مقدمو الحوارات التلفزيونية..عندما يتحولون الى ( ضيوف)..وتنقلب ( المعادلة) الصحفية!!
مقدمو الحوارات التلفزيونية..عندما يتحولون الى ( ضيوف)..وتنقلب ( المعادلة) الصحفية!!


بقلم: حامد شهاب - 16-02-2017
لم نسمع في لغة الصحافة ولا في قواميسها ، ولم نعثر بين مؤلفاتها وهي بالمئات عن (حوارات تلفزيونية) إنقلبت فيها (المعادلة الصحفية) رأسا على عقب ، في (تجاوز) و (خرق) خطيرين ، لأسس الحوار الصحفي أو التلفزيوني ومستلزماته، سار على على منواله بعض مقدمي الحوارات التلفزيونية في العراق ،هذه الايام، دون ان يلتفت أحد من المعنيين بالشأن الصحفي والإعلامي الى خطورة (إنقلاب) في أسس تلك المعادلة ، ليس من أجل النهوض بها وإعلاء شأنها، ولكن لأن القائمين على تلك الحوارات ، لم يفهموا كما يبدو طبيعة مهمتهم ، ولا مجال تخصصهم ، ولا عن أسس الحوار التلفزيوني أو مستلزماته..وسنوضح الكثير من تلك ( الخروقات الخطيرة ) في هذا الإستعراض الذي سنتحدث فيه بشي من التفصيل، إستكمالا للفائدة!!

إن من المتعارف عليه في عالم الصحافة ومباديء وأسس الحوارات التلفزيونية أن يقوم مقدم الحوار بإستعراض مجموعة من الأسئلة المختصرة ، وهي قادرة على التعبير عما يريد الاستفسار عنه من ضيوفه بشأن (موضوعة الحوار) التي إختارها لبرنامجه والحصول على إجابات شافية تقنع مقدم البرنامج وطبيعة ما يبحث عنه من (توضيحات)، والجمهور الذي يتابعه ويبحث هو الآخر عمن يشبع نهمه للتعرف على طبيعة الموضوع المثار وكيف تكون أجوبة الضيوف ، لكن ان يتحول السؤال الواحد الى مجموعة من الأسئلة مرة واحدة، قد تصل عدد كلمات السؤال الواحد مابين (20 _ 25 ) كلمة أو ربما أكثر،فهذا يعني أن (مقدم الحوار) أخفق في مهمة التعبير عن أسئلته ، وهو لم يوفق في اختيار مضمون السؤال أو طريقة عرضه، وترى الضيف يحتار عن أي من رشقات الأسئلة يجيب ، ومقدم الحوار مستمر مع ضيوفه او ضيفه على هذا المنوال، والضيف يبقى في حيرة من أمره ، بعد ان يشتت مقدم الحوار ضيفه وربما يدخله في (متاهات) في نوع الإجابة المطلوبة ، لأن (رشقات الأسئلة) وطول السؤال قد ضيع على (الضيف) فرصة ان (يجيب) على أسئلة ( المحاور) بما يتمنى عرضه من وجهات نظر!!

والأغرب من هذا كله ، هو ان (الضيف) أحيانا هو من يقود ( المحاور التلفزيوني) ، وبدلا من أن يجيب (الضيف) على أسئلة مقدم البرنامج، تتحول (إجابات) الضيف الى ( أسئلة) ويقوم الضيف بعرض مجموعة من الأسئلة على (مقدم البرنامج) وتجد الاخير هو من ( يجيب) وترى (المعادلة) وقد (إنقلبت) رأسا على عقب،إذ يتحول (الضيف) الى(محاور) و(المحاور) الى (ضيف) ، وبذلك تخرج المقابلة التلفزيونية عن سياقات عملها، ويجد ( الضيف) نفسه وقد (سيطر) على ( محاوره) حتى يتخلص من الاحراج ، نتيجة عدم كفاءة بعض القائمين على تلك الحوارات، أو لعدم إلمامهم بتلك (الصنعة) الى تحتاج الى (ثقافة موسوعية) عن ضيوف البرنامج والى طبيعة مايتوقع عرضه من أسئلة وكيف يتم (إنتزاع) إجابات دون ان يدري الضيف انه تحدث بمعلومات هي من يبحث عنها(المحاور) ضمن برنامجه!!

