ليبيا.. أو دبلوماسية “من يقتل الميت ويمشي في جنازته”!!
ليبيا.. أو دبلوماسية “من يقتل الميت ويمشي في جنازته”!!


بقلم: د. نبيل نايلي - 03-02-2017
“ستكون مساهمتي وليدة العلاقات التي تربطني مع الإخوة في ليبيا على كلّ المستويات سواء مع الإسلاميين أو النظام القديم لتقديم الجميع تنازلات.. إنّ التوافق والحوار هو السبيل لحلّ الأزمة الليبية التي تمثّل التحدّي الأمني الأكبر للمنطقة.” زعيم حركة النهضة التونسية.


بلغنا أن الأستاذ راشد الغنوشي يسعى “لإستثمار علاقاته بعدّة مجموعات اسلامية وقبلية في ليبيا على أمل تحقيق تقارب ومصالحة”! وأنه بصدد القيام ب”سلسلة إتصالات إستباقية على أمل إطلاق مبادرة للمصالحة بين عدة فرقاء في هذا البلد المنهك بالحرب” في الوقت الذي “دشّنت فيه خطة عسكرية فعّالة بعنوان الحسم في ليبيا بعد إسناد خفي كبير لقوات الجنرال خليفة حفتر”! مجهودات ومساع ، حتى الآن، لا يسع السامع إلاّ أن ينوّه بها ويذكرها فيشكرها. إلاّ أن من يعرف الأقصوصة الليبية، وغيرها وتفاصيلها سرعان ما يغالبه طوفان أسئلة من قبيل: الآن، وبعد تخريب ليبيا وتحويلها إلى الدولة الفاشلة؟ الآن وبعد أن خرج الملف الليبي كما باقي ملفات هذه الأواني المستطرقة المستباحة خرج به هؤلاء الذين “يذكرونه بشبابه” وبهذا “اللّحم النتن” الذي عاد ويريد أن يعيده إلى تونس استئناسا ب”حكمة” أننا “لن نصنع العجلة من جديد” وأن في “تجربة الوئام” ما يغني عن كلّ علم ؟ الآن وبعد أن هلّل أعضاء من حركته بالذات لما يحدث في ليبيا بل والتقطوا صورا تذكارية مع أسلحة “ثوار”ها الذين لم يتورّعوا عن التصوير مع جثة القذافي مع أطفالهم بعد أسبوع من مقتله وتحت شعارات “الله أكبر”.. من فضلكم!! هل ستغلّب المصلحة الليبية أولا وأخيرا قبل مصلحة علاقات الأستاذ المميّزة بالقيادي في الجماعة الإسلامية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج والقيادي علي الصلابي، وغيرهما ممن يتحكمون داخليا بمفاصل المعادلة السياسية في ليبيا؟ هل تجمع، بربّكم، إذا سلّمنا بحسن نيتهم، الشيوخ الثلاثة –الغنوشي والسبسي وبوتفليقة- أجندة موحّدة لليبيا الغد؟ هل تسمح هذه القوى الكبرى التي نهبت وتنهب مقدّرات ليبيا، بانتظار الجائزة الكبرى –الجزائر- لا قدّر الله، أن يتدخّل من سيربك حساباتها؟ هل يعني هذا “المجتمع الدولي” الذي “يتعايش” مع حكومتيْن وبرلمانيْن و”جيش” و”ميليشيات” و”ثوار” قدامى بوساطة من لا وزن له دوليا؟ تحظى فعلا تحرّكات الأستاذ “بضوء أخضر دولي وأوروبي وتسبق تحضيرات واسعة النطاق مع مصر لإطلاق حملة عسكرية كبيرة للحسم في بعض المدن الليبية وخصوصا في بنغازي”؟؟؟ ماذا يعني الإجتماع الفنّي رفيع المستوى الذي حضره ممثلون عن خليفة حفتر الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمان، بحضور أطراف أمريكية ووأوروبية ومن حلف شمال الأطلسي؟! اجتماع بُحث خلاله “تزويد قوات حفتر بذخائر ومعدّات عسكرية متطوّرة”!!! هل يعني هؤلاء كثيرا هؤلاء الذين تسببوا وعمّقوا الأزمة الليبية ولا يزالون بسياساتهم الخرقاء أن تُحلّ المسألة الليبية وكيف وبمن؟ كيف يقبل الشيوخ الثلاثة ضوءا أخضر من هكذا جهات؟ وما هي حدوده؟ هل أنّ تحرّكهم الآن وفي هذا التوقيت كان ينتظر ضوء المستعمرين الجدد؟

