البعث كان مكروها في العراق ، الحلة و ناحية السَنيّة مثالاً في ذكرى ٨ شباط الأسود
البعث كان مكروها في العراق ، الحلة و ناحية السَنيّة مثالاً في ذكرى ٨ شباط الأسود


بقلم: شيرزاد زين العابدين - 07-02-2017
من الذاكرة
بعد الإنقلاب الدموي في شباط الأسود ١٩٦٣ زج بالآلاف من العراقيين في السجون وقُتِلَ وعُذِبَ الآلاف وهي في حقيقة الأمر كانت مؤامرة ضد الشعب العراقي بأكمله وكانت مدعومة من قوى معادية لتطلعات الشعب العراقي في الحرية والتطور ، ومن ضمن الذين تم إعتقالهم المرحوم والدي زين العابدين محمد حيث كان آنذاك مدرساً في ثانوية العمادية والعديد من أهالي العمادية ، ولما أرادت السلطات البعثية نقلهم إلى الموصل ولخوفهم من أن يتم تحريرهم في الطريق فقرروا نقلهم بواسطة الجو ، في اليوم الذي علمنا بأنه سيتم نقلهم تجمعنا أنا ووالدتي والكثيرين من أهالي وأصدقاء السجناء وأهالي العمادية ولا أنسى ذلك اليوم حيث كنا واقفين في شرفة الطابق الأول من مدرسة قباد المشرفة على الشارع وبعد فترة رأينا مجموعة من السجناء مكبولي الأيدي وبخط مستقيم الواحد جانب الآخر وكان والدي معهم وتوجهوا بهم إلى طائرة الهليكوبتر ثم أرتفعت في السماء حتى أختفت من الأنظار بإتجاه مدينة دهوك ، ومكث في السجن لمدة سنة في سجن الحضر والموصل في ظروف قاسية وغير إنسانية.
وبعدما خرج من السجن بعد دفع الفدية جاء عندنا حيث كنا مع والدتي في قرية جم سيدا ولكنه تعرض لمضايقات كادت تؤدي بحياته فتوجه في سنة ١٩٦٨ إلى بغداد بعد صدور العفو العام للسجناء السياسيين لتكملة معاملة إعادته إلى الوظيفة ولكنه لم يستطيع الحصول على وثيقة عدم المحكومية لإعادته للوظيفة فتوجه إلى رئيس الوزراء آنذاك طاهر يحيى وكان له معرفة معه سابقا فأستقبله وخابر المسؤول عن منح وثائق عدم المحكومية لإعطاءه لوالدي ، فقال له المسؤول : سيدي الموما إليه محكوم سابقا فكيف أمنح له عدم المحكومية ؟
قال والدي غضب طاهر يحيى وقال له : إسمع إني طاهر يحيى أكو ...... بالعراق يگلي لا ؟
فقال والدي ذهبت فإذا بعدم المحكومية كانت حاضرة ورجعت للوظيفة ولكن بشرط ممنوع علي من بغداد فما فوق ، فقال أخترت مدينة الحلة وأصبح مدرسا في متوسطة الجمهورية ثم نقل إلى أعدادية زراعة الحلة.
وفي أعدادية الزراعة قال والدي أن أحد المدرسين البعثيين قال يوما : ألا ترون بأن عدد السرقات قد تلاشت تقريبا بعد مجيئنا إلى الحكم ؟
فردّ أحد المدرسين ، بالتأكيد فكل النشالين والسراق أنظموا إلى الحزب وأصبحوا مسؤولين.
وكان يسكن ناحية السنية زوج خالتي المرحوم سعيد حاجي والذي كان في البداية نفي بعد ٨ شباط الأسود وبعد خروجه من السجن إلى ناحية البطحاء التابعة لمحافظة الناصرية ثم جاء إلى ناحية السنية التابعة لمحافظة الديوانية وكنا نتبادل الزيارات فعندما يأتون إلى الحلة كنا نزور آثار بابل والمناطق الأثرية ، وعندما كنا نذهب إلى السنية فكنا نتنزه أطراف النهر القريب من المدينة والتل الذين كانوا يسمونه بالجبل ويذكرنا شيئا ما بجبالنا وكذلك على أطراف النهر كنا نجمع نبتة يسمونها - شسم الله - ونفس النبتة كانت موجودة في قريتنا ولها أزهار أُبرية طويلة وهي تؤكل ولذيذة ولكن قبل أن تتفتح.
وفي أحد الأيام كنت بصحبة والدي والعم سعيد فدخلنا إحدى المقاهي الشعبية ولما دخلنا فبدأ جو من المرح وأستقبلنا بالحفاوة وكان صاحب المقهى ذات شخصية مرحة وكان وهو ينقل الشاي إلى الزبائن لا يفوته بأن يطلق نكات فكاهية وخاصة تهكمية ضد حزب البعث وكان الجميع متفاعلا معه وشعرنا بغبطة وإنشراح وفجأة صاح صاحب المقهى وهو يقرب أصبعه من فمه أشششش ، جاء الواوي ، والواوي يعني الثعلب فنظر الجميع صوب الشارع حيث النوافذ الكبيرة المطلة على الشارع ومن خلالها رأينا شخصا حقيقة كان مكروه المنظر فعرفنا بعد ذلك بأنه بعثي قد أستوردوه إن صح التعبير من منطقة أخرى لأنهم لم يجدوا بعثيا من أهل السنية يقوم بالمهام القذرة كالتجسس ، فدب الصمت في أركان المقهى وكأننا في عزاء ٠
شيرزاد زين العابدين
ملاحظة أحداث السنية بتأريخ ١٩٦٨ - ١٩٦٩



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google