المرحلة لازالت تتطلب الكاريزما ام الخلل في الوعي العام ؟
المرحلة لازالت تتطلب الكاريزما ام الخلل في الوعي العام ؟


بقلم: عماد علي - 15-02-2017
لازلنا نسمع يوميا العبارات الرنانة من مثيل، القائد المفدّى و الرفيق الاعلى و الرئيس القائد والزعيم الاوحد و المناضل العتيد في هذه المنطقة، هنا و هناك، و لكن ان تسمع كلمة ( سه رؤك ) بتوجيه حزبي و عدد من المرات من خلال مجرد تردد جملة او جملتين مكتوبة سلفا لك من خلال ما يمكن الن نعتبره فتاوى حزبية سياسية صادرة من غرف العمليات، فهذا امر محير، ولو لم نجد شيئا محيرا و شاذا عن المالوف الا و سمعناه في هذا الجو من الصراعات الحزبية الشخصية التي تستغل الاحزاب الكوردستانية كل ما يمكنها ان تفرض نفسها و ان كان على حساب المصلحة العليا و الهدف الاسمى للشعب .
المركزية المبنية على الشخص او العائلة فقط لها التاثير المباشر على الشعب بشكل عام، و بالخصوص ان اراد المؤمنون بها نقلها نصا و تطبيقا من الحزب الى المجتمع عنوة، اي من خلال استغلال الشعب ماديا و معنويا خوفا و قسرا من خلال اللعب على المصالح الضيقة للفرد و من ثم عن طريق الترغيب و الترهيب، كما هو الحال في اقليم كوردستان و من قبل الحزب المتنفذ، بحيث لم يمر يوم الا و نرى انه يكشف عن الكثير من اهدافه البعيدة المدى و من خلال طرق و وسائل متعددة منها فرض الراي و الموقف الموحد على الشعب و العمل على اضطرار الناس في ترديد ما لايؤمن به من جهة، اضافة الى شراء الذمم و الكوادر التابعة له من المدسوسين في الاحزاب ذات التاثير القوي، و الايعاز لهم في مرحلة معينة للعودة عن مكانهم الذي ساروا فيه منفذين لاوامرهم من جهة اخرى . و الاهم بعد ان تتياس الناس من الامر فانهم يطرحون المامورين على الشاشات لطرح المعاد و اول الامر هو تلفظهم و ترديديهم لكلمة ( سةرؤك ) من اجل ترويج ما لديهم من خلال هذه الكلمة الشاعرية السحرية التي تريد به هذه الاحزاب المتنفذة الدكتاتورية التوجه ان تجعلها مركز الثقل لتجميع الكوادر بعيدا عن الفكر و الفلسفة و المنهج و الايديولوجيا التي لها الاهمية الضرورية و و الحاسمة في جمع الاعضاء و البقاء على وحدة الحزب في اي مكان في العالم .
هناك مركزية دكتاتورية معتمدة على المركزية الحزبية و المركزية العشائرية و المركزية العائلية و المركزية الشخصية، فان الاخير يمكن ان يستند على الباقين في ترسيخ كل الوسائل لتثبيت الذات على المجتمع . و يكون السير بطرق و باشكال مختلفة : يمكن اهمال من لم يكن له تاثير مباشر و قوي على هذا التوجه بحيث لا يؤثر على ما يهمهم من جانب نجاح الخطوات المرسومة لهذه المركزية، و هؤلاء يمكن ان نصنفهم من شريحة المثقفين و المهمشين اصلا و ليس لهم التاثير المباشر القوي على المجتمع المتسم بنسبة دنيا من الثقافة العامة و الوعي المطلوب لردع هؤلاء . اما الشخصيات المؤثرة من الناحية الاجتماعية و المكانة، فيمكن التثير عليهم اما بشرائهم ماديا او سياسيا او ترهيبهم بالطرق الموجودة و يصل احيانا الى الاغتيال في اخر المطاف . و هناك ايضا من الوسائل المخابراتية المتاحة لديهم ليستخدموها في الوقت المناسب . خلال السنة المنصرمة شاهدنا تحركات كثيرة من قبل هذه المؤسسات المخابراتية الحزبية الخطرة من خلال الاغتيالات او كسب الكوادر المؤثرة من الاحزاب المنافسة و فرض التبعية عليهم بالشكل الذي لا يمكن ان يصدوا ما يواجهونه من الضغوطات مستغلين ضعف الاحزاب الداخلية و انعدام المركزية فيهم كما هو حال الحزب المتنفذ في اقليم كوردستان و ما يسير عليه و يتسم به و ما تفرضه طبيعة التنظيم فيه من اساسه و هي المبنية على تقديس الشخص .
