استيرادات السلع والخدمات لا تدخل ضمن اقتصاد الظل او المستتر
استيرادات السلع والخدمات لا تدخل ضمن اقتصاد الظل او المستتر


بقلم: محمد رضا عباس - 18-01-2017
قرات مقالة غريبة على هذا الموقع الكريم يدعي صاحبها ان البنك باع 33 مليار دولار في عام 2016 , ولكن العراق او التنمية الاقتصادية لم تستفيد منها , لان هذا المبلغ قد ذهب الى جيوب السياسيين الذين شاركوا التجار في تجارتهم . الكاتب طالب القضاء على طبقة التجار الغير وطنيين وخلق طبقة وطنية من التجار تستطيع تسويق الإنتاج العراقي داخليا وخارجيا.
بينما لا اختلف مع من يقول ان الاستيرادات الغير منضبطة , كما هو الحال في العراق الان , لا يخدم الاقتصاد الوطني لان القوى العاملة المستفيدة من هذا الوضع هي الطبقة العاملة في الدول المصدرة . أي عندما يستورد العراق كمية من الأثاث من جمهورية مصر العربية فان المستفيد هو العامل المصري الذي صنع الأثاث , وتاجر الأثاث العراقي والذي يستفيد من فارق سعر الشراء والبيع ( الربح) ولكنه التاجر العراقي لم يقدم أي خدمة للنجار العراقي او الصباغ او عامل الدوشمه . وهكذا , فان تاجر الأثاث ستكثر ثروته على حساب فقر طبقة النجارين واخرين في مهنة صنع الأثاث الذين يبحثون عن عملا ولا يجدوه . ولكن استيرادات تاجر الأثاث من مصر او غيرها تدخل ضمن الاقتصاد الشرعي وليس ضمن اقتصاد الظل طالما وان استيراد الأثاث لم تمنعه الحكومة وان التاجر قد دفع الضريبة على استيراداته , وعليه فان قيمة استيرادات الأثاث تدخل ضمن قائمة اجمالي الإنتاج المحلي كرقم حاله كحال المصاريف الاهلية , الحكومية , الاستثمار , والصادرات . بكلام اخر , طالما وان الاستيراد يدخل العراق بموافقة الحكومة العراقية ويتم تسجيله على الحدود العراقية من قبل موظفي الجمارك فان الاستيراد يصبح مشروعا ولا يدخل ضمن الاقتصاد المستتر او الظل . ولكن الاستيراد الذي لا يدخل الى العراق بالطرق القانونية بالتأكيد يدخل ضمن الاقتصاد الظل , ويعتبرا في هذه الحالة " بضاعة مهربة" . على سبيل المثال مستورد يهرب اغنام اشتراها من سوريا او ايران الى العراق وبيعها في الأسواق العراقية تعتبر اقتصاد ظل , لأنها لا تدخل ضمن السجلات الحكومة السنوية . امثلة كثيرة تدخل ضمن اقتصاد الظل مثل بيوت الدعارة , مقاهي القمار , بيع المخدرات , بيع وشراء الاثار المهربة , تجارة تهريب البشر, الرشوة , والتجارة بالأعضاء البشرية .
ولكن ليس الاعمال التي تجلب العار والشنار الى أصحابها هي وحدها تدخل ضمن اقتصاد الظل , وانما هناك اعمال شريفة تدخل أيضا ضمن اقتصاد الظل مثل تحضير الزوجة وجبة إفطار او عشاء لزوجها و أولادها , حيث هناك مثل رائج في الولايات المتحدة الامريكية يقول ان زواج صاحب البيت من خادمته يقلص الإنتاج الوطني , لان صاحب البيت قبل الزواج كان يدفع الأجور لخادمة , بينما لا يدفع أجور تحضير وجبة غذاءه الى زوجته . ضمن اقتصاد الظل يدخل أيضا عمل احد موظفي الدولة والذي يضطر تحت الضائقة المالية استخدام سيارته لنقل الركاب , او يعمل صباغ دور او ميكانيك او نجار . بالحقيقة سوف لن أخطأ ان قلت ان حوالي 40% من الاعمال في العراق تدخل ضمن اقتصاد الظل او المستتر وكل ما نحتاجه اليوم هو النظر الى الكم الهائل من الباعة المتجولين واهل البسطات. أي من أصحاب البسطات يقدم معلومات عن مبيعاته السنوية الى الحكومة؟ واي منهم دفع ضريبة الدخل؟ الجواب هو صفر.
