بين الوقائع والرقص على المشاعر
بين الوقائع والرقص على المشاعر


بقلم: عبد الخالق الفلاح - 31-01-2017
كانت لمغامرة صدام حسين في غزو الكويت، فيما عدى الدمار والمال الذي خسره العراق، ثمن آخر وهو استقطاع مئات الكيلومترات من الارض والمياه المقدسة لاجل بقاء رئيس النظام في كرسي الحكم .واستغلت دولة الكويت ذلك، وخاصة ما تم تقريره في خيمة العار( خيمة صفوان )بعد انشاء اللجنة الاممية بشأن المناطق الحدودية بين البلدين وكان من نتائجها اصدار عدة قرارات من مجلس الامن الدولي طبقاً لاحكام الفصل السابع، فيما يتعلق بالحدود المشتركة .

و تطبيقاً للمادة 39 من الميثاق الذي يتكون من (13) فقرة من أصعب المواد القانونية التي تثقل كاهل اكبر الدول إن رزخت تحت نيره كعقوبات ..وقد استسلم المجرم صدام حسين لجملة القرارات الدولية تلك. والتي اعقبت حرب الخليج بين عامي 1991- 1992 ومنها قرارات 687 – 773 والقرار 833 لسنة 1993 الذي كان يتضمن الموافقة على ما أقرته اللجنة المختصة في ترسيم الحدود وكان القرار ملزماً للعراق خاصة وأنه صدر طبقاً للفصل السابع.

حيث ثبت فيه الحدود البرية ومناطق كثيرة من القرى والمناطق التي كانت تبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود في مناطق صفوان ...فكان من اللازم ايضاً تنظيم الملاحة البحرية فيه .

كان على مجلس النواب العراقي بعد 2003 مناقشة الموضوع والعمل على اعادة النظر في تلك القرارات فكانت الموافقة على اتفاق رسم الحدود البحرية وتأييد ما رسمته اللجنة الدولية المشكلة من قبل مجلس الامن الدولي.

لهذا كان قانون رقم ( 42 )لسنة 2013 متضمناً التصديق على تلك الاتفاقية على اساس الحدود الدولية الجديدة وكان تنظيم رفع العلم وسيادة كل بلد على الممر الملاحي طبقاً لاحكام قرار مجلس الامن الدولي (833 )لسنى 1993 ويشرط على الطرفيين عند الغائه موافقة الجانبين ولايجوز الانسحاب من طرف واحد وتم ايداع القرار لدى الامم المتحدة طبقاً للمادة (102 )من ميثاق المنظمة ..



ومن هنا فأن موافقة العراق على القبول بالاتفاق، جاءت التزماً بتعهدات تم الموافقة عليها منذ 1994 تشرين الاول من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل براسة صدام حسين، بعد ان اقنعه اندريه كوزيروف وزير الخارجية الروسي آنذاك. حيث اقر المجلس الاعتراف بالحدود الدولية المبينة في قرار مجلس الامن والتصديق عليه من قبل مجلس النواب بعد عام 2003 .

اذا لايمكن للحكومة الحالية رفض الالتزام بتلك القرارات وفقاً للمادة ( 25 )من ميثاق الامم المتحدة التي تفرض على الدول الاعضاء جميعاً الالتزام بالقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي .وعليه ان طرح ملف خور عبد الله على الاعلام من جديد لايزيد على كونه مجالاً للمزايدات السياسية يحاول البعض اللعب على وترها .

وماهي إلا رقصة جديدة على حساب مشاعر المواطنيين لاغراض انتخابية مبكرة، والتراشق بالمسؤولية بين الاطراف السياسية ،او يدل على جهل تلك الجهات بالقوانين الدولية .

للعلم فان الموافقة على تلك القرارات كانت من الاسباب الموجبة لخروج العراق من البند السابع بعد ان اعلن كل من وزير الخارجية العراقي والكويتي في 12 حزيران 2013 بالذهاب معاً الى الامم المتحدة لتسليم امين عامها بان كي مون ومجلس الامن رسائل حول تنفيذ العراق الالتزمات الموكلة اليه للخروج من احكام ذلك البند. وفعلاً كان من الاسباب الموجه لخروج العراق من ضيم ذلك البند والعودة الى ماكان عليه ضمن الاسرة الدولية. بموجب قرار مجلس الأمن الدولي بعد التصويت بإجماع 15 عضواً من أعضاء المجلس تم إخراج العراق من تحت البند السابع، بحضور وزير خارجية العراق هوشيار زيباري. واعرب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح عن ثقته في أن تنفيذ العراق لالتزاماته الدولية تجاه دولة الكويت سيساهم في بناء الثقة بين البلدين وتوطيد العلاقات بينهما.



وقبلها كان العراق قد سعى لإلغاء الديون المترتبة عليه خلال فترة حكم النظام السابق، والتي بلغت أكثر من 120 مليار دولار و تعود بعضها إلى تعويضات بسبب الحروب التي شنها على جيرانه. وأصبح القرار يحمل رقم 2108. ولم يأتِ بسهولة، إنما جاء نتيجة العمل المشترك وبموافقة كويتية بعد توصلهم لقناعة من خلال التعاون الإيجابي بأن مصلحة الكويت والعراق تقتضي إنهاء الملفات العالقة بينهما. وقد ابدت الكتل السياسية تفاؤلا كبيرا بقرار مجلس الامن الدولي الذي انهى كذلك التفويض الممنوح الى القوات المتعددة الجنسيات نهاية الشهر الحالي، فضلا عن اخراج العراق من تحت طائلة البند السابع. وطالبت هذه الكتل بضرورة استصدار قرار آخر يضمن حماية الاموال العراقية.

انا هنا لست من المدافعين عن هذه الخيانة العظيمة التي أخرت العراق عشرات السنين عن الركب العالمي ، لكن اقول لايمكن لاي دولة او مجتمع ان ينهض او يتقدم، من دون ان يتوفر فيه نوع من المصارحة والوقوف على اسباب الانكسارات، والتعلم من التجارب الماضية والتخلي عن ثقافة الاستئصال والتسقيط الذي ابتُلي به وطننا بسبب بعض من الطارئين على العملية السياسية. والذي يشكل الطامة الكبرى في المأزق الذي يمر بالبلد، والمعاناة الاساسية لتقدم المجتمع وتطوره .

كما ان أي نهضة لاتتم ولن تنطلق الى الامام إلا من خلال ايجاد الارضية الصحيحة والمناسبة، للاتفاق على صياغة مجموعة متناسقة من القيم الروحية التي تأخذ بعين الاعتبار الانساني والتفاعل الحر لكل مكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية . وفتح ابواب الاجتهاد الحر على مصراعيه. وينبغي على السياسي ان يعلم ان حب الوطن من مشاعر الفطرة في الانسان، كشأن حب النفس والإباء والمال ونحو ذلك ...

كما ان هناك مشتركات بين الذين يعيشون عليها ولا فرق فيه بين انسان واخر بل من مقتضيات الايمان ،ليمضي نحو أفقه الواعد .

وضرورة الانفتاح على كل العوالم والثقافات التي يمكن ان تؤدي للازدهار والتفاعل والتفاؤل بالمستقبل بصفته الوضع الطبيعي للحياة في هذه الدنيا، وتحرير العقل من كل القيود السلبية.

عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google