فرصة ترامب
فرصة ترامب


بقلم: محمد الوزان - 31-01-2017
مع استلام الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة دونالد ترامب زمام مسؤوليته يدور في بغداد نقاش حاد حول الدور الذي من الممكن ان يضطلع به ترامب على مستوى محاربته الاٍرهاب أولاً وتمكين علاقته مع روسيا "الصديقة" ثانياً وبعدها وليس اخرها تطبيقه لبرنامجه الانتخابي الذي تحدث عنه مراراً وعبّر عن بعض زواياه على صفحته في تويتر

الا ان النقاش العراقي مبني على أسس علاقة الادارة الامريكية الجديدة بجيران واصدقاء العراق وليس علاقة ترامب بالعراق حكومة وشعباً ، بل انه غير مبني على أساس مشاريع ترامب تجاه الاتفاقية العراقية الامريكية التي تقضي بحماية امريكا للعراق من كل تهديد

سياسيو العراق لم يتعرفوا بعد على هذه النقطة والهاهم وضع جيرانهم وخصوصاً ايران مع ترامب وتهديده لها الامر الذي يجعل من العراق ورقة عابرة وغير فاعلة نتيجة عدم فاعلية سياسييه

لم نجد تصريحات عراقيين تدعو ترامب الى تفعيل مهام الاتفاقية العراقية الامريكية ولم نسمع سياسياً عراقياً تحدث عن العلاقات الامريكية العراقية المباشرة دون ذكر خشية الساسة العراقيين من تهديد ترامب لإيران مثلاً ، وهذا ما يعزز نظرية ان الوضع العراقي آيل للنسيان وعدم الاهتمام في المرحلة القادمة بالنسبة لحسابات البيت الأبيض

دونالد ترامب ليس جمهورياً وليس ديمقراطياً وهنا يكمن الخطر الحقيقي في التعامل مع الرجل في ملفات تكاد تكون الإدارات الامريكية المتعاقبة واضحة في تداولها على أساس نظرة الحزب لا الشخص ، حيث ان من المعروف ان جمعاً من رجالات الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديمقراطي جاهروا في رفضهم لوصول ترامب للبيت الأبيض ولكنها حسب جميعهم "الديمقراطية الامريكية" التي لا مناص منها

نعتقد ان وجود ترامب دون سياسات متعارفة سابقة هو فرصة للتغيير تجاه ما يجري في العراق ، ولكنها تحتاج الى أفق عراقي خالص يطرح شعار العراق أولاً كي يمكن تجهيز الأيام القادمة للبلاد بحزمة قرارات قد تصب لصالح الوضع المستقبلي القريب للعراق خصوصا وان الرجل لم يخف اعتراضه على سياسات دول الخليج وسياسيات بلاده في انفاق الأموال باتجاهات خاطئة خارج الولايات المتحدة ، فالعراق الذي يعد الجبهة الاولى لمواجهة الاٍرهاب المتمثل بداعش لم يأتِ على ذكره ترامب بل استدعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كأولوية له ثم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو بعدها ومن ثم سيسي مصر وزايد الإمارات وسلمان السعودية ، الامر الذي يشير الى انه يخطط لغلق الملف العراقي أمريكياً وانه يناقش الكبار المؤثرين في الشرق الأوسط قد لا يلتقي الساسة العراقيين قبل ان يحسم قراراته مع اخرين يعلم تماماً انه اذا اتفق معهم فانه لن يعود بحاجة لان يتفاهم مع الساسة العراقيين ، وهذا يعني ان الذين يمتلكون سلطة القرار في العراق لا يمتلكون قراراً فاعلاً ذَا سيادة وفق وجهة نظر ترامب وبذلك ستضيع فرصة وجود ترامب على سدة القرار الامريكي

بيد ان الاحتلال الامريكي للعراق ، واستقواء الطغمة الحاكمة في العراق بعد عام 2003 هو الذي صنع فراغ السلطة وقدح السيادة العراقية وبذلك تكون الولايات المتحدة الامريكية هي المسؤولة عن كل ما يجري في العراق

اين للعراق بصوت يحمّل الأمريكان مسؤولية هذا الضياع والانقياد للعبة الجيران والاصدقاء؟

أين للعراق بصوت يوضّح ان الخلل في اغفال الإدارات الامريكية لملف العراق والمساومة به في قضايا جانبية كالملف النووي الإيراني والحراك العنفي في سوريا والحرب الطائفية في لبنان والبحرين واليمن ؟

بل أين للعراق بصوت يمتلك من العراقية المحضة ما لا يمتلكه اي شخص تولى سدة القرار في العراق بعد عام 2003 وقادر على ان يثبت عراقيته دون الانتماء الجانبي لطائفة او حزب ما؟

حين يتوفر هذا الصوت فان فرصة وجود ترامب في البيت الأبيض لن تضيع لا محالة خصوصاً وان مراحل التغيير في كل الازمان تحتاج الى تطور في الأداء وتغيير في السياسات من كل الجهات ، فلا فائدة ان تتغير القناعات الامريكية وتتغير السياسات بعدها فيما تبقى خريطة المشهد العراقي على حالها تتبع ما يستجد من الأحداث حول العراق او تنتظر ما يؤول اليه الصراع السعودي الإيراني في ملفات المنطقة

بالامس كانت هناك تصريحات لعراقيين أكراد نصحت حكومتهم الإقليمية للاستفادة من فرصة ترامب لتمكين اقليم كردستان العراقي تأسيس وضعاً خاصاً وقويات ومعترفاً به ، وما زالت بغداد غافلة والهاها صراع المالكي مع الصدر وربما قضية محافظ بغداد تستأهل من ساسة العراق وقتاً للنقاش اهم بكثير من الاستماع الى متخصصين ومستشارين حقيقيين خارج إطار محاصصتهم الحزبية ، العجب العجاب ان ترامب يطلب من مؤسسته العسكرية والأمنية دراسة جدوى للقضاء على داعش خلال شهرٍ فقط وساسة العراق لم يعينهم الامر

ربما بعض تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب قد تشير الى انه سيضطلع بمسؤولية التغيير في العراق على اعتبار ان الإدارات المتعاقبة للبيت الأبيض تؤمن بمسؤولية بلادهم تجاه ما يجري في العراق

وهنا يكمن الأمل العراقي في التغيير من سياسات أمريكية وليس من مسؤولية وطنية عراقية باتت في وضع موت سريري



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google