حول رفض الاوروبيين لهجرة المسلمين الى اوروبا
حول رفض الاوروبيين لهجرة المسلمين الى اوروبا


بقلم: جمال الخرسان - 11-02-2017

نشر في معظم وسائل الاعلام مؤخرا استطلاع اجراه مركز التحليل البريطاني "Chatham House" يفيد بان معظم مواطني البلدان الاوروبية يرفضون هجرة المسلمين الى اوروبا، وخصوصا في بلدان مثل بولندا، النمسا، ألمانيا وإيطاليا. وهذا ما ينسجم مع موقف الرئيس الامريكي المثير للجدل ترامب.
اما بخصوص الراي العام الاوروبي من هجرة المسلمين فانه ليس جديدا ان هناك امتعاضا كبيرا في الشارع الاوروبي من هجرة المسلمين بشكل عام، وتتساوى في ذلك البلدان الشمالية والجنوبية من القارة الى حد ما، يتساوى في ذلك اليمين واليسار، نعم قد يختلفون في طريقة التعاطي مع هجرة المسلمين التي يعتبرونها جميعا "ازمة" وان تعاطف اليسار مع المهاجرين المسلمين وغير المسلمين ينبع بالاساس من الظروف التي يعاني منها المهاجرون في بلدانهم الاصلية او بلدان النزوح، وليس الترحيب نابع بالدرجة الاولى بفكرة الهجرة. قد لا نلومهم في ذلك حينما نتحدث بصراحة وبشجاعة، فالمسلمون غالبا ما يشكلون عبئا على تلك المجتمعات، يعتبرون الانخراط في المجتمع والاندماج فيه شيئا من الانحلال الاخلاقي المرفوض، يصطدمون عادة بمعوقات دينية وثقافية كبيرة تحول بينهم وبين ممارسة الكثير من المهن، تنتشر البطالة فيما بينهم، ينعزلون ويشكلون دوائر مغلقة داخل المجتمع الذي يعيشون فيه، بينهم وبين البلدان التي يعيشون فيها جدران وهمية عازلة وضعوها هم وساهم بترسيخها اليمين المتطرف في تلك البلدان لتعزز هذا الانعزال الخطير.
يحتفل الاوروبيون على مدار العام بالكثير من الفعاليات الموسمية الثابتة على مدار العام او حتى المتغيرة، كل بلد يقيم مهرجانا ويقدم فيه لوحات فنية، منتجا ثقافيا، موروث قديم مسوق بطريقة معاصرة، كما هو الحال مع مهرجانات "التانجو" التي يقيمها الارجنتينيون، مهرجان السامبا الذي يقيمه البرازيليون حيثما حلو، رقصات الفلامينغو الاسبانية، مهرجانت الموسيقى المتنوعة، اليابانيون استحدثوا في احدى بلدان شمال اوروبا مهرجانا سنويا لاشجار الكرز، حيث قاموا بزراعة مجموعة من اشجار الكرز ورعوها وحرصوا على اقامة فعاليات كبيرة سنويا في حديقة الكرز التي اصبحت تسمى باسهم. لكن من النادر ان يجتمع بلد مسلم على اقامة فعاليات ثقافية او فنية وسوقها بشكل يليق بها. اتحدث عن الجهود الجماعية ولا اتحدث عن الجهود الفردية فهناك مشاريع ناجحة لكنها ليست في اطار العمل الجماعي. اما المؤسسات الرسمية مثل السفارات فهي ليست الا مؤسسات مترهلة غير قادرة على ادارة فعل ثقافي وفني مهما كان متواضعا. كل ذلك في كفة وما انتشر عن المسلمين من ثقافة الذبح وتقطيع الاجساد في كفة اخرى، الجرائم البشعة التي اقترفها المتطرفون وما رافقها من تسويق مبالغ فيه من قبل وسائل الاعلام المتطرفة في الغرب عزز تلك الصورة البشعة عن المسلمين.
اما بخصوص قرارات ترامب وخصوصا حول الهجرة، ففي الحقيقة ان ترامب وكما قيل ذلك سابقا انه رجل كاوبوي امريكي في زمن الفيسبوك، ترامب عادى الجميع، وبطريقة غير لائقة، واستصدر قرارات بدوافع مجحفة وغير واقعية، فهو اولا استثنى بلدان اسلامية كانت اكثر فتكا بالمجتمعات الاوروبية من تلك التي استهدفها، وثانيا ان ترفض هجرة المسلمين شيئ، وان تعتبر ذلك ورقة انتخابية ومشروع سياسي تستصدر من خلاله قرارات من كبريات المؤسسات الامريكية فهو شيء آخر، ما هكذا صيغت القوانين بالحضارات الغربية، ولا يمكن تشريع واستصدار قرارات بهذا الشكل انها عنصرية صارخة حتى لو كانت منسجمة مع مزاج شريحة كبيرة من الشارع، وهذا ما يدافع عنه الرافضون لقراراته حتى لو انسجموا مع النتيجة، انهم يدافعون عن قيمة القوانين والاعراف التي سارت عليها الحضارة الغربية اكثر من دفاعهم عن اي شيء آخر. زعماء اخرون قد يصلون لنفس النتيجة ولكنهم يحرصون على تسويقها بخطاب دبلوماسي مرن وبطريقة لا تثير حفيظة الاخرين. ترامب شخصية شخصية مزاجية ومتطرفة تتحدث بخطاب نرجسي منقعطع النظير لا ينم بصلة للادبيات السياسية المتعارف عليها في معظم البلدان المتقدمة.

جمال الخرسان



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google