انقلاب شباط الثورة تأكل ابناءها
انقلاب شباط الثورة تأكل ابناءها


بقلم: حيدر الصراف - 10-02-2017
هذا اذا اعتبرنا ما حدث يوم 14 تموز 1958 ثورة جماهيرية تعبر عن مطالب الشعب المشروعة في الحرية و العدالة الأجتماعية و ليست هي النسخة العراقية لما حصل في ( مصر ) عندما اطاح مجموعة من الضباط الأحرار هناك بالنظام الملكي و اعلنوا الجمهورية في انقلاب عسكري بقيادة اؤلئك الضباط لكن الفرق بينهما هو ان ما حدث في ( مصر ) هو ترحيل الملك المصري و عائلته الى خارج البلاد و بشكل سلمي و دون ايذاء او اراقة للدماء عكس ما حرى في ( الثورة ) العراقية عندما ابيدت العائلة المالكة العراقية في مذبحة ( قصر الرحاب الشهيرة ) و التي كانت البداية الحقيقية لسلسلة من المجازر القادمة .

لم يكن لدى الضباط الذين قادوا حركة 14 تموز في العراق اي رؤية حقيقية واقعية لأدارة الحكم و شؤون الدولة بعد اسقاط ( النظام الملكي ) و لم يكن لديهم برنامج واضح المعالم في السياسات الواجب اتخاذها داخليآ و خارجيآ انما كانت قرارات ارتجالية غير مدروسة لذلك بدأ الصراع و النزاع بينهم منذ الأشهر الأولى لقيام ( ثورتهم ) لغياب الأسس الصحيحة التي يجب ان تقوم عليها ادارة الدولة و تسيير مؤسساتها و بدأ معها مسلسل الأنقلابات العسكرية التي اخذت تتوالى و اصبح لكل ضابط يملك رعيل من الدبابات و صف من الجنود حلم احتلال القصر الجمهوري و دار الأذاعة و تلاوة البيان رقم واحد و الحاضر على الدوام و الذي اغراهم و داعب مخيلتهم رؤية زملاء لهم لا يفوقونهم خبرة او رتبة و هم في سدة الحكم و سادة القصر الجمهوري ( مافي حدا احسن من حدا ) كما يقول الشوام .

اختلف قادة البلاد الجدد من الضباط فيما بينهم كل منهم يرى انه الأكفأ و الأكثر ( شرعية ) من غيره و ادى ذلك الأختلاف و تباين وجهات النظر الى الأحتكام للسلاح الذي هو وسيلة العسكر في التفاهم و الحوار فكان الصراع دمويآ عنيفآ فبعد ان اخمدت تمردات عسكرية و قمعت بالقوة المفرطة و سيق قادتها الى ساحة الأعدام و كانت التهمة هي التآمر بالتنسيق مع الأستعمار على الجمهورية الوليدة و زعيمها و زج من تبقى منهم في السجون و المعتقلات و بدأت الأحقاد و الضغائن تكبر وتزداد في النفوس و اخذت روح الأنتقام هي الأخرى في تصاعد مستمر و اصبح رفاق الأمس اعداء اليوم متخاصمين متناحرين لا يحتكمون الا الى لغة السلاح و العنف و عندها انقسم الشعب العراقي بين مؤيد للزعيم و حكومة الجمهورية و القسم الآخر كان بالضد و وقف الى جانب المعارضين لحكم ( الزعيم ) فبدلآ من ان يتحلى الحكام بالحكمة و الحنكة في ادارة الأزمات و ان يكونوا الحل و الفيصل في النزاعات و المشاكل التي قد تحدث بين اطياف المجتمع و تكويناته المتنوعة و هي وظيفة ( الحكومة ) الأساسية كما هو معروف اصبحوا هم انفسهم المعضلة التي انعكست بكل سلبياتها على المجتمع و الشعب فتقاتل ابناء الحي الواحد فيما بينهم بدافع العصبية و الأنحياز الأعمى لهذا الطرف او ذاك و امتد الصراع بين ابناء العشيرة الواحدة فحملوا السلاح في مواجهة بعضهم البعض الى ان وصل التناحر الى البيت الواحد فكان الشرخ و الأنقسام بين ابناء الشعب الذي احدثه هؤلاء ( الضباط الحكام ) بصراعهم المرير على السلطة و الحكم ان برزت تلك النزعات الطائفية العدوانية و اتضحت التطلعات القومية الأستقلالية بشكل صريح بعد ان حاول ( الحكم السابق ) جاهدآ في الحد من تلك الظواهر عبر المحاولات الجادة في ازالة مسبباتها او التقليل من تلك الأسباب في محاولة للأبقاء على هذا البلد موحدآ بكل مكوناته المتعددة .

كان 8 شباط 1963 هو اليوم الذي شكل صدمة عنيفة للشعب العراقي و هو يرى بقية ( الضباط الأحرار ) على حقيقتهم دون اي غطاء او ستار في مشهد همجي مقيت و مرعب و هم يفتكون و يقتلون بعضهم البعض ايعازآ من دوائر خارجية او طمعآ بالحكم و السلطة فليس هناك من فرق كبير فأرواح ابناء الشعب و مستقبل اجيالهم كانت على طاولة القمار التي اتخذها هؤلاء الضباط ملعبآ لهم و ساحة لهوهم و اشباع نزواتهم الصبيانية .

جزء من هؤلاء ( الضباط الأحرار ) الذين قادوا الحركة في 14 تموز 1958 هم انفسهم الذين كانوا على رأس انقلاب 8 شباط و الذين اجهزوا على رفاقهم السابقين في مجزرة دموية مروعة و فشلوا فشلآ ذريعآ و مخزيآ في الحفاظ على الوحدة الوطنية التي ورثوها و كانوا تلك البذرة الملعونة في التقسيم و الأنفصال الطائفي و القومي و الذي لا يزال التهديد الأكبر الذي يحيق بالدولة العراقية و وحدة الشعب الوطنية .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google