الهاربون من الموت الهائمون على وجوههم
الهاربون من الموت الهائمون على وجوههم


بقلم: حيدر الصراف - 30-01-2017
ادت الحروب و المجاعات الى هجرة اعداد غفيرة من سكان تلك المناطق و الدول المنكوبة بأتجاه البلدان الأكثر امانآ و استقرارآ و ازدهارآ اقتصاديآ و كانت تلك الجموع الكثيرة تطوي المسافات البعيدة مشيآ على الأقدام محملة بالصغار و الأمتعة غير عابئة بالأنواء و مخاطر الطريق و البحار تحث الخطى الى المستقر الآمن و الوطن الجديد حيث الكثير من الأمن و الأمان و الوفير من الغذاء .

كانت تلك الهجرة الجماعية لشعوب عديدة آثرت ترك اوطانها و البلدان التي ولدت و نمت فيها هربآ من تلك الأوضاع العسيرة التي خيمت عليها و جعلت العيش فيها صعبآ ان لم يكن مستحيلآ فالجفاف و المجاعة و قلة الغذاء و ندرته ادت بتلك الجموع الجوعى الى البحث عن مكان آخر يتوفر فيه الطعام ما يسد رمقهم و بطون اطفالهم الخاوية حتى اصبحت اوطانهم الأصلية تلك مجرد ذكرى حزينة لهؤلاء البائسين و كابوس مريع ينبغي التخلص منه سريعآ .

اما مناطق الحروب و النزاعات المسلحة فهي مناطق حلت بها الكارثة بحق و المصيبة اكبر و اشمل لأن الحروب عادة ما تجلب معها الموت الحتمي و الأكيد بالآلة العسكرية المدمرة المرادفة للجيوش و من ينجو من الالات الحربية فأن الموت يتربص به هذه المرة من قلة الغذاء و شح الدواء و انتشار الأمراض و الوباء و هذه الأزمات دائمآ ما ترافق النزاعات العسكرية و تكون في مناطق الصراعات المسلحة و الحروب حيث يستحوذ المقاتلون و الجنود و بقوة السلاح و العنف على مخازن الطعام و الغذاء و مستودعات الدواء و لهم الحصة الأكبر ان لم تكن كلها من الأدوية و المستلزمات الطبية و يترك المدنيين و الذين هم بأمس الحاجة لتلك الأغراض و الأدوات و هنا يكون الموت و الهلاك المؤكد قريبآ جدآ منهم .

المشاكل التي تؤدي بالناس الى النزوح الجماعي تاركين ورائهم اوطانهم و اصدقائهم و ذكريات صباهم في تلك الربوع التي برحوها مجبرين و مكرهين تحت قسوة الحرب و القتال او المجاعة و لم تكن تلك هي هجرة طوعية في اختيار موطن آخر حيث مستلزمات العيش اكثر ترفآ و رفاهية فمن يركب الأهوال و المخاطر و المجازفة بالأنفس و الأبناء بعبور البحار و المحيطات و الغابات الموحشة و قد يكون الموت غرقآ او تجمدآ من البرد هو مصيرهم و هذا بالطبع ليس من اختيارهم ان لم يكونوا اناسآ لا امل لهم و لم يتبق امامهم الا طريق الموت قهرآ و جوعآ و فاقه في بلدانهم او امتطاء الأمواج العاتية في قوارب متهالكة و السباحة بغير هدى نحو الساحل الآخر من العالم حيث الحلم بالعيش الرغيد و السعادة الغامرة بالأمان و عدم الملاحقة .

ان المسؤولية الأخلاقية و الأنسانية الكبرى تقع على عاتق حكومات البلدان التي تقع فيها الشركات المصنعة للسلاح و العتاد الحربي و هي من اعمدة الدخل المالي لتلك البلدان و التي ترفد الخزينة الوطنية بالأموال الطائلة و التي تجد في اماكن الحروب سوقآ رائجة لبضائعها و سلعها فأن خمدت تلك النزاعات و هدأت تلك الأزمات و الحروب و عم السلام و الأستقرار كسدت البضاعة و افلست المصانع و اصحابها و الذين عادة ما يكونون اصحاب القرار و على رأس السلطات في بلدانهم ( و هنا تكمن المشكلة ) و كذلك على الدول المتقدمة ان ارادت ان تقلل من هجرة الناس لأوطانهم ان تعتمد برامج تنمية حقيقية لتلك المناطق الفقيرة من العالم في افريقيا و آسيا و امريكا الجنوبية و تنقل التكنولوجيا المتطورة اليها و طرق الري و الزراعة الحديثة ما يجعلها على الأقل في حالة اكتفاء ذاتي من الغذاء و يبعد عنها شبح المجاعة و يسهم في استقرار الناس في اماكنهم .

ان كل الأتهامات و الريبة و النظرة الدونية و النزعة العنصرية تجاه البشر الذين جازفوا بحياتهم و ارواح ابنائهم في سبيل الوصول الى شاطئ الأمان لا تصمد هذه الأدعاآت امام فم فاغر لطفل جائع يستجدي كسرة خبز تسد رمقه فلا تستهينوا بالعوز و الفاقه فالفقر و الجوع هما الأباء الشرعيين للكثير من الجرائم و الأنحرافات ( فلو كان الفقر رجلآ لقتله علي ابن ابيطالب ) .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google