بعد 35 عاما على مقتله ... وزير الصحة "رياض ابراهيم" ضحية لمنظومة دموية فتكت بالاصدقاء قبل الخصوم
بعد 35 عاما على مقتله ... وزير الصحة "رياض ابراهيم" ضحية لمنظومة دموية فتكت بالاصدقاء قبل الخصوم


بقلم: جمال الخرسان - 18-02-2017


منذ شبابه انتمى رياض ابراهيم حسين العاني الى تشكيلات حزب البعث وساهم بشكل او بآخر في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم التي جرت عام 1959 حينما سهل اخفاء السلاح في بيته، اثر ذلك حوكم وسجن لمدة عام. هذا ما دفعه للابتعاد عن حزب البعث قرابة العقد من الزمن. لكن رياض ابراهيم عاد للانخراط بصفوف البعث حينما عاد الحزب للسلطة عام 1968 ونشط مرة اخرى، اصبح عضو شعبة في حزب البعث، وعضوا في مكتب مركزي مشارك. عودته للحزب وانخراطه في صفوفه وتاريخه لم يشفع له من الانتقام على يد ابطال المنظمة السرية، رياض ابراهيم لم يكن افضل حالا من بعثيين وقيادات مهمة في صفوف الحزب لاقوا ذات النصيب، ولهذا سلم الى اهله جثة مشوهة في 10 تشرين الثاني 1982.

