أهل البلد.

وفي نهاية المطاف وبعد أن حجّم النظام الخط الثوري المطالب بإسقاطه والذي نأت عنه الجمعيات السياسية بعيدا بل وتبرّأت منه, إلتف النظام على المراهنين على الإصلاح وعلى الخيار السلمي, فاعتقل قادة الجمعيات وامر بحل جمعية الوفاق, ومع ذلك بقي الرهان السلمي قائما, وهي سابقة فريدة هي الأخرى في تاريخ الدول, فعندما تعتقل سلطات ما زعيم المعارضة تقع ردود أفعال شعبية تدخل في دائرة العنف المبرّر والمتناسب مع حجم الفعل, ويتفهم المجتمع الدولي حينها ذلك, ولكن ذلك لم يحصل في البحرين, واقع شجّع النظام على التجاوز على مقام اكبر مرجعية روحية في البلاد ألا وهو آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم الذي سلب جنسيته وقدّمه للمحاكمه.

وصل النظام الى ذروة طغيانه عندما مزّق قلوب هؤلاء الشباب الثلاثة بلا ذنب ارتكبوه سوى انهم ينتمون الى عوائل معارضة, فجميع الأدلة أشارت الى عدم علاقتهم بحادثة مقتل الشحي, فعلي السنكيس لم يتم التحقيق معه حول ذلك بل حول قضايا اخرى تتعلق بنشاطه الثوري, واما الأستاذ عباس السميع فقد اكدت الأدلة على تواجده في مدرسته ساعة وقوع الحادثه, فيما لم يثبت وحتى تقنيا علاقة سامي مشيمع بالحادثة.

وبعد كل هذه السيرة البشعة لهذا النظام طوال السنوات الست المنصرمة, وإذا ما أضيفت لها عقود من القمع والتنكيل والإضطهاد, فإن تساؤلات مشروعه تطرح اليوم في الشارع البحراني حول جدوى الرهان على خيار إصلاح نظام أثبتت سيرته انه عصي على الإصلاح , وحول جدوى الإستمرار بالمراهنة على خيار السلمية في وقت لا يجيد فيه النظام سوى استخدام السلاح. تساؤلات مشروعة عزّزت هذه الجريمة التي ارتكبها النظام من أجوبة المراهنين على إسقاط النظام واستحالة اصلاحه عليها, أجوبة تبنى على ان خيار السلمية ليس سوى خيار الإستسلام للنظام بإنتظار ساعة النحر او الحرمان من الحرية أو الحرمان من حق المواطنه او التشرّد, وكما ذهب لذلك تيار الوفاء الإسلامي الذي اعلن الكفاح المسلّح.

غير ان خيار الكفاح المسلح سيؤدي بنظر دعاة السلمية الى زعزعة امن واستقرار البحرين بل وحتى المنطقة وهي وجهة نظر رصينه, ولكن ينبغي تحميل النظام مسؤولية ذلك,مع الأخذ بنظر الإعتبار إغلاق أبوابه أمام جميع الحلول السلمية وإصراره على منطق القوة . وكذلك فإن مسؤولية كبرى تقع على عاتق حلفاءالنظام الدوليين وكذلك داعميه الإقليميين , في منع انزلاق البحرين والمنطقة نحو المجهول, وذلك عبر نزع فتيل هذه الأزمة بإجبار النظام على الإستجابة الى مطالب الشعب وبشكل سلمي, وبغير ذلك فإن دخول البلاد والمنطقة في دوامة من العنف لن يتحمل مسؤوليتها سوى النظام وحماته الإقليميين والدوليّين.





Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google