مشروع مارشال عراقي
مشروع مارشال عراقي


بقلم: محمد رضا عباس - 01-02-2017
أعداد كبيرة من الشباب والشابات ينتظرون بفارغ الصبر الدخول إلى سوق العمل. بعض العاطلين عن العمل من لديه القدرة البدنية لكن اغلبهم لديه القدر العقلية , حيث من بين هؤلاء حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا . أنهم يشكلون ثروة وطنية هائلة , مع كل الأسف, لم تستطع الدولة الاستفادة منها .

القضاء على داعش عسكريا في محافظة نينوى أصبح قاب قوسين او أدنى , ولكن هذا الانتصار لم يكن سهلا ولم يكن بدون تخريب للمدن لتي مر بها تنظيم داعش . على سبيل المثال , من يمر بمدينة بيجي وهو متوجها إلى محافظة نينوى سوف يكتشف سريعا حجم الدمار الذي أصاب هذه المدينة من جراء العمليات العسكرية . ولكن مدينة بيجي لم تكن المدينة الوحيدة المدمرة بل يدخل في قائمة المدن المدمرة الرمادي وتكريت و طوزخرماتو ومدن وقصبات عديدة أخرى. سوف لن أكون مغاليا إن وضعت المساحة المدمرة بسبب العمليات العسكرية 75% من المساحة التي سيطر عليها داعش في حزيران 2014.

العراق يحتاج إلى برنامج لإعادة بناء المدن المدمرة لان هناك ما لا يقل عن ستة ملايين مواطن عراقي قد تأثروا بصورة مباشرة أو غير مباشرة بعمليات التحرير. برنامج الأعمار هذا سوف لن ينهي معانات أبناء المدن المدمرة من قسوة الظروف المناخية القاسية فحسب ولكن سيوفر فرص عمل كبيرة للعاطلين عن العمل ايضا. البرنامج سيوفر فرص عمل لعمال البناء , المهندسين من جميع الصنوف , وأصحاب المهن على اختلافها . البرنامج سيعيد الثقة إلى قطاع النجارة , الحدادة , الماء الصالح للشرب والصرف الصحي , التأسيسات الكهربائية , والصباغين .

إلا إن برنامج إعادة الأعمار سوف لا ينتهي بإعمال البناء المباشرة وإنما سيشمل قطاعات اقتصادية بعيدة عن مجال البناء مثل محلات بيع الأثاث المنزلي , الكهربائيات بجميع أنواعها , أدوات المطبخ , والستائر والمفروشات . بكلام أخر ستشمل ثورة التنمية جميع أبناء الوطن تحت مظلتها. زيادة الطلب على الأيدي العاملة سوف يزيد الدخل الفردي وبدوره سيزيد الطلب الإجمالي على جميع السلع والخدمات بما فيها القطاع الزراعي.

مع سياسة الرئيس الأمريكي الجديد تجاه العراق والذي منع العراقيين من السفر الى الولايات المتحدة الامريكية على الرغم من وجود معاهدة التعاون الاستراتيجي معها , وعلى الرغم ان العراقيين يقاتلون داعش نيابة عن أمريكا و العالم ويعطون الشهداء , فانه لا خير يرتجى من هذا الرئيس في بناء العراق او المساعدة على بنائه . العرب والعراقيون كانوا من الخاطئين حينما توقعوا من هذا الرئيس الخير والعمل على القضاء على الإرهاب ومن ساعد ودعم الإرهاب . من يريد دحر الإرهاب عليه فتح ذراعيه و خزينته للحكومات السبعة التي وضعها ترامب على لائحة المنع.

الحل هو تشريع قانون " مارشال عراقي" , هدف هذا المشروع هو إعادة بناء الاقتصاد العراقي ذاتيا . العراق يملك من الطاقات البشرية والثروة الطبيعية تؤهله لتحقيق هذا المشروع , ويضع العراق بمصاف الدول المحترمة , والاهم سيكون العراق مثلا تحتذى به الأمم وموديل اقتصادي يدرس في الاكاديميات العالمية , مثل الموديل الاقتصادي لجنوب شرقي اسيا .

والله ان تحقيق هذا الهدف ليس مستحيلا ان وجدت الإرادة واستبعدت المحاصصة . العراق يحتاج الى ما لا يقل عن مليوني وحدة سكنية , ولو استطاع العراق انشاء ربع مليون وحدة سكنية لاستطاع العراق القضاء على مشكلة البطالة ولاستطلاع تحريك الاقتصاد الوطني بأجمعه من خلال تسهيل التنمية في القطاع الصناعي والزراعي . القضاء على البطالة سوف يؤدي الى زيادة دخل الافراد , وزيادة الاستهلاك الفردي من السلع والخدمات . العراق يستطيع سد حاجة المواطن العراقي على الأقل 50% من حاجة مواطنيه خلال سنتين و ذلك من خلال تشريع قوانين تشجع عودة الفلاح الى ارضه وتشجيع رجال المال على تأسيس شركات صناعية.

العراق يحتاج الى ثورة إدارية تنظف دوائر الدولة من الفاسدين وخاصة دوائر الكمارك , لان هذه الدوائر هي التي سوف تعطل " مشروع مارشال العراقي " . ان ما اسمعته من قصص فساد عن دوائر الكمارك لا تبشر بخير. كيف سيستطيع مقاول البناء تكملة بنائه وان ما لا يقل عن 1500 شاحنة معلقة في سيطرة اليوسفيه تطلب من أصحابها دفع كمارك إضافية ( باهضه) , بعد ان دفع أصحابها الكمارك على الحدود العراقية ؟ هل توجد دولتين في العراق؟ دولة البصرة ودولة بغداد مثلا. وكيف سيستطيع منتج الأثاث البيتي الاستمرار في انتاجه , اذا أوقفت السيطرات شحنة اخشابه أيام واسابيع بحجج مختلفة , منها دفع الرشوات .

قلت ان تحقيق " مشروع مارشال عراقي " ليس مستحيلا وانما يحتاج الى تضحيات وقرارات صعبة , حتى وان تطلب الامر الاطاحة برؤوس كبيرة لتنفيذه , ولكن المستفيدون من هذا المشروع هم تلك الجامعية الشابة التي أصبحت أسيرة مطبخ بيتها بسبب قلة فرص العمل , وسوف تخلص أصحاب البسطات والجنابر من هجمات البلديات , وسوف تعطي الامل لشبابنا بالالتحاق بالمدارس والكليات لتحقيق طموحاتهم في حياة كريمة مزدهرة , وسوف تخلق تاجرا وطنيا يعمل بكل طاقته لتسويق بضاعة كتب عليها " صنعت في العراق". والاهم من كل ذلك هو انه , سيضيف العراق انجاز عظيم ضمن إنجازاته التاريخية الطويلة والعظيمة , التنمية الاقتصادية على الطريقة العراقية .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google