كيف ما كنتم يول عليكم
كيف ما كنتم يول عليكم


بقلم: د.محمد الدهان - 12-02-2017
الكثير من مواطني الاقطار العربيه والاسلاميه وخلال العقود الاخيره اصبحوا يسعون للعيش في اوربا او امريكا حيث الفضاءات الفسيحه من الحريه والرفاه والشعور بالكرامه خصوصا بعد ان تفاقمت التناقضات والاحباطات واستشرت المشاكل والتعقيدات بعد ان تهاوت المرتكزات والمفاهيم التقليديه ولم تعد منسجمه مع روح العصر وقد كان لوسائل التواصل الحديثه الاثر العظيم في فتح نافذة واسعه اطلت من خلالها تلكم الشعوب لترى عن كثب وتتبين ان هناك فهما اخر للحياة بكل تفاصيلها . ان هذه الرغبه وذلك الحلم يكاد يشمل الجميع حتى موسوري الحال ولا يستثني من ذلك حتى الحاقدين على الغرب (الكافر) وكذلك القيمين على الامور(اقصد اصحاب القرار من المسؤولين) وإن إدعوا غير ذلك وتمشدقوا بشعارات يضحكون بها على ذقون العامه والا كيف نفسر تهافتهم على الايفادات والحصول على الجنسيه وشراء العقارات وترحيل العوائل.
لدى الكثيرين من ابناء هذه المجتمعات (التعبانه) اعتقاد خاطئ مفاده ان السلطات الحاكمه وحدها قادرة على الانتقال بالناس من هذا الجحيم الذي يعيشونه
في بلدانهم الى رحاب الرفاه والسعاده والحريه والشعور بالكرامه رغم انهم جربوا الكثير من هذه الحكومات الفاشله والتي تختلف في مسمياتها وتوجهاتها الرئيسيه متناسين ان تلكم الحكومات في الغالب سواء منها من وصل الى سدة الحكم عن طريق القوه كما هي العاده او تلك التي جاءت عبر الانتخابات المزيفه اوالصحيحه ،متناسين ان تلكم الحكومات الفاشله هي نتاج طبيعي للواقع الاجتماعي والديني والعشائري وانعكاس دقيق لمجموعة المفاهيم والقيم السائده والمتجذره في اعماق تلكم المجتمعات(مهما اختلفنا في ملائمتها لروح العصر من عدمه).
كل العرب والمسلمين يعتزون بما قدمه اسلافهم في مضمار الحضاره الانسانيه في فترات خلت من التاريخ الانساني وكانت لهم ادواتهم والياتهم المتطوره انذاك والتي استطاعوا من خلالها ان يكونوا في طليعة الامم بما ينسجم مع السياقات التاريخيه انذاك ولاشك ان ذلك كان ولازال موضع اعتزاز وفخر الشعوب العربيه والاسلاميه لكنهم يخطئون كثيرا اذا ماعتقدوا ان باستطاعتهم ان يعيدوا مجدهم الضائع واللحاق بركب (الحضاره)بمفهومه الغربي الذي يتمنونه باعتمادهم ذات الاليات والاساليب ونفس مجموعة القيم التي درجوا عليها فذلك يعني قصورا وخللا في فهم حركة التاريخ ومتغيراته وآليات نشوء الحضارات.الحضاره ببساطه هي مجموعة قيم ومفاهيم واراء ومعتقدات وعلاقات وقوانين وقائمه طويله من العناصر التي تتفاعل تلقائيا بعضها مع بعض ويكمل بعضها بعضا وليس لك ان تأخذ منها مايناسبك وتترك مالا يناسبك فهي مثل لوحة الموناليزا اي جزء منها اذا نظرت اليه مجتزءا فلن تجد فيه ذلك البريق الاخاذ ولن يكون له اثر او وقع خاص كالذي يتركه النظر الى اللوحة كاملة كماهي وكما نعرفها.
خلاصة الامر اذا اراد العرب ان ينعموا بما تنعم به الشعوب الاوربيه والتي يلهثون للحاق بها ويركبون المخاطر ويضحون بالغالي والنفيس من اجل ذلك عليهم اولا ان يعيدو النظر في الكثير من المفاهيم الاجتماعيه والفكريه والاخلاقيه والعشائريه والفئويه والتخلص مما الصق بالدين الاسلامي الحنيف من تعاليم ونصوص كبلت عقل معتنقيه وان تسودهم ثقافات وقيم تتسع للجميع ولا تتسم بالقدسيه عندئذ يصبح من الممكن ان تاتي حكومات انطلاقا من هذه المعطيات لعلها تكون قادره على تحقيق ما تصبواليه شعوبها من العداله وتكافؤ الفرص والحياة الآمنه الكريمه.
وليتعظ اولو الالباب



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google