الأغلبيات و الديانات و الأحزاب
الأغلبيات و الديانات و الأحزاب


بقلم: حيدر الصراف - 20-02-2