كيف نهض الجيش العراقي بعد كبوته في الموصل؟
كيف نهض الجيش العراقي بعد كبوته في الموصل؟


بقلم: محمد رضا عباس - 28-01-2017
لقد أصبحت الأجهزة الأمنية ضحية التقاطعات السياسية واصبح الجندي والشرطي لا يكترث به كثيرا في المنطقة الغربية , مركز تجمعات القوى الغاضبة على بغداد بعد موجة الاحتجاجات التي شملت مدن نينوى , صلاح الدين , والانبار في النصف الثاني من سنة 2013 حتى ربيع 2014 . بالحقيقة اصبحت حياة العسكريين المتواجدين في هذه المحافظات بين كماشتين , الهجمات الإرهابية ورفض الأهالي لهم , واصبح العسكري وخاصة من اهل الجنوب والوسط العراقي يدخل ويخرج مدن الغربية بحذر شديد , خوفا من استهدافه من الهجمات الإرهابية . لقد تكررت الاعتداءات الإرهابية على المنظمة الأمنية في مراكزها , في أدائها الواجب , وعند سفر افرادها لزيارة ذويهم وهم يمرون بمحافظات الانبار والموصل وصلاح الدين وتحت انظار اهل المدن بدون اكتراث. في الفلوجة قتل و حرق المتظاهرون افرادا من القوات العراقية وهم بملابسهم المدنية في انتظار سيارة تقلهم الى أماكن سكناهم في الجنوب العراقي , وهاجموا جنودا يعملون على تقوية السدود الترابية لحفظ مدن الانبار من الفيضانات وأحداث كثيرة لا تخلوا من سادية فاعليها .
لقد اتهم الجيش العراقي بتهم كثيرة من قبل خطباء منصات "العزة والكرامة" من قبل رجال الدين والسياسي المنطقة , كلها تحمل نفسا طائفيا . لقد وصفوا الجيش العراقي "الجيش الصفوي" , " جيش المالكي" , " الجيش الرافضي" , " جيش أبناء كسرى" , "جيش ابناء المتعة" . لقد اتهموه بقتل المدنيين العزل في المناطق الساخنة عن طريق الضربات العشوائية والبراميل المتفجرة , وهكذا بداء اهل المدن المضطربة ينظرون الى القوات الأمنية العراقية كقوات اجنبية يجب سحبها من مناطقهم على الرغم من وجود مجاميع مسلحة تعتدي على القوات الأمنية وتفرض الاتاوات على سكان المدن , وتقتل موظفي الدولة المتعاطفين مع التغير و تحاول اسقاط العملية السياسية.
وبذلك عندما دخل داعش مدن الغربية يوم 10 حزيران وما بعده وجدوا من يرحب و يصفق لهم ولاسيما وان داعش دخل المدن الغربية بحجة حماية اهل السنة والجماعة من حكم "الروافض" الشيعة . لا احد يستطيع ان يجزم كيف دخل داعش الموصل وكيف تمدد جنوبا ليصل أبواب بغداد , ولكن الشيء الأكيد ان داعش كانت له حواضن وانصار ومؤيدين في المناطق الغربية الى درجة ان القوات الأمنية وعلى الرغم من كثرة عديدها وكثرة أنواع اسلحتها المعقدة وقفت لا حول لها ولا قوة ولتنهار تاركة خلفها كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية التي استولى عليها داعش بدون مقاومة تذكر . انهارت ثلاث فرق عسكرية وفرقة من الشرطة المحلية وعشرات الالاف من القوات المحلية امام داعش واستمرت الانهيارات في القوى الأمنية لتصل مشارف بغداد. لقد قتل داعش جميع افراد القوات المسلحة من المذهب الشيعي ولا سيما في قاعدة سبايكر الذي بلغ عددهم اكثر من 2,000 طالب من القوة الجوية وجنود القوات العراقية. حتى الفارين من الجيش لم يسلموا من اذى اهل المدن لهم فقد ذكرت الاخبار ان اهل المدن بدأوا يرمون الجنود الفارين من داعش بالحجارة بينما لاحقوا الاخرين بالفؤوس , انها حالة من الهيستريا لم تمر بها القوات الأمنية من قبل , حتى بعد سقوط نظام صدام حسين.
لقد أصبحت بغداد في خطر محدق في ظل انقسامات سياسية رهيبة. الكورد اعتبروا دخول داعش الموصل قضية عربية-عربية وليس لهم دخل بها , و اعتبر قادة المكون السني ان هذه القوات جاءت لتقاتل "قوات المالكي" و "الروافض" , بينما وقف ممثلو الشيعة حائرين امام تهديدات داعش بدخول كربلاء المقدسة والنجف الاشرف و تخريب مراقدها. امام هذا التحدي الخطير على وحدة العراق وعلى شعب العراق خرج صوت المرجعية الدنية العليا مطالبا المواطنين من الذين يستطيعون حمل السلاح بالدفاع عن الوطن ومقدساته. لقد كانت الدعوة " الجهاد الكفائي" مفتوحة الى جميع مكونات الشعب العراقي بغض النظر عن هويتهم الدينية والمذهبية والقومية. ثنى دعوة المرجعية الدينية في النجف دعوة رجل الدين السني الشهيد يوسف الراشد امام جامع الزبير بن العوام في قضاء الزبير في البصرة , وهكذا كانت الدعوة الى "الجهاد الكفائي " النواة الأولى لتشكيل الحشد الشعبي الذي لولاه لسقطت بغداد ومناطق عراقية أخرى. لقد سقطت مؤامرة تقطيع العراق و القضاء على العملية السياسية , وانقذت الشرق الأوسط من حرب مدمرة .
