ما نهاية مائة عام من الاحباط (1 )
ما نهاية مائة عام من الاحباط (1 )


بقلم: عماد علي - 12-02-2017
قبل ان نتوغل في صلب الموضوع، يجب علينا ان نجيب عن السؤال الجوهري حول ما نحن اي الكوردعليه، انحن صاحب هوية خاصة بما نحن نسميها امتنا الكوردية، و هل ما نتصف به يمكن ان نسميه هوية خاصة بنا و انها واضحة و جامعة، او هل نحن امة حقا و لنا امكانية و قدرة على تكوين قوة يمكن ان نقاوم بها الصعوبات التي تفرض نفسها على ما يمكن ان نسمي انفسنا به و نعتقد بانه بلا اسس راسخة، و رغم كل التضحيات و الثورات التي اشعلناها و فشلنا فيها، و في النتيجة احبطنا، و لم نتخطى المراحل السابقة لانبثاق الامة بسلام، و تراوحنا لحقة طويلة الى ان انغمسنا فيما وصلنا اليه في هذه المرحلة من ما نعيشه في عالم فوضوي غير منتظم يسير وفق المصالح التي يجهد كل طرف على تامينها من اجل ما ينتمون اليه من امم و دول و نحن نفتقد اليها، و لنا الحق ان نشك في انفسنا في ان نكون امة متكاملة الاوصاف .
تاريخنا معلوم و مليء بالتناقضات و المآسي . يمكن ان نقول لا توجد امة تالمت و ضحت و من ثم احبطت جراء السذاحة التي سارت عليها امتنا ان كنا نفترض نظريا باننا امة، و وفق كل مقومات الامة و اسسها، انا اعتقد باننا لم نصل الى مكانة و تركيبة امة متماسكة بمعنى المفهوم و لها القوة في تحمل ما تتحمله الامم الاخرى، لكوننا على حال لانزال يتمتع عرقنا بالتجمعات و التكتلات الانسانية التي لا يمكن ان نوصفها بالشعب، اي قومية دون ان نصل الى الامة بكل سماتها . و هذا ليس من فعل ايدينا بل نتيجة طبيعية لما فرضته الظروف الذاتية و الموضوعية علينا و ابقتنا على حال لم نتمكن من النمو و الوصول الى حال نعرفها بامة، و اننا حقا تجمعات دون ان نعبر حدود الشعب، و يمكن ان ندعي باننا لم نذق متعة العقلية الانسانية او مميزاتها و سماتها التي تفرضه قمة العقلية الانسانية التي تصل نسبة معينة من ما تصل اليها البشرية .
العامل الذاتي لدى الكورد من كافة النواحي الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لم يكتمل لحد الان، و العامل الموضوعي من الظروف الاقليمية و الداخلية السياسية و الدولية لم تناسب او توافق مع مسار الوصول الى مستوى تساعد على ان نكوّن امة موحدة و لها القدرة القادرة على تحدي الصعوبات و لها امكانية الثبات و الوقوف ضد كل التحديات التي تواجهها . لازالت الاوضاع الاقليمية و الداخلية الذاتية على درجة يمكن ان نوقل اننا بانفسنا نقف حتى ضد سياق عملنا للوصول الى مستوى يمكن ان نسمي انفسنا شعبا ومن ثم امة، هذا عدا ما ينقصنا من اهم عامل رئيسي لتجسيد الامة وهو دولة مستقلة صاحبة السيادة التي تمنع او تصد هبوب الرياح العادية عليها . لولا التغييرات الاقليمية الاخيرة التي فرضتها تدخلات القوى العالمية لكنا الان كما كنا عليه منذ مائة عام اي نشعل الثورات و ننهيها بخيبة امال و نكبد قوميتنا الخسائر تلوة الاخرى، الا ان القفزة التي حصلت في تغيير شؤون المنطقة مستنا و وصلتنا الى ما كنا لم نقدر ان نصل اليه بذاتنا لسنين اخرى و ان دمنا على تقديم التضحيات لك حركة مسلحة، لاسباب و عوامل ذاتية و موضوعية معلومة ايضا .