هل الأستاذ –المتألّم جدا للوضع الليبي والسوري والمصري- عنده من الحياد عن هذه الجماعات المرتبطة بأجندات دول تتناحر وتمنع أي حلّ يحقن الدماء في باقي الدول؟ هل انتهى الجماعة من ايجاد الحلول الناجعة والعاجلة لمعضلات يخلقها “توافقهم” العجيب فتفرّغوا للملف الليبي الذي أبدا ما كانوا ولا يزالون طرفا فيه بدبلوماسية “ثلاثية الأبعاد”..من الرسمي إلى الموازي إلى القبلي!!! كيف لهؤلاء الذين يفشلون ومنذ أكثر من 3 سنوات في إدارة ملف بسيط للصحفيين سفيان الشورابي ونذير أن يؤلّف بين قلوب من ساهم في معاناة بعضهم ولا يزال؟ أ لم يسمحوا باستطالة عذاباة إخوتنا الليبيين من اللجوء إلى استغلالهم حتى النخاع في ملف من المفروض التعامل فيه بإنسانية فضلا عن أخوتيْ الاسلام والعروبة، فإذا هم عرضة للإبتزاز والتمعّش من صحّتهم!!! أ لم يقفوا ويقفون على طرف ضد الآخر، وثلاثتهم تحكمهم معادلات كالخطوط المتوازية التي لا تلتقي إلاّ بمنطق “الإستثناء” التونسي!!!

كلاّ لا يفشينا الأستاذ وزعيم حركة النهضة التونسية سرّا وهو يزفّنا نبأ “دخوله على خطّ المفاوضات في الملف اللّيبي بعد حصوله على الضوء الأخضر للعب دور الوسيط من طرف كل من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي”!! مؤكدا أن “الرئيس السبسي على علم بكافة تحركاته الأخيرة”! عن أي ضوء أخضر يتحدّث وممّن؟ من هذا الذي يتبجّح وعلى شاشات التلفزيون أنه “من أرسل السلاح وأسقط حكم معمر القذافي”؟؟ في اعتراف لا يحتاج برهنة في محكمات الجنايات الدولية؟ ثم أن لقاءه الباريسي الشهير وما عرفه المشهد السياسي التونسي من انقلاب تطبيعي مع النظام القديم –رأسا على عقب-!! انقلاب أضحى العمود الفقري لما بات يعرف ب”الاستثناء التونسي” و”الحكمة التونسية” في التوافق الوطني المعمّد بتزكيات من منحوهم “جائزة نوبل” فصاروا التلميذ النجيب لإملاءات من يملكون مزمار جوقة لعبة الأمم الكبرى وللبنك الدولي وغيره من مؤسسات النهب والوصاية، كذلك زياراته المكوكية إلى الجزائر، وكأن وزير الخارجية التونسي مُعفى أو أن الملف اللّيبي ليس من مشمولاته!!

ليبيا بوطنييها الشرفاء وحكمائها ستلعق جراحها وستتعافى وهي لا تحتاج مطلقا لدموع التماسيح ولا لعرّابي خطط الأمريكيين وحلف شمال الأطلسي الساعية للخروج من المستنقع الليبي. مستنقع ..هم ذاتهم من يؤبّده!

أرفعوا أياديكم فقط عن ليبيا إذا كان الأمريكيون والأوربيون والحلف الملعون شركاء في الطبخة!!

*باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google