لقد اصبح للجيش المنكسر ظهيرا له و ذو باس شديد , الحشد الشعبي. الحكومة من جانبها بدأت بخطوات جادة بإعادة هيكلة القوات المسلحة وطرد المسيئين منهم , وشراء ما يحتاجه الجيش من أسلحة وتجهيزات في ظل سكوت عربي ودولي مشبوه . حتى الولايات المتحدة الامريكية , الصديق الاستراتيجي له , كانت مترددة بتجهيز العراق بالطائرات الحربية والذي كان العراق بحاجة شديدة لها , بينما لم تعر الدول المجاورة ( عدا ايران) أهمية تذكر لما حدث في العراق .
بدعم قوات الحشد الشعبي بدأت تعود عافية القوات المسلحة العراقية وبدء المارد العراقي يسطر انتصاراته المدهشة على قوات داعش ويحرر المدن الواحدة بعد الأخرى من يده. الجيش العراقي اذهل العالم بسرعة عافيته من كبوته , حيث يندر على جيش ان ينهار بالشكل الذي انهار فيها الجيش العراقي وان تعود عافيته في ظرف خمسة اشهر. لقد اجتاز الجيش العراقي الاختبار الصعب, بل نجح فيه بامتياز. هذه النجاحات شجعت قادة المكون السني , وبدأوا يطالبون الحكومة بمشاركة اهل المدن المغتصبة في تحرير مدنهم , لقد طالبوا بتأسيس "الحرس الوطني" من اهل المحافظات المحتلة . المطالبة استقبلت بالترحاب من جميع شرائح المجتمع العراقي , لان من غير المعقول ان يتم تحرير الانبار من قبل أبناء البصرة وميسان وذي قار واهل الانبار جاسون في بيوتهم .
بدأت القوة والتنظيم والبسالة تظهر على ملامح الجندي العراق يوم بعد يوم , وخاصة بعد ان تخلص السيد رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي من بعض الضباط الكبار وكشف وفصل ما يقارب 50,000 جندي فضائي والتركيز على الهوية العراقية لا على الهوية الدينية او الطائفية او القومية . بالمقابل استمرت القوات المسلحة العراقية وبمساعدة قوات الحشد الشعبي بتحقيق النصر أبتدأ من حزام بغداد , ناحية امرلي في محافظة التأميم , جرف الصخر في محافظة بابل, محيط سامراء و محيط بلد والدجيل وبيجي من محافظة صلاح الدين , جبال حمرين , السعدية وجلولاء من محافظة ديالى, مناطق واسعة من الموصل بمساعدة قوات البيشمركة وقوات العشائر حتى نهاية عام 2014 . لقد عادت ثقة الشعب بقدرات القوات المسلحة , وسكت السياسيون الذين كانوا يرمون القوات المسلحة بأفظع التهم والكلمات القبيحة , وبداء اهل المدن المسلوبة يطالب الجيش بالإسراع بتحريرهم من داعش , وبدا اهل المدن المحررة بنشر الحلوى (جاكليت ) على رؤوس القوات المسلحة بعد ان كانوا ينظرون لهم أعداء جاءوا من البلدان البعيدة .
