المسلمون يعلنون الحرب على انفسهم
المسلمون يعلنون الحرب على انفسهم


بقلم: حيدر الصراف - 06-02-2017
لم تكن تلك الصورة المريبة و النظرة المخيفة تحيق بأولئك الرجال من اصحاب اللحى الطويلة و الثياب الفضفاضة ( الجلاليب ) و هم يسيرون ممسكين بأطفالهم الذين هم في صخب و صراخ و خلفهم تسير نسائهم المقنعات بالبراقع في اروقة المطارات و محطات القطارات الأوربية سوى نظرات قد تكون فضولية اما الأخرى فهي مشفقة لكثرة الأحمال اما تلك اللامبالية و لا تعيرها اي اهتمام فالبشر احرار فيما يأكلون من الطعام و ما يلبسون من الكساء .

تغيرت الصورة و تبدل المشهد و اصبح ذلك المنظر لا يثير الأهتمام و الفضول فحسب انما الكثير من الحيطة و القلق و الأرتباك الذي يعم المكان الذي يتواجد فيه اناس تدل شكل ملابسهم او طريقة حلق شعورهم و لحاهم على انهم يتبعون ( الأسلام ) كدين و طريقة حياة و لم تأت تلك المخاوف و الحذر من فراغ او عداء عنصري لأختلاف في الوان البشرة او تناحر فكري بسبب ما خلفته المعتقدات الدينية من شروخ و انشقاقات بين بني البشر انما لتلك الهجمات المروعة و الدموية التي استهدفت المدنيين من الناس المسالمين الذاهبين الى اعمالهم و مدارسهم او اولئك المحتفلين بالأعياد و المناسبات .

كان للمهاجرين المسلمين الى الدول الأوربية ( المسيحية ) حرية العبادة و بناء الجوامع و المساجد و العديد من الحريات الأخرى اكثر بكثير من تلك التي في بلدانهم ( الأسلامية ) فكانت و مازالت تقدم لهم الضمانات الصحية و المساعدات الأجتماعية التي حصلوا عليها هم و عوائلهم و مؤسساتهم الدينية و جوامعهم و المساجد ( على الرغم من ان هذه الأموال هي حصيلة الضرائب المفروضة على بعض الأنشطة التجارية المحرمة اسلاميآ مثل تلك المفروضة على اماكن تصنيع و بيع الخمور و اخرى على الملاهي الليلية و نوادي القمار و غيرها ) .

كل تلك التسهيلات و المساعدات و العيش الكريم و الكرامة المصانة للقادمين الى القارة الأوربية من المهاجرين لنيل فرصة العمل و توفير الأموال الضرورية لهم و لعوائلهم او اللأجئين الذين اضطرتهم ظروف بلادهم القاسية على الفرار و الرحيل فوجدوا في دول هذه القارة من احتضنهم و وفر لهم الملاذ الآمن و الغذاء و الدواء و قبل كل ذلك قدم لهم الأحترام المناسب لآدميتهم و ذكرهم على انهم بشر يتوجب احترامهم بعد ان نسوا ذلك و لم يعد يتذكرونه في بلادهم .

لقد فهم خطئآ قسم كبير من القادمين للعمل من العاطلين او اولئك الهاربين من الظلم و الأضطهاد اي اللأجئين ان الأجواء الرحبة و الواسعة من الحرية و احترام حقوق الأنسان و عدم التعدي عليه بالتعذيب و الأهانة في مخافر الشرطة و مراكز التوقيف هو نوع من الضعف و الخوف لأن مفهوم القوة و الصلابة و الجبروت التي تعودوا عليها هي في تلك الأنتهاكات الجسدية او اللفظية المروعة التي يتعرض لها الناس في تلك البلاد من العالم الثالث و كان لتلك التصرفات الغير مقبولة للقادمين للعمل و الأقامة من التعالي على المواطنين في الدول التي استقبلتهم الى محاولة فرض عاداتهم و تقاليدهم التي جاءت معهم على المجتمعات التي حلوا بها بالقوة و العنف من خلال تلك الهجمات الأرهابية التي طالت الناس الآمنين الأبرياء و فتكت بهم .

ان اكثر المتضررين و الخاسرين من تفكك الوحدة الأوربية و اقامة السياج الحدودي الفاصل من جديد بين تلك الدول و كذلك من صعود الأحزاب اليمينية المعادية للأجانب عامة و المسلمين خاصة و الذي يتسع التأييد الشعبي لها و يتزايد يومآ بعد يوم هم المسلمون الذين يشكلون النسبة الأكبر من اعداد النازحين الذين يتوجهون الى دول القارة الأوربية .

خروج ( بريطانيا ) من الأتحاد الأوربي و انسحابها منه خوفآ من الهجرة المتزايدة و التي تجلب معها الخطر الأرهابي ( وان لم يعلنوا ذلك صراحة ) الذي يهدد امن المواطنين الأنكليز و حياتهم يتناغم هذا الأبتعاد مع التحول الكبير في سياسة ( امريكا ) مع فوز الرئيس الجديد فيها و الذي ينسجم في سياساته الى حد كبير مع توجهات الأحزاب اليمينية الأوربية المعادية للمهاجرين و التي اصبحت تحظى بشعبية كبيرة و غير مسبوقة كما هو متوقع في الأنتخابات القادمة و نسب اصوات لا يستهان بها و قد تكون في سدة الحكم او شريكة رئيسية فيه .

بعد كل تلك الهجمات الأرهابية الهمجية و التي كانت بدايتها في الهجوم الشهير في ايلول 2001 الذي دمر المباني في ( نيويورك ) و قتل عدة آلاف من الناس في منظر لا يسر سوى المرضى النفسيين او المجرمين و تتالت بعدها الأعتداءآت الأجرامية لتشمل العالم كله و بالأخص الدول الأوربية و التي اصبحت كما يبدو في عين العاصفة و بعد كل ذلك يتعجب المسلمون من تلك النظرة المريبة تجاههم و من تلك الأجراءآت التي تعيق دخولهم الى ( الدول المعادية ) و التي يكرهونها لكنهم يحبون العيش فيها هو الأنفصام في الشخصية الذي يعاني منه اغلبية المسلمين حتى اصبحوا لا يفرقون بين العدو و الصديق .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google