مَنْ يُغَيِّرُ؟!
مَنْ يُغَيِّرُ؟!


بقلم: نــزار حيدر - 13-02-2017
مَنْ يُغَيِّرُ؟!
نـــــــــزار حيدر
أَثارت التّظاهرات الجماهيريّة الضّخمة التي شهدتها يوم أمس ساحة التّحرير في العاصمةِ بغداد والتطوّرات الأَمنيّة الخطيرة التي حصلت في الأَثناءِ وبعدها، وردود الفعل المتباينةِ، حدِّ التّناقض، للعراقييّن! أَثارت عندي السُّؤال المهمّ التّالي؛
مَنْ يُغيِّر إِذن؟!.
لقد أَصبحَ موضوع تغيير قانون الانتخابات والمفوضيّة العليا المستقلّة للانتخابات مطلباً عامّاً ومُلحّاً يدعو لَهُ ويعمل على إِنجازهِ وتحقيقهِ أغلبيَّة العراقييّن وخاصّةً المتضرِّرين من العمليّة السّياسية الحاليّة والتي تُسيطر على كلّ مفاصلِها [العصابة الحاكمة] منذ التّغيير عام ٢٠٠٣ ولحدّ الان! وهي زُمرةٌ من الفاسدينَ والفاشلينَ.
ومن أَجل تحليلِ الموضوع بكلِّ وضوحٍ وشفافيَّةٍ بعيداً عن التعصُّب الأَعمى والمصالح الحزبيَّة الضّيّقة، سأَتدرَّج معهُ خطوةً خطوةً!.
أَولاً؛ لا يحقُّ لأَحدٍ تغيير قانون الانتخابات الّا من شرَّعهُ دستوريّاً وأَقصد به مجلس النّواب حصراً، وما دونهُ وغيرهُ عوامل ضغط لصناعةِ رأيٍ عامٍّ لاجبار البرلمان على تغييره.
ثانِياً؛ ليس أمامنا المزيد من الوقت لنتساهل في الأَمر، اذ لا يفصلنا عن موعدِ الانتخابات النيابيّة القادمة سوى عامٍ وعدّة أَشهر فقط! وهي مدّة بالكاد تكفي لتغيير القانون والتَّثقيف عليهِ وإجراء التّعديلات الفنيّة اللّازمة لدى المفوضيّة ليتمّ إِجراء الانتخابات القادمة على أَساسهِ!.
ثالثاً؛ وبالنّسبةِ الى مجلس النّواب فهو كما نعرف يتشكَّل من ثلاث كتل برلمانيّة أساسيّة [شيعيّة وسنيّة وكرديّة] وعدد قليل من الكُتل الصّغيرة التي لا حول لها ولا قوَّةٍ.
ثالثاً؛ الكُتلتان الكُرديّة والسنيّة لا يهمَّهما كثيراً طبيعة قانون الانتخابات ولذلك لا يعيران أَهمّيةً تُذكر بشأنهِ سواء أَبقي على حالهِ أَم تغيَّر الى صِيَغٍ أُخرى.
رابعاً؛ بقيت الكُتلة النيابيَّة الأَكثرُ عدداً [الشيعيّة] والتي تتأَثر كثيراً بالقانون سواء بصيغتهِ الحاليَّة أَو بالصِّيَغ الجديدة المقترحة.
فضلاً عن أَنّها مِربط الفرس فاذا ارتأَت التّغيير فسيتغيّر القانون والا فسيبقى على حالهِ كما هوَ!.
خامساً؛ والآن لنأتي ونحلِّل موقف هذه الكُتلة من تغيير القانون؛
أَلف: اغلبِ أَعضاءها لا حولَ لهُم ولا قوَّةٍ فهم كالقطيعِ في حضيرةِ زعيم الكُتلة او الحزب، حالهُم حال بقيَّة أعضاء الكُتلتَين الأُخريَتَين! لأَنّهم حجزوا مقاعدهم تحت قُبّة البرلمان بالأَصوات الفائضة للزَّعيم وليس بثقةِ النّاخب! ولذلك فانّ زُعماء الكُتل يتعاملونَ معهُم [كراعٍ يهشُّ على غنمهِ في حضيرةِ الحيوانات أَو في المرعى] ولهذا لا يهمَّهم أَتغيَّر القانون أَم بقي على حالهِ! بل إِنّ الذي حافظ على قربهِ من الزَّعيم يتمنّى أَن يبقى القانون كما هوَ ليعطف عليه الزَّعيم مرةً أُخرى ويمنحهُ مقعداً في الدَّورة القادمة!.
باء؛ إِذن فانّ الذي يُمكن أَن يُبادر للمطالبةِ بتغيير القانون هم زُعماء الكُتل وهم على التَّوالي؛
١/ التّيار الصّدري، بزعامة السَّيّد مقتدى الصَّدر، وهؤلاء لا يحقُّ لهم ذلك، برأي البعض، لأَنّهم فاسدون وهم جزء من المنظومة الحاكِمة الفاسدة والفاشلة!.
٢/ تيار المواطن، بزعامة السَّيّد عمّار الحكيم، وهؤلاء لا شُغل لهم بالموضوع الآن، حسب رأي البعض، لأَنّهم مشغولون بتسويقِ واحِدٍ من أَفشل المشاريع السّياسية التي نادى بها زعيمٌ سياسيٌّ منذ ٢٠٠٣ ولحدّ الان! والمقصود بها [التَّسوية التّاريخيّة].