أما خروج أغلب الضيوف عن سياقات الحوار، فتبدأ عندما تصل حالة الجدل المثارة الى (صخب) و(إثارة فارغة) من المضمون، ولا يستطيع (المحاور) إستخدام ( حالة التوازن) في عرض الأسئلة على الضيوف ، وقد لا يعرف ( البعض) كيف يسيطرون على ضيوفهم ، فيتحدثون على هواهم ، دون ان يتدخل (مقدم البرنامج) لايقافهم ، وفي مرة أخرى يكثر (المحاور) من ( مقاطعة) ضيفه أو ضيوفه قبل ان يكملوا عبارتهم او فكرتهم، وهو (يقحم) نفسه في ( المقاطعة) في كل مرة ليظهر نفسه انه (العارف) بأسرار الامور، دون ان يدري ان كثرة (مقاطعة) الضيف واقحامه قبل ان يكمل فكرته انه ( يتجاوز) على حقه في الإجابة ويحرمه من فرصة ان يعرض فكرته أو إجابته على الموضوع المثار، وفي كلتا الحالتين ان نترك الضيف يتحدث على هواه او نقاطعه في كل مرة بسرعة ودونما ضوابط او (مبررات) أو مراعاة حالة (التوازن) في طرح الاسئلة ، فهذا مايضعف من قيمة تلك الحوارات، وينتهي البرنامج دون ان يتمكن الجمهور المتابع من الاستفادة من طبيعة حوارات هي محل اهتمام من قبل الشارع العراقي، إن لم يدخل الجمهور نفسه طرفا في توجيه النقد لمقدمي حوارات من هذا النوع، وهم يصبون جام غضبهم لأنهم لم يحسنوا التعامل مع ضيوفهم ولم يستفيدوا من حضورهم للحصول منهم على إجابات منطقية، فتضيع الحقيقة بين الصخب المثار الذي يصل حد (التهور) وخروج بعض (الضيوف) عن لغة الحوار المؤدبة، وبعضهم (نواب) للأسف الشديد!!

وواحدة من المآسي التي تمر بها مرحلة صحفية من هذا النوع، أنها سلمت مقادير أمرها ، لمن يشيعون الفوضى والفلتان ولمن يبحثون عن (الإثارة) بأي ثمن ، حتى ولو حساب مستلزمات العمل الصحفي، والمهم لديهم ان تتحول برامجهم الى (جدل صاخب) يحتدم بين الضيوف ، يستخدم فيه الصراخ والعويل، بل وربما حتى الخروج عن الآداب العامة في بعض الأوقات ، والمهم ان يخرج مقدم الحوار بـ (حالة هيجان) للشارع العراقي ، يشارك بها لكي (يصطرع ) الناس فيما بينهم، بعد ان (يشعل) ضيوفه بحوار صاخب يصل حد إستخدام الألفاظ النابية ، او الخارجة عن المالوف ، لكي يقال ان هذا البرنامج نجح في (الإثارة الصاخبة) ولفت اهتمام الكثيرين الى مادار حوله من جدل ومضامين ، يخرج عن موضوعة الحوار حد إستخدام الأيدي إن لزم الأمر!!

هذا (غيض) من فيض، عما يمكن أن نعرضه عن خروج عن كثير (المحاورين) و(مقدمي البرامج) و(الحوارات التلفزيونية) عن سياقاتها الصحفية واعرافها ، وقد بدت (إخفاقات) معظم القائمين بالحوارات التلفزيونية او ممن يدخلون (الحوارات) بين (ثنايا) نشرات الاخبار واضحة للعيان ،بل انها (تحولت) للاٍسف الشديد هي الأخرى الى (حوارات مطولة) ليس لها مايبررها ، وبخاصة كثرة أسئلتها وأغلبها مكررا، دون ان يلتفت ( المحاورون) الى إنهم بهذا الإسلوب قد أحدثوا (ضجرا) لدى المتلقي والمتابعين لبرامجهم، من ظاهرة كثرة (رشق الأسئلة) وحتى اعادة مضمون السؤال أكثر من مرة ولفترات طويلة تصل الى اكثر من نصف ساعة ضمن نشرات الاخبار قد أفسد (البعض) فترة برنامجه ومضمون حواره، وقد تحول عنه الكثير من الجمهور المتلقي ليبحث عن (برنامج حواري) آخر عله يجد فيه (مبتغاه) في انه إستمع الى (حوار مفيد) يخدم توجهاته وما يبحث عنه منهم من ( إجابات شافية) أو لنقل تشبع بعض ما يبحث عنه في الموضوع المثار!!


وفي المقابل هناك مقدمو برامج في قنوات عراقية لديهم امكانات جيدة في مجال الحوارات التلفزيونية، وهم يتقنون أسرار تلك (الصنعة) ، وهم يحظون برضى من يتابعهم..فلهؤلاء النابغين كل محبة وتقدير!!



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google