مفهوم الوسطية الحقة (1)
مفهوم الوسطية الحقة (1)


بقلم: هلال ال فخرالدين - 31-01-2017
الوسطية الحقة ليست شعارا تتغنى به المدنيات المعاصرة لذرالرماد في العيون لبلوغ اطماعها اويافطة اعلامية حضارية يتخفى بها لتسويق مكرها ومكائدها ..

وليست الوسطية والاعتدال في الاعتقاد بين متبعي الخرافات الذين يسرفون في الاعتقاد وتصديقه، من غير دليل ولا برهان، وبين الماديّين الذين ينكرون كلّ ما وراء الحس ولا يسمعون إلى العقل،والصحيح من يدعو الى الإيمان والاعتقاد، بشرط أن يكون هناك الدليل القطعيّ في كلّ شيء.

والوسطية ليست مجرد موقف بين الانحلال والتشديد، بل تعتبر موقفاً أخلاقياً وسلوكياً ومنهجاً فكرياً.

مصطلح الوسطيه شيوع نظرية وانعدام مصداقية

الوسطية: مصطلح تنظير شائع، وذو قوة في دوائربحث المؤسسات المدنية والدينية ، وتبثها وتروجها وسائل الإعلام المعاصر، ولا جدل حول أهمية الوسطية والإقرار بها كمبدأ انساني حضاري ، وقد خصها الذكر الحكيم وحظ عليها وانتهجتها السنة الشريفة وبذلك هي محل اتفاق عند عموم المسلمين.ولكن من الناحية العملية والتطبيقية وكمنهج نادرا ماتظفربها كممارسة في عصر السماوات المفتوحة والقيم الحضارية ..!!
والبرهان ان إعصاربوصلة العصرنة والمبادىء الديمقراطية بمنع مواطنيها وشعوب من دخولها لا يزال في مراحله الأولية جدًا لم نر منه شيئا بعد، ولكن المؤشرات الأساسية ظهرت؛ رأس النظام ليس مهتمًا بل ساحقا لأي قاعدة قديمة ولاغيا لاي نهج تقليدي، فهو ليس لديه أي شيء يخسره أبدًا، ويريد أن يضع بصمته الشخصية على فترة رئاسته بأسلوبه وبنهجه مهما كلف ذلك الأمر سياسيًا...!!!.

وكل يدَّعي وصلاً بليلى .... وليلى لا تقر لهم بذاكا

جذورالوسطية ومفهوم الحرية

بنى الانسان على ظهرهذا الكوكب ومنذ فجر التاريخ فقد بزغت الرسالات وظهرة الحضارات وانتشرت ديانات ونشأة مذاهب واطلت فلسفات وحكم وعلوم وفنون . وفي ثناياها تصورات عن الكون والخلق وما بينهما من تنافراوتمازج اومن اتصال او نفصال .. .

وقد برز ذلك واضحا في الديانه الزرادشتيه ( الفارسيه ) القديمه من اتخاذ الاهين اثنين احدهما يرمزالى (الخير ) والاخر يرمزالى (الشر )

وجائت الفلسفه اليونانيه كامتدادلحكمه الشرق السالفه في النظرة الى الكون والانسان وهي نظرة تتسم بمحاوله الجمع بين الاضداد في وحده مثلا كقول الفيلسوف ( هرقليطس ) :(بان حقيقه الكون اضداد تتعادل: الحياه والموت واالسلم والحرب واليقظه والنوم والشبع والجوع والبارد والحار والشتاء والصيف والنهار والليل والرطب واليابس .)

ثم اقوال الفيلسوف اليوناني ( انباذقليس ) في المحبه والكراهيه في التجاذب والتنافراللذين يعلل بهما هذه الحركه الدائبه في الكون من اتصال وانفصال يسببان كون الاشياء وفسادها

او مبدأ ( الوسط الذهبي ) الذي يتوسط بين طرفي الافراط والتفريط المتطرفات فيكون الوسط هو الفضيله والحكمه انها سياحة تطوف في كل المعارف الميتافيزيقيه والاخلاق والجمال والاجتماع والسياسه والاقتصاد وغيرها من فروع العلم والمعرفه .

وهذه المسائل التي ملئت الدنيا و شغلت بال الانسان دهورا طويله وتتلخص في الجانب الميتافيزيقي في سؤالين:

الاول :عن الانسان ان كان في هذا الكون وحيدا ؟

الثاني:عن حريه الانسان في هذا الكون اهو مخير ام مسير ؟

فقد اجاب الانسان في هذا العصربجواب هو السائد في الفلسفه الماديه الدنيويه المعاصره ( بان الانسان وحده لا شريك له في هذا الكون وانه اله هذا الوجود وانه حر في تمتعه بالحريه) وهذا الجواب قضى على تعاليم الاديان

التي كانت قائمه حتى مطلع القرن التاسع عشربين قوه العقل وقوه الروح اي بين نشاط التفكي ونشاط الايمان الذي اختل منذ ذلك الوقت بتوالي انتصارات العلم العقلي وتوسع افاق المعرفة والفنون وظهورمدارس التفكير الفلسفي المختلفة واستمرار هيمنة الخرافات والرهبنة جمود الجانب الديني الكنسي وقساوة واستبداد رجال الدين .فكان النفوروالهرب من جورالكنيسة الى فضاء الحرية والاخذ بالمنهج العلماني بديلا وبالاستنارة سبيلا

وكان لهذا الاختلال في التوازن بين العقل والقلب النتيجه الطبيعيه التي لابد ان تلازم كل اختلال في التوازن .. وهو القلق والاضطراب والانحلال .