الحب والتقدير للقوات المسلحة التي تعافت من كبوة يوم 10 حزيران 2014 وبسرعة فائقة , كان ظاهرا من خلال كلمات التبجيل له من قبل جميع الأحزاب والكتل السياسية بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراق يوم 6 كانون الثاني عام 2015 , كان على راسهم السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الذي عبر عن امله في ان " تتأكد الحاجة الى أهمية مواصلة بناء الجيش والقوات المسلحة لتكون بمستوى التحديات الكبيرة التي تواجه الشعب والبلاد " , مؤكدا على " ترسيخ الصفة المهنية لهذه القوات وتحريرها تماما من أي انحياز وولاء سواء لفرد او لحزب او لجماعة معينة بل يكون ولاؤه لصالح الولاء للوطن ". وصية السيد معصوم كانت محط احترام القوات المسلحة التي عملت بموجبها في تحرير المدن , حيث عملت بكل مهنية واحترام في تعاملها مع العائدين من اهل المدن المحررة , تنظيف بيوتهم وشوارعهم من الألغام , وتسهيل مرور البضائع و الإعانات اليهم . ولولا مهنية المقاتلين لما استشهد قادة كبار في المعارك. أنها الوطنية وحب الوطن التي شددت عليها دروس التربية العسكرية التي جاءت بها العملية السياسية. ولهذا السبب التفت جميع مكونات الشعب العراقي حول المؤسسة العسكرية و خاصة بعد تنقيتها من العناصر الغير ملتزمة وبعد ان عرفت القوى السياسية أهمية دعم القوات المسلحة لتثبيت الامن الداخلي وحماية الحدود. في هذا المعنى جاءت تهنئة المجلس الأعلى الإسلامي والتي طالبت على " ضرورة التكاتف والتلاحم المعهود بين أبناء الوطن من كل مكوناته والوانه واطيافه في الوقوف خلف الجيش الباسل لدحر الارهابين و ضرب اوكار الداعشيين واعداء الحياة والسلام" وتابع , ان " هذا الجيش المقدام قدر كالعنقاء التي تنفض رمادها لتنهض اكثر عزما وقوة وشموخ". اما حركة الحل فقد اكد رئيسها الدكتور جمال الكربولي ثقته "بالجيش العراقي وقدرته على مواجهة التحديات ومكافحة الإرهاب وطرده من كل شبر من ارض العراق كونه يمثل بوتقة الوطن التي ينصر فيها كل مكونات الشعب العراقي دون تميز" , داعيا "الشعب العراقي وجميع القوى السياسية الوقوف مع جيشنا الباسل وشد ازره في حربه وكفاحه ضد اجرام داعش".اما النائب جوزيف صليوا سبي من كتلة الوركاء الديمقراطية فقد دعا الى "هيكلة الجيش العراقي وبقية الأجهزة الأمنية على أسس وطنية سليمة " مطالبا ابعاد القوات المسلحة " عن الصراعات والتجاذبات السياسية", وان يكون " ولاؤها للوطن والشعب , لا للطائفة او القومية او لأي انتماء سياسي". شارك تمنيات النائب جوزيف عضو لجنة الامن والدفاع هوشيار عبد الله من الكتلة الكوردية في البرلمان العراقي , حيث ذكر في بيانه " يجب ان نستلهم هذه الذكرى في البدء بخطوات جادة لإعادة بناء الجيش العرقي ومنظومة الدفاع على أساس العقيدة الوطنية الرصينة وروح الانتماء للوطن وللإنسان العراقي , كما ويجب ان تتبنى المؤسسة العسكرية الحفاظ على حقوق الانسان بعيدا عن أي توجهات طائفية او قومية او حزبية". ان التأكيد على بناء جيش بعيدا الانتماءات الطائفية والقومية والانتماءات الحزبية لم يأت من فراغ وانما جاء من تجربة مريرة عاشها العراق في ظل النظم الاستبدادية السابقة والتي سخرت القوات المسلحة العراقية لقمع المظاهرات وقتل المواطنين الأبرياء , القضاء على الانتفاضات الشعبية مثل انتفاضة 1991 في الجنوب العراقي , استخدام الجيش العراقي في قمع الحركة الكوردية بعد ان قتل مئات الالاف منهم ودمر قراهم ومدنهم , و أخيرا ادخاله في حروب عبثية مع الجارة ايران والشقيقة دولة الكويت .
تدعم الجيش العراقي في حربه مع داعش حاليا تشكيلات عسكرية متعددة مدربة و محترفة , مثل القوات الذهبية , قوات مكافحة الإرهاب , قوات درع الجزيرة , الانبار , دجلة , صلاح الدين , قوات الرد السريع , قوات النخبة, قوات البيشمركة , الحشد الشعبي ,الحرس الوطني , قوات العشائر , ومطالبات اخرى من بعض المكونات العراقية بتأسيس قوات مسلحة خاصة بها بدعوة حمايتها من داعش. شيء مشجع ان ترفض جميع مكونات الشعب العراقي تواجد داعش على الأرض العراقية , الا ان الخوف من تدافع الأسماء المقاتلة لداعش هو دفع اسم "الجيش العراقي " جانبا والذي من المفروض ان تدخل جميع هذه التسميات تحت مظلته لا ان يكون واحدا منها . ان تجميع هذه الأسماء تحت اسم الجيش العراقي يعطي صورة مشرقة عن تكاتف الشعب العراق تحت حكومة واحدة وجيش عراقي واحد .

معصوم يهنئ العراقيين بعيد الجيش ويدعو الى مواصلة بنائه , السومرية نيوز , 5 كانون الثاني 2015.
النجيفي مهنئا بذكرى تأسيسه : تتطلع لدور وطني كبير ينتظر جيشنا بمعركة مواجهة الإرهاب , السومرية نيوز , 5 كانون الثاني 2015.
حركة الحل تبارك للجيش العراقي ذكرى تاسيسه 94, صوت العراق , 6 كانون الثاني 2015.
عضو لجنة الامن والدفاع هوشيار عبد الله يدعو الى استلهام ذكرى عيد الجيش في إعادة بناء منظومة الدفاع العراقية على أساس العقيدة الوطنية , صوت العراق , 6 كانون الثاني 2015.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google