الاستيرادات ليست شر مطلق بل هي حالة ضرورية لأي تقدم اقتصادي لأنه لا يوجد دولة في العالم تستطيع العيش بدون تجارة. بالحقيقة الاكتفاء الذاتي حالة يرفضها علم الاقتصاد ويعتبرها حالة ضد الكفاءة. باستطاعة الدنمارك انتاج فاكهة البرتقال , ولكنها تستورد البرتقال من مصر و المغرب لان كلفة انتاجه محليا اغلى من كلفة استيراده من هذين البلدين . كما وان الاستيرادات تساعد على تخفيض نسبة التضخم المالي للدول المستوردة. على سبيل المثال , بفضل الاستيرادات استطاع العراق السيطرة على التضخم والذي لم يتجاوز003 . 0 في العام المنصرم. يضاف الى ذلك فان استيرادات البضائع الرأسمالية تسارع في عملية التنمية , حيث انه ليس من المتوقع ان يكون بلدا منتجا للآلات الثقيلة ليكون متقدما .
لا افهم لماذا هذا التحامل على طبقة التجار ولولاهم لجاع العراق وخربت البيوت. السوق الخارجية تسد 97% من حاجات العراق , وبدون السوق الخارجية لمات المواطن العراقي من قلة الطعام والأدوية ولرجعنا الى عصر ركوب البعير والحمار . فلماذا هذا اللوم للتاجر العراقي الذي يوفر الطعام والأدوية للمواطن العراقي؟ بفضل التجار اصبحنا ناكل اللحوم والفاكهة والخضر المتنوعة , وبفضل التجار أصبحت بيوت العراقيين متخمة بالأثاث المتنوع المنشئ . وبفضل التاجر أصبحنا نحن الرجال لدينا الخيار بشراء البدلات العالمية وبأرخص الأسعار. اعتقد ان من المعقول تقديم الشكر والثناء للتجار الذين يوفرون السلع والخدمات في الأسواق العراقية. ولكن هل الاعتماد الذي يكاد يكون كليا على البضائع المستوردة حالة صحية؟ الجواب هو لا. يجب على العراق ان يعمل جاهدا لإعادة الحياة الى القطاع الزراعي والصناعي , بدون ذلك سيكون العراق معتمدا في غذاءه على الاخرين وسوف تعود مناظر جنائز الأطفال الذين ماتوا جوعا او من شحة الادوية في زمن المقاطعة العالمية مع كل مشكلة سياسية مع الغرب .
لا يجوز لوم التجار لانهم اتخذوا مهنة استيراد السلع والتي هي بالأساس ليست مهنة سهلة , وانها لا تدخل ضمن قائمة اقتصاد الظل , كما ليس جميع التجار شاركوا السياسيين في تجارتهم , اللوم كل اللوم يقع على عاتق الحكومة العراقية لعدم استطاعتها بعث الحياة الى القطاع الزراعي والصناعي . التاجر لا تهمه ان كانت البضاعة التي يبيعها مصنوعة في سويسرا او في عفك إذا كانت هناك بضاعة متوفرة ضمن القياسات العالمية واسعار تنافسية. المشكلة ان الفلاح العراقي لم يستطع انتاج ما يحتاجه المطبخ العراقي من خضروات وفاكهة , والصناعة لم تستطع تلبية حاجات العراقيين من الأثاث والملابس و الأحذية وأدوات الطهي , والمواد الكهربائية . وبكلام اخر لا توجد بضاعة " صنعت في العراق " ليتاجر بها تجار العراق. هناك عوائق حقيقية تقف حائلا ضد تقدم البلد الزراعي والصناعي , والتاجر ليس طرف فيها . بكلام اخر , اعطني منتوج وطني مقبول و بأسعار تنافسية , اعطيك تاجرا وطنيا .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google