ابعاد معاييرالوسطية الغربية

ماهي القيم المشتركة؟ وهل للخير الذي هو أساس القيم وجود موضوعي مطلق؟ وهل هناك خير بالمعنى العام؟ أو هو دائما نسبي تبعا لرضا فرد معين أو فئة معينة او ظرف معين ؟
اختلف الفلاسفة في هذه المسألة الأساسية اختلافا شديدا وذهبوا فيها مذاهب، فكانوا طرائق قددا ، ويمكن حصرهما في موقفين هما موقف من يقول بالنسبية، أي أن القيمة هي نسبية ولا توجد قيم عامة بغض النظرعن العنوان الذي يوضع ذلك تحته، ومن يقول بعموم القيم بغض النظر ن دوافعه.
إن أفضل ما يعبرعن النسبية واعتماد القيم على البيئة (لوايتهيد) في كتابه مغامرات الأفكاريقول: (وتفاصيل هذه المقاييس الخلقية تتعلق بالظروف الاجتماعية الخاصة بالمحيط المرافق للحياة في زمن معين على الجانب الخصب من الصحراء العربية، والحياة على المنحدرات السفلى من جبال الهملايا، والحياة في سهول الصين أو سهول الهند، والحياة في دلتا أي نهر عظيم).
كما أن معنى المقاييس متغير وغامض، فهناك مثلا مفاهيم الملكية والعائلة والزواج والعقل، والله ، فالسلوك الذي ينتج في محيط ما وفي مرحلة ما مقياسه المناسب من الإشباع المتوافق قد يكون في محيط آخر وفي مرحلة أخرى منحطا انحطاطا مدمرا، ولكل مجتمع نمطه الخاص من الكمال وهو يحتمل صعوبات معينة حتمية في مرحلته.
وهكذا، فإن المفهوم القائل بوجود مفاهيم تنظيمية معينة مضبوطة ضبطا كافيا لإيضاح تفاصيل السلوك لكل الكائنات العاقلة على الأرض، وفي كل كوكب آخر، وفي كل مجموعة شمسية، وهو مفهوم يستحق الإهمال، فذلك هو مفهوم نمط واحد من الكمال يهدف إليه الكون كله، وهذا هو مذهب النسبية.
وإلى جانبه المذهب المطلق، وعبر عنه (هنترميد) بقوله:( يمكن التعبير عن موقف المذهب المطلق باختصار بأنه يرى أنه لا يوجد إلا معيار واحد أو في حالة الأخلاق قانون واحد هو الصحيح منذ الأزل، وهو الذي يسري على البشر أجمعين، هذا المعيار لا يسري على نحو عالمي شامل فحسب، بل إنه أيضا مستقل عن العصر، وعن الموقع الجغرافي، والتقاليد الاجتماعية المألوفة، والعرف القانوني وكل شيء آخر، والأمر الذي يشكل التزاما لي في هذا المكان والزمان هو بالمثل التزام للصيني أو الإسباني .

المعيار الإسلامي للوسطية

ان معيارالوسطية والاعتدال في الإسلام ، بعدم الغلو ومجانبة الجفاء، ولا إفراط ولا تفريط، ومصداقها بين في شريعة الإسلام خاتمة الديانات والشرائع السماوية، التي أنزلها الله على الناس جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، و للذكروالأنثى، وللقوي والضعيف، وللغني والفقير، وللعالم والجاهل ، وللصحيح والسقيم ...وعمادها التعارف وحب الخير للناس كافة

والوسط قد يكون بمعنى العدل، كقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)، أي عدولاً خياراً، فهذا النص يدل على أن الوسط هو العدل الخيار غير أن هناك نصوصاً شرعية أخرى يدل سياقها على أن الوسط يقصد به التوسط بين طرفين متباعدين متنافرين.
والوسط غالباً ما يكون محفوفاً برذيلتين، كما يقول الحكماء والفلاسفة رذيلة الإفراط والمبالغة، ورذيلة التفريط والإهمال، فالوسط هو الاهتمام المقتصد المعتدل بالأشياء، سواءٌ كانت تعبدية دينية أوأخلاقية دنيوية.


هلال ال فخرالدين

[email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google