لمرأة، الحب ـ ـ ضوؤها الشاعر ! *
لمرأة، الحب ـ ـ ضوؤها الشاعر ! *


بقلم: د. رضا العطار - 04-02-2017


في البدأ كانت الفوضى - - - هكذا قال الشاعر الملحمي الاغريقي القديم (هسيود) الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد.
فالفوضى كانت حالة الكون الاولى - - وفي هذه الحالة من الوجود قام (كرونوس) ـ فهو روح الزمن عند الاغريق ـ بوضع بيضة خرج منها (ايروس).
ومعنى (ايروس) هو الحب - - !
واصبح (ايروس) إلاها مرتبطا بالزمن، ما للزمن من عظمة وجبروت.

يلخص افلاطون الفلسفة الاغريقية في الحب بقوله : ان الترتيب الصادق لمراتب الحب يبدأ بجمال الارض ويصعد الى اعلى، فمن الاشكال الجميلة الى الافعال الجميلة ومن الافعال الجميلة الى الافكار الجميلة - - والى ان نصل من الافكار الجميلة الى فكرة الجمال المطلق.
ومن ارسطو تقسيماته على افتراضه ان المحبوب يتكون اما من الخير واللطف او النافع، وهكذا هنالك ثلاثة انواع من الصداقة تتساوى مع الاشياء المحبوبة ويقول :
(انه وجد بالنسبة الى كل واحد منها حب معلوم ومتبادل – وان اولئك الذين يحب بعضهم بعضا يتمنون الخير لبعضهم البعض في تلك الناحية التي يحبون بعضهم البعض فيها) وقد ادرك ارسطو ان هناك انماطا من الصداقة تبنى على اسس المنفعة، او تندفع وراء ارضاء الذات – غير انه لم يدن هذا النوع من الحب كليا، ورأى انه ككل هوى، اما ان يكون خيرا او شرا. فهو حب فاضل فقط عندما يعتدل، ويتلطف بالعقل ويضبط عن طريق النظام الصحيح للخير والذي على نمطه يجب ان تاتي محبات الانسان.

كما ادرك سقراط قبل افلاطون وارسطو وجود امكانية توفر العاطفة الجنسية في الحب وما يمكن لهذه العاطفة ان تسببه لمن يحملها من هوى وعذاب والى حد ربما لا يستطيع فيه القانون او العقل اخمادها. ويتضح ذلك من السؤال الذي يطرحه سقراط على الرجل العجوز سيفالوس عما اذا كانت الحياة في نهايتها ستصبح اكثر قسوة ؟ ويجيب العجوز مرددا قول سوفوليكس الذي اجاب عندما سئل كيف يتوافق الحب مع العمر ؟ - -
(اني اشعر وكأني تخلصت من قبضة متسلط معتوه وهائج) - - ورغم علمه باللذات الجنسية، الا انه يدعو الى نبذ فينوس التي جرحت نبالها قلوب الرجال.

يقولون في ذلك (ان الفرح يزداد شدة لكنه يتقرح بالاطعام - - والجنون ينمو يوما بعد يوم، ويصبح الشقاء اكثر ثقلا. - - وهذا هو الشئ الوحيد الذي كلما زاد ما نأخذ منه، زاد احتراق قلبنا بالرغبة الملعونة) - - و ( عندما يكون الحب فاشلا ولا امل فيه، فإن مساوئه يمكن ان تستشف بعيون مغمضة )

وقد توالت النظرات الفلسفية المختلفة من عاطفة الحب – فيقول الفيلسوف باسكال :
( ان للقلب اسبابه، التي لا يعرفها العقل، غير اننا نحسها بألف شئ )
ويقول القديس اوغسطين : ( ما الذي افرحني غير ان أحب وان اُحب، ؟ غير انني لم احافظ على ميزان الحب، العقل للعقل، الحد الوضاء للصداقة، ولكن من الرغبة الجامحة والعكرة للجسد ومن فورات الشباب، فان ضبابا قد تصاعد وخيم على قلبي بحيث اني لم استطع التمييز الواضح الصافي للحب غير ضباب الشهوة )
أما الفيلسوف توما الاكويني، فهو يفرق بين نوعين من الحب، ذلك الحب الذي يقع في مجال الوجد، وذلك الحب الذي يقع في مجال الارادة، وعزا الاول الى الخاصة الشهوانية، والنوع الثاني من الحب عزاء للشهوة العقلية او الفكرية.

* مقتبس من كتاب (المرأة، اللعبة، ضوؤها الشاعر) لنزار قباني



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google