فضلاً عن إِنشغالهم بالصّراع الدّاخلي الحادّ والعنيف بين [الحَرس القديم] والجيل الجديد!.
٣/ دولة القانون، بزعامة السَّيّد المالكي، وهؤلاء مشغولون مع [مُختار العصر] بالاستقتالِ على الولاية الثّالثة، كما يقولُ البعض، واذا غاب عن السّاحةِ فيلزم استنساخهُ لأَنّهُ [ماكو مِنَّه] أي فريد عصره!.
٤/ حزبُ الفضيلةِ، وهؤلاء كذلك لا يحقُّ لهُم التّصدّي للأمر، على حدِّ قولِ البعض، لأَنّهم يتَّبعونَ [مرجِعاً] لم يشهد لَهُ أَحدٌ بالاجتهادِ!.
٥/ تيّار الاصلاح بزعامة السَّيّد ابراهيم الأشيقر، وهذا كذلك لا يمكنهُ فعل ذلك، لأَنّ [فاقدُ الشَّيء لا يُعطيه] على حدّ قول البعض!.
٦/ أَتمنّى أَن لا أَكونَ قد نسيتُ أحداً فأُتَّهمَ بالانحيازِ والتحزُّب! أَو حتّى بالتآمر على [الحزب والثَّورة] أَو التّخابر مع جهةٍ أَجنبيَّةٍ!.
هذا بالنّسبةِ الى الكُتل والأَحزاب البرلمانيّة!.
إِذن لا يُمكن أَن نتصوّرَ أَنَّ أحداً تحتَ قُبّة البرلمان سيبادرُ للطَّلبِ بتغيير القانون!.
والآن؛ تعالوا نُحلِّل طبيعة القِوى المجتمعيّة التي يُمكنُها أَن تمارسَ ضغطاً ما على الكُتل البرلمانيَّة لتغير القانون!.
١/ المرجعيّة الدّينية العُليا تحديداً، وهذه الآن أعلنت صراحةً أَنّها يئِست من السياسيّين وقالت قولتَها المشهورة [لقد بحَّ صوتُنا] بَعْدَ أَن أَوصدت بابها بوجهِهم!.
٢/ المُتظاهرون، وهذا غيرُ ممكن لأَنّهم مجموعة من البلطجيَّة والمدسوسين ومن أَيتامِ الطّاغية الذّليل صدّام حسين!.
هذا اذا كانوا من التيّار الدّيني، الصّدري تحديداً، أَمّا اذا كانوا من التّيار المدني، الّليبرالي العلماني، فهؤلاء قطعاً لا يمكنهم ذلك، لانّهم [كُفّار مُلحدون]!.
٣/ منظّمات المجتمع المدني، وهؤلاء مُحاربون ومُهدَّدون من قِبل ميليشيات الأَحزاب الحاكمة التي تضع كاتم الصَّوت على دماغِها لإفراغِ رصاصاتهِ به اذا ما قالت أو أَشارت الى ما يتعارض مع مصالح [العصابة الحاكمة]!.
٤/ الاعلام الذي يُعيبر السُّلطة الرّابعة، إِلّا أَنّهُ عندنا لصاحبهِ [المالك أَو الزَّعيم أَو الحزب] ولذلك فليس بامكانهِ أَن يمارسَ ضغطاً أَو يصنعَ رأيٌٍ عامٌّ لصالحِ تغيير قانون الانتخابات!.
٥/ وأَخيراً [الأفنديّة والأَغوات] الذين لا همَّ لهم الّا توزيع التُّهم والافتراءات والطّعن بهذا والتّشكيك بذاك، هؤلاء سلبيّون لا يقدِّمونَ ولا يؤخِّرون! لم أَقرأ لهم يوماً مشروعاً أَو مُقترحاً مُفيداً أَبداً! إِنّهم إِمّاً ذيولٌ لعجولٍ سمينةٍ أَو إِمَّعات! ولقد تابعتهُم في وسائل التّواصل الاجتماعي فرأَيتهم لا يهشّون ولا يبشّون! عددهُم قليل الّا انَّ عويلهُم مرتفع!.
نحنُ إِذن أَمام خيارَين لا ثالثَ لهُما؛
فامّا أَن نستسلم للعصابةِ الحاكمةِ التي تريدُ أَن يبقى كلّ شيءٍ على حالهِ رغماً عن أنفِ الشّعب وكلّ قواه الفاعلة بمن فيهم المرجعيّة الدّينية!.
والاستسلام لها يعني أَنّ صُندوق الاقتراع في المرَّةِ القادمةِ سيستنسخ نَفْسِ الوجوه الكالِحة التي لم تقدِّم خيراً للعراقِ!.
وإِمّا أَن نفعلَ المستحيل لتغيير القانون لنضمن وضعَ عربةِ التّغيير المرجو على السِّكَّة الصّحيحة [بالدَّم...بالسِّلم] لا فرق! على حدِّ قولِ أَحدهِم!.
فما الذي ستشهدهُ الأَيام والأَسابيع القليلةِ القادمةِ؟!.
{إِنتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}! {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
١٢ شباط ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google