لقد اشعلنا خلال الحقب السابقة مجموعة من الثورات العفوية التي شارك في بعضها االنسان الكوردي الذي يمكن ان نسميه بالشعب مجازيا، و ضحى بكل ما يملك ليس لهدف معين بقدر ما هو كان مؤمنا بانه ينتمي الى مجموعة بشرية تتطلب منه التضحية من اجلها و لضمن مستقبلها و صد الاعتداءات عليها، و آمن نتيحة سذاجته بانه يحقق نصرا مبينا بالكفاح المسلح دون ان يحسب تلك العوامل التي هي فوق الشجاعة و التضحية و الاخلاص، و هي القوة التي تفرضها مجموعة من المصالح المتشابكة مع بعضها للدول العالميةو الاقليمية التي تسير وفق سياسة ضمان المصالح بعيدا عن الاخلاق و السمات الانسانية الحسنة . اننا اخطئنا كثيرا في مسار ثوراتنا المتعاقبة، لم نحسب للعوامل الذاتية و الموضوعية بجدية و تعقل كافيين، ارتبطنا باستمرار باحدى الدول التي قُسم الكورد عليها و ليس لها المصلحة في تحقيق الكورد هدفهم و تقرير مصيرهم باي شكل كان، و لم نتعامل الا بعاطفة و بخطوات بعيدة عن السياسة الواقعية وكنا بعيدين عن دراسة الحال من اقرب ابعادها و سرنا بعفوية و بفوضى عارمة في اكثر الاحيان . لم نهتم باي شكل كان بالوحدة الداخلية و كنا في اغلب الاحيان منقسمين و خلقنا بثوراتنا العداوات و التفرقة العشائرية و القبلية و الحزبية بدلا من بناء اعمدة الوحدة الوطنية، و لم نعتبر او نتعامل مع الحاسة الشعبية للكورد فيما اقمنا عليه من الثورات و الخطوات السياسية و القرارات المصيرية، لذلك كنا بانفسنا سببا في ازدياد الهوة بين فئات الشعب و مكوناته المختلفة . و على الرغم من عدم ايمان الحاسة الشعبية العامة بجدوى التحركات احيانا الا انهم لم يبخلوا بتقديم القرابين و التضحيات التي احتاجتها الحركات المسلحة في كل الثورات . و على الرغم من عدم اقتناعهم بما يمكن ان تصل اليه تلك الحركات و بما امتلكوا من احساسيس في قرارة انفسهم بانهم امام هدر الدم الذي يقدمونهبغير جدوى الا انهم وقفوا و لازالوا مع الثورات دون ان يصيبهم ملل او ما تفرضه تلك الاحساسيس عليهم من اللامبالاة ازاء الحركات الثورية و السياسية التي لم تبرز قيادات حكيمة كان المفروض عليها ان تفكر بعقلانية و تقيم الواقع و ما كانت عليه كوردستان من كافة جوانبها لحد الساعة . و عليه يمكن ان نسال: هل كان لهذه الحركات السياسية و الثورات المسلحة اي تاثيرايجابي على الشعب، ام يمكن ان نعتبر كل ثورة خطوة الى الامام ام يمكن ان لا نرفض توجه البعض بان الثورات المسلحة كانت خطوات للوراء، و هل العواقب الوخيمة التي حصلت جراء فشل الثورات و الانتكاسات كانت سلبية بمطلقها ام لم تخمد الجذوة منذ مئة عام مهما فشلت تلك الحركات و الثورات المسلحة و ابقت على نار من تحت الهشيم و هي تتحين الفرص لتتقد من جديد .
ان بعض الافكار و الايديولوجيات الواردة و الغريبة عن محتوى جمع الصفات العامة التي يتميز بها الكورد اضرت بحركته و قضيته في النتجية اكثر مما افادته، و ان كان تاثيراتها الايجابية محددة و مقتصرة على فئات صغيرة و قطاعات ضيقة سواء من المثقفين المنعزلين عن حال الشعب بشكل عام ام في حدود حلقة ضيقة خاصة فقط . ويجب ان نذكر هنا ان الاخطاء الكبيرة في هذا الجانب لم تكن تقتصر على الكورد فقط و انما حصلت في ثورات كبرى في العالم ايضا، الا ان الكورد المتخلف و هو يعيش في كنف دولة اخرى لصق بها قسرا، هذا ما اضر به اكثر من غيره . اي، ان اوهام الافكار البعيدة عن الواقعية كانت من اسباب فشل الثورات الكوردية المتعاقبة ضمنا نتيجة تاثيراتها السلبية عن التوافق بين الثورة و الشعب و احداث ثغرات و ابعاد الراي العام عن مكنون الثورات و التعامل معها بعفوية و حرية من جهة او اتخاذ مواقف مضادة نابعة من مستوى العقلية التي لم تكن تؤمن بمحتوى تلك الافكار و لم تتلائم مع الموجود على ارض الواقع من العقليات الاجتماعية و المستوى الثقافي العام من جهة اخرى . و هذا لا يعني اننا نبعد شراسة و تبجح الاعداء التي تجمعهم نقطة مشتركة واحدة و هي وقوفهم ضد امال الشعب الكوردي فقط كسبب رئيسي لانتكاساته المتكررة في تاريخه .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google