العشائر العراقية وتحديد مستقبل البلاد
العشائر العراقية وتحديد مستقبل البلاد


بقلم: عمار العامري - 30-01-2017
أن للعشائر العراقية؛ أثر مميز في رسم معالم الدولة العراقية, منذ تأسيسها مطلع القرن العشرين, مروراً بالتطورات والإحداث التي طرأت على الساحة السياسية, وصولاً للتغيرات الجذرية المتعاقبة, ومع قساوة ما مر بالعراق أبان حكم البعث 1968- 2003, بقت العشائر محافظة على عنوانها الاجتماعي, ودورها مستمر في تحديد ملامح مستقبل العراق.

العشائر الاصيلة؛ ركيزة أساسية في حفظ النسيج الاجتماعي, والدفاع عنه, فكان لها موقفاً وطنياً مشرفاً, تختلف عن مثيلاتها في البلدان الأخرى, لحفاظها على نسيج اجتماعي متجانس, يجمع أطباع البداوة ونكهة الريف, مع حضارة المدن, ما يجعلها لا تميل للتعصب القبلي, البعيد عن روح الإسلام, وتمسكها بفتاوى المرجعية الدينية, وتقديم أبناءها دون الوطن, دليل عمق العلاقة, وقوة الآصرة بين العشيرة والوطن.

ويلقى صدور الفتاوى, ترحيب واسع لدى أبنائها, للدفاع عن البلاد والمقدسات, منذ التصدي للاحتلال البريطاني, ومواجهتها للأنظمة الحاكمة آنذاك, تبقى الانتفاضة الشعبانية؛ عنواناً بارزاً للتلاحم المصيري, وما جرى مؤخراً, من استجابةً لفتوى الدفاع المقدس لصد تمدد العصابات الإرهابية, لم يقتصر على البُعد الدفاعي عن الوطن, إنما تعداهُ للمحافظة على البناء الاجتماعي, والدفاع عن العملية السياسية, ونبذ الخلافات سعياً للقضاء عليها.

كما ساهمت العشائر, بخلق بيئة أمنة, لعودة النازحين إلى أوطانهم, وتقديم الدعم للجهات الأمنية, وتبني المنهج الإسلامي والوطني, من خلال إقامة مبادرات المصالحة الوطنية, التي لا يكتب لها النجاح, إلا بتحقيق التقاء الجميع بنقطة المنتصف, وحرمة سفك الدم, تماشياً مع توجهات المرجعية, واحترام مبدأ صيانة الدم العراقي, وإشاعة روح المحبة والإخوة والتلاحم, والقضاء على كل محاولات النيل من وحدة العراقيين.

وللعشائر دور هام بتثبيت أسس المشروع السياسي الذي نتبناه؛ المواطنة التي تعد المقياس في هويتنا العراقية, والدولة العصرية العادلة؛ التي تخدم مواطنيها, وتعدل بينهم, وتضعهم أمام التزامات واحدة, والنظام اللامركزي النظام الإداري الذي نعمل عليه, لأن التطرف والتكفير والتخوين؛ ثقافات دخيلة على مجتمعنا المسلم, والأساس الحقيقي هو التعايش السلمي بين العراقيين والقبول بالأخر, لذا أصبحت هذه الثقافة الدخيلة سبباً بتوحدنا.

نرى ضرورة دعم العشائر لمشروع التسوية الوطنية, كونه مشروع شامل فيه أبعاد؛ اجتماعية وسياسية وأمنية وتنموية, والتسوية تعنى برسم ملامح بناء دولة, وليست إرضاء لهذا الطرف أو ذاك, فعدم المضي بها, فدوامة العنف, وأزمة الثقة ستستمر, لذا نبدأ بالتسوية من حيث انتهينا, ولا عودة للوراء, ولا نسف لما بنيناه, ولا تراجع عما حققناه, وإنما نبني عليه, ونصحح الأخطاء, ونراكم الايجابيات.

العشائر؛ كانت موضع اهتمام كبير لدى الاوساط السياسية والاجتماعية كافة, وثقلها في العراق يحتم عليها أخذ دورها الحقيقي, في تحديد معالم مستقبل الاجيال, فالفرصة قد تكون سانحة أمام الجميع بالتعاون, والالتفاف البعض حول الاخر, لكن قد نفتقد لاحقاً, ما يجعل البلد فريسة للمخططات الدولية, التي بدأت تفرض على دول الجوار.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google