بقلم: مهدي قاسم -
03-02-2017
ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان ! ..
أنه لمبعث فرح وسرور أن نجد بعضا من عراقيين يعيشون على صندوق السوسيال الأمريكي منذ عقود طويلة / وتحت ظل وئام أمان / وهم لا ينسون جميل أمريكا عليهم ، بعدما هربوا من جحيم بلدهم ، وهم يعانون من اضطهاد وملاحقات وحرمان ..
بينما زادت خيبتهم و امتد إحباطهم ويأسهم طويلا ، بعد سقوط النظام السابق بفضل هيمنة اللصوص " المتدَّينين " على ثروات العراق نهبا و فرهدة و تخلفا متقهقرا و خرابا مريعا ..
و إذا بهؤلاء العراقيين ـــ وعرفانا منهم بجميل أمريكا عليهم ـــ ينبرون الآن بالدفاع عن سياسة ترامب العنصرية ، اعتقادا منهم بأنهم أنما يدافعون عن أمريكا عرفانا بذلك الجميل ..
طبعا ... شيء حلو .. حقيقة !! ..
بل إنه لأمر جميل ومحمود حقا ...
نقصد هذا الاعتراف بالجميل نحو أمريكا !..
فخصلة الاعتراف بالجميل تكاد أن تكون في هذه الأيام خصلة نادرة يفتقر إليها كثيرون ..
ولكن ...
أجل ولكن ... هل يجوز الدفاع عن سياسة ترامب على طريقة مشابهة تحاذي أسلوب العرب الجاهلي و السائر الجاري مفعولا و تجسيدا بين غالبية العرب و المسلمين حتى الآن ومفاده :
ــ " ناصر أخاك ظالما أو مظلوما " ..
طبعا لا يجوز ...
لأنه سيكون ضربا من حماقة أو عاطفة هوجاء و مجانية ..
بل و هل يجوز أن يكون المرء الطارئ على بلد ما ملكيا أكثر من الملك نفسه ؟..
بحيث يزاود على ملايين من الأمريكيين المتحتجين أوالمتظاهرين الأصليين و الرافضين لسياسة ترامب العنصرية والقائمة على منطق العقاب الجماعي و فوق ذلك شاطي باطي ؟!..
إلى حد أن ثمة ولايات تفكر بالانفصال ..
و دون أن نفهم كيف يمكن لعراقي طارئ ــ دون أن نقصدا شخصا بعينه ــ و مغمور أن يزاود على مئات من كتّاب و مثقفين وممثلين وممثلات في أمريكا من امثال روبرت دينيرو مرييل ستريب و أنجلينا جولي وغيرهم والذين نددوا بهذه السياسة الإقصائية رفضا و استهجانا ؟..
و يا ريت لو كانت المسألة هنا ، هي مسألة مبدأ من قبل ترامب ، لتفهمنا موقفه المعادي من الإسلام و المسلمين كمصادر تهديد و إرهاب وترهيب ضد أمريكا ..
لو ...
نقول لو أدرج ترامب باقي المسلمين سيما السعوديين ــ مثلا لكون غالبية الإرهابيين المنتشرين في أركان العالم منهم ــ لو ادرجهم تحت قيد الحظر والمنع من السفر إلى أمريكا ، لقلنا هذا من حقه ، و ليدافع عن أبناء بلده مثلما يريد و يشاء ، أما أنه يضع ضحايا الإرهاب بالذات تحت طائلة المنع و الحظر ، ليستثني الإرهابيين الحقيقيين ، فتلك سياسة مصالح ليست لها أية علاقة بأي مبدأ كان ..
بينما ترامب رجل مال وملياردير ولا يمكن أن ينظر إلى الأمور إلا من منظار الربح و الخسارة فقط ..
يعني مدفوعا ب" مبدأ " استثمار و صفقات أسلحة بعشرات مليارات دولارات سنويا ..
أخيرا و فقط للتنويه و العبرة نذكر هنا ختاما إنه :
ذات مرة كتب أحد الكتّاب الروس الناقمين والمستائين من سياسة ستالين القمعية و التنكيلية فكتب قائلا عبارته المشهورة :
ــ ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان ..
والنبيه تكفيه الإشارة ..