بعد ان عاد الى صفوف الحزب عام 1968 ذهب رياض ابراهيم الى بريطانيا واكمل دراسته هناك من اجل اكمال دراسته، حصل على شهادة الدكتوراه في الانسجة من جامعة لندن عام 1972، عاد للعراق منتصف السبعينات. تسلم بعد عودته منصبا تنفيذيا بسيطا ثم رشح عام 1976 من قبل وزير التخطيط انذاك عدنان الحمداني لتولي وزارة الصحة وهذا ما حصل وبقي في الوزارة حتى العام 1982.
نسجت حول مقتله العديد من الروايات بعضها جاء على لسان قيادات مهمة في حزب البعث، فقد ذكر صلاح عمر العلي انه سمع بان رياض ابراهيم طلب من صدام في احدى الاجتماعات التنحي من المنصب ولو شكليا بهدف استيعاب الراي العام الدولي انذاك الذي طالب صدام حسين بالتنحي استجابة لطلب ايران ذلك كشرط لانهاء الحرب، مما دفع صدام حسين لقتله بالاجتماع. هذه الرواية على الاغلب ليست صحيحة اذ لا تدعمها الوقائع الاخرى التي ذكرت من قبل قتلة رياض ابراهيم وكذلك التي ذكرت من قبل عائلته وحتى التي ذكرها الدكتور علاء بشير في حواراته الصحفية او في كتابه عن صدام، اضف لقصة محاكمته بعد عزله من المنصب واحالته للتقاعد، وايضا لجان التحقيق التي شكلت.
وقائع الاحداث التي استقيت من مختلف الاطراف خصوما ومحبين لوزير الصحة رياض ابراهيم تؤكد بوضوح انه اعفي من منصبه صيف العام 1982، ثم اعتقل في 25 آب من نفس العام، بعد ذلك بفترة تمت محاكمته وقتل، وسلم الى اهله مع شهادة وفاة تؤكد انه اعدم رميا بالرصاص.
لكن الاختلاف بالاساس يرد في دوافع مقتله، الظروف التي ادت الى ذلك وسيناريو مقتله حتى مع استبعاد رواية صلاح عمر العلي.
فصدام حسين نفسه وفي اجتماع لقيادة حزب البعث عام 1983 تحدث بشكل صريح عن عقاب ومصير الوزير وعزى اعدامه الى اهماله معالجة ملف دواء استورد في فترة وزارته حينما يعطى للجريح يؤدي لموته، صدام عزى العقاب الى ان الوزير اطلع على الملف وهمش بكلمة "اطلعت" ولم يعالج الموضوع. صدام حسين في سياق حديثه تحدث ان ما حدث كان بنوايا سيئة و لم يكن ذلك بريئا وتحدث معترضا على الاصوات التي تتسائل عن عقاب الوزير رغم انه فني حيث قال: "اعرف انه مع اي جهة مرتبط"، اتهمه بالتعمد في استيراد دواء من اجل قتل العراقيين ووصفه بالـ"خائن".
اما علاء بشير الطبيب الخاص لصدام حسين فقد ذكر في حوار اجراه مع صحيفة الشرق الاوسط بانه سال رياض ابراهيم عن سبب اخراجه من الوزارة وهل حقا اقترح على صدام خروجا شكليا من الحكم فيجيب دكتور رياض نقلا عن علاء بشير "ليس هناك مثل هذا الكلام على الاطلاق ولم اقترح أي شيء على صدام، ثم استدرك قائلا: الشيء الوحيد الذي اعتقد انه سبب اخراجي هو ان الرئاسة طلبت مني ذات مرة ان أرسل طبيبا بيطريا باعتباره طبيبا بشريا مختصا بأمراض الباطنية الى اميركا لدراسة معالجة السموم، ورفضت ذلك، وقلت لهم ان هذا من شأنه ان يخلق لنا مشكلة اذا اكتشفت الجهات المختصة في أميركا اننا زورنا وثائق طبيب بيطري وجعلناه طبيبا بشريا، ثم ألحوا علي مرة اخرى لتنفيذ هذا الموضوع وكررت رفضي، وأعتقد ان هذا هو السبب الوحيد لانني شعرت ان الرئيس (صدام) غضب واستاء كثيرا من رفضي". صحيفة الشرق الاوسط العدد 9296، 11 ايار 2004.
بنت الوزير رياض ابراهيم السيدة ريا رياض تحدثت في حوار صحفي عن تشكيل لجنتين للتحقيق مع والدها بخصوص قضية العقار حيث قالت: "تم تشكيل لجنتين للتحقيق مع والدها; الاولى برئاسة فاضل البراك مدير الامن العام وقتذاك والذي اعدمه صدام فيما بعد، والثانية برئاسة الدكتور سمير الشيخلي، وقد برأت اللجنتان ساحة والدي من كل الاتهامات التي وجهت اليه مشيرة الى ان رئيس المخابرات وقتذاك برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام تسلم ملف التحقيق مع والدي وهو الذي أدار تعذيبه وبقسوة شديدة وبالاشراف المباشر من قبل صدام حسين نفسه ومعهما مرافقا صدام ارشد ياسين التكريتي وصباح مرزا". الشرق الاوسط العدد 9307، 22 ايار 2004.
بخصوص التحقيق مع الوزير يذكر علاء بشير بعد ان يؤكد ايضا وجود لجنتي التحقيق " لجنة التحقيق انجزت عملها وبرأت وزير الصحة ورفعت التقرير النهائي للرئيس وطلبت الافراج عنه، اذ تم سجنه بعد ثلاثة ايام من احالته الى التقاعد، لكن الرئيس أمر بالتريث في اطلاق سراحه".

علاء بشير الذي تربطه علاقة قوية مع رياض ابراهيم وعائلته اضافة الى ما ذكرته ابنة الوزير رياض ابراهيم وكذلك شقيقه الذي استلم الجثة برفقة شخص آخر اكدوا ان جثة رياض كانت مشوّهة بشكل كبير كما قلعت عيناه، اضافة لذلك بان على الجثة اثار عدة اطلاقات نارية، حصل ذلك في نفس اليوم الذي استدعي فيه رياض ابراهيم الى صدام حسين وكانت العائلة تعتقد ان صدام سيفرج عنه.
هكذا انتهت قصة الوزير رياض ابراهيم كما انتهت عشرات القصص الاخرى المشابهة لشخصيات بعثية خدمت النظام ولكنها رغم ذلك لم تسلم من بطش صدام حسين ودمويته.

جمال الخرسان




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google