الايعازات اليومية المتكررة في تكرار عمل سياسي معين من جهة، و ترديد كلمات مركزية نابعة من الفكر الضيق و التوجيه الشخصي المصلحي و استغلال اضعف الناس في تنفيذ الاوامر بشكل مقنع من جهة اخرى، خطوة سياسية ماهرة و هدف خبيث يفيد الحزب على حساب المجتمع و مستقبله .
اذن، كل المعطيات تدلنا على ان الحزب القائد يعتمد على ابراز الكاريزما بالقوة دون ان يكون حتى هناك صفات للشخصية التي يمكن ان تفرض نفسها ككاريزما، و انما المصلحة الشخصية و الحزبية هي التي تفرض تثبيت الكاريزما الصوري عليه عن طريق الانشاء و الاطراء، هذا ان ابعدنا الظروف الموضوعية التي تفرض نفسها، و يمكن ان نعتقد بانه في حالات تتطلب وجود الكاريزما الحقيقية لصالح الواقع الموجود من المستوى الثقافي و ما تفرضه عصارة الوعي العام، و بالاخص ماموجود الان و نعيشه في كوردستان بعد كل تلك الخلافات و الصراعات التي وقعت علة جساب المواطن و هم يريدون ان ينقذوا انفسهم و ان كانت الكاريزما و المركزية قشة يمكن ان يتشبثوا بها .
لو قيّمنا الواقع الكوردي من الناحية الاجتماعية، و الذي يتسم بالصفات و الخصائص التي اورثه ابا عن جد و عاش تحت نير الاحتلال و نهب منه ما يمكن ان يتقدم خطوات لينسلخ من العقلية المنافية للتقدمية التي فرض عليه، و اقصد بقاءه على ما هو عليه و عدم الخروج من دائرة الالتزام بالكاريزما في التفكير و التدبير، فانه بشكل عام عاش و لايزال في حالة يعتقد بان الاخر يمكن ان يكون افضل منه، نتيجة تاثيرات الارشادات الدينية التي فرضت نفسه عليه و على عقليته لمدة طويلة من جهة، و انعدام سيادة القانون، و ما تفرضه الصعوبات اليومية علي ان تكون الطريق امامه مسدودا الا من منفذ الاعتماد على الاخر القوي من جهة اخرى . هذا اضافة الى الواقع الجغرافي الذي فرض انعزاله كثيرا في العصور الماضية مما اكتسب سمة تقديس الكاريزما مهما كان نوعه الديني منه ام الاجتماعي ام السياسي ام السلطوي المادي . و هذا ما صعب الامر على المجتمع من بناء حزب يعتمد على المنهج و القانون و الاحترام للمباديء خارج الاستناد على الكاريزما، و شاهدنا نحن مستمرون عليه لحد الساعة، حتى الحزب لم يبتعد عن تعويد المنتمين على الاستناد على الكاريزما الذي يفرض نفسه عليهم بشكل قوي، اي انعكس الواقع الاجتماعي على الكيان الحزبي بدلا من ماهو المفروض ان يكون عكس ذلك، اي من الطبيعي ان يكون الحزب هو القدوة لتعليم المجتمع على ان يقتدوا به و يتخذوه معلما و موضحا لما هو الملائم له فكريا و عقليا . انني و من خلال ما اراه خلال السنين الماضية فقط من هذه الناحية، لازلت حائرا في بيان الامر و العوامل و الاسباب في اعتماد حتى من اعتبرتهم من النخبة المثقفة على الكاريزما في توجهاتهم و عقليتهم ، و عليه لا يمكن ان ابين ان السبب هو الواقع الثقافي و مستوى الوعي العام في كوردستان ايضا، ام يمكن ان نقول بان المرحلة الحالية تتطلب ذلك و ليس هذا خاص بها و المنطقة لازالت لم تخرج من هذا العرف الذي يلتصق به نتيجة العوامل العديدة التي اورثتها الشعوب منذ القدم . اما ان يستغل الحزب هذا و يريد ان يلصق الكاريزما باحدممن توارث السلطة فيه جينيا و ليس فيه من الصفات التي يمكن ان تكون شخصية كاريزمية من البعيد او القريب ولا يحمل ما يمكن ان نسميه سمات و صفات الكاريزما، و تريد ان ترفض اوامره و مصالحه على المجتمع، فهذا هو الخراب بعينه للمجتع بشكل عام .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google