ما بين توعية تنويرية و آخرى " توعية عاكَولية " تكريرية و ازدرادية !..
ما بين توعية تنويرية و آخرى " توعية عاكَولية " تكريرية و ازدرادية !..


بقلم: مهدي قاسم - 22-01-2017

ما بين توعية تنويرية و آخرى " توعية عاكَولية " تكريرية و ازدرادية !..

نظن بأن شخصا عاقلا وواعيا لا يختلف معنا إذا قلنا بأن الكتابة يجب أن تكون ذات مساع وأهداف و نوايا تنويرية في أي مجال وحقل تثقيفي ومعرفي كان ، لتساهم في إضافة و إعطاء معلومة مفيدة أو تحدّث تغييرا إيجابيا نحو الأفضل و الأحسن في مدارج الرقي الاجتماعي والنيَّر ، لنشر و ترسيخ قيم حضارية وإنسانية في السلوك والرؤية والمنهج العام ، لتصب في نهاية المطاف في خدمة المصلحة العامة و خير الناس ، لأن وسائل التعليم و الكتابة ذات المضمون الحضاري و الإنساني ، هي الوحيدة قادرة على إحداث مثل هذا التغيير الجدي في سلوك " العامة " ولو بشكل تدريجي وبطيء ، ولكن على شكل تراكم نوعي و مؤثر و فعّال يحدث و يحفر مجرى و تيارا في التفكير و النهج العامّين نحو ترسيح نواة القيم الحضارية و المدنية و الإنسانية العامة في سلوك المجتمع وتعامله وتصوراته ما بين أفراده وأعضائه من ناحية ، ومع العالم من ناحية آخرى ، ليصبح المجتمع ذاته مجتمعا حضاريا بقيمه الإنسانية والجماليه القائمة على تعاطف و رهافة و شفافية و أخلاق عالية من يقظة ضمير و شعور بعدل يشمل البشر و الطبيعة على حد سواء....
و أكبر دليل على ما نقوله هو العصر التنويري الأصيل الذي انطلق في الغرب و استمر عبر طروحات وتيارات كرية نقدية وفلسفية تحديثية ونصوص أدبية من روايات و شعر ومسرحيات تجديدية فضلا عن فنون تنورية آخرى ، وخاض كفاحا مريرا ضد هيمنة الكنيسة بهدف فصلها عن الدولة ، لتحدث فيما بعد نقلة كبيرة وتغييرا جوهريا في البنى التحتية لقيم و أفكار المجتمع ، عبر محاولات وجهود مضنية ومتواصلة بهدف أنسنتها وتصقيل قيمها الجمالية نحو ما هو أرقى و أجمل ، لنحصل في النهاية على مجتمعات متحضرة ومتمدنة وعطوفة بتعاملها الإنساني فيما بينها ومحيطها ، ليس مع البشر فقط إنما مع الحيوانات والبيئة أيضا ، مثلما نلاحظ ذلك في مجتمعات غربية بشكل عام وفي مجتمعات اسكندنافية بشكل خاص ..
لنأخذ استقبال اللاجئين في وقتنا الحاضر كاقرب دليل على إنسانية تلك المجتمعات وسموها ، مقابل مجتمعات آخرى تحرّض بعضها بعضا على القتل و سفح الدماء وعلى التخريب والدمار و تحت ذرائع و حجج و تبريرات ونصوص و عقائدية واهية ..
أما الثقافة " العاكَولية ــ و العاكَول ــ لمن لا يعرف ــ نوع نباتي صحراوي كعلف بعير يُزدره ويُلاك باستمرار !! " فأنها مجرد إعادة وتكرار لقيم وثوابت تكون متطلبات العصر قد تجازوزت الشيء الكثير منها ، فأن " ثقافة عكَولية " هذه ليست فقط لن تساهم في خلق نقلة حضارية لمجتمع من المجتمعات ، إنما تساهم في خلق وتهيئة عقول و ذهنيات كسولة و سقيمة ومنكفئة على ازدراد وتكرير " قوتها الذهني العاكَولي " باتكالية و تبريرية ، تكون أقرب إلى تقبل سلبيات وعقائد بربرية وهمجية منها إلى تقبل ما هو جديد ذات طابع إنساني و جمالي راقيين ..
فثقافة التنوير الحقة قد جعلت الناس أحرارا و مرفهين و سعداء و متضامنين فيما بينهم ، بينما الثقافة " العاكَولية "التكريرية والمعادة ، إنتاجا و استهلاكا ، بنفس مواصفاتها القديمة والعتيقة كرست نزعة الإلغائية ، و الأحقاد والكراهيات والضغائن المزمنة وجعلت أصحابها أسرى كهوف قيمها وغيبيوبتها التاريخية حتى هذه اللحظة وفوق ذلك ، في أجواء من قسوة وهمجية و أنانية ، تضاهي حتى أنانية بهائم مثل ضباع ...
فثمة أطنان من كتب قد أُلفت من هذا القبيل إعادة وتكرارا ، بل و تكريرا معادا ليقولوا نفس الأفكار لملايين مرات ، و بتلقينية ببغائية رتبة ومملة ، حيث لم ينتج عنها غير كل هذه المظاهر الراسخة والقائمة من التخلف و الإنانية والجشع والسلبية و الاتكالية والحربائية المبدئية و غياب العطف الإنساني وانعدام الشعور بالنزاهة و العدل والعدالة في التعامل الاجتماعي حتى بين صفوف أفراد مجتمع واحد ذاته ..
كدلالة قاطعة على بطلان تلك العقائد والمبادئ المتكلسة كصخر جلمود ، والتي بدأت تتحول إلى غول دموي جبار يلتهم البشر بشهية مفتوحة وعجيبة !..
وهو لا زال يطالب المزيد و المزيد !..
والعجيب أن بعضا لم يكتف بتأليف عشرات كتب مجدبة و عقيمة من هذ االقبيل ، أنما نرى تسللهم إلى شبكات النت بكل حقولها سيما منها مواقع و صحف إلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي لنشر مظاهر التوعية أو " الثقافة العاكَولية " للتلقين الببغائي السريع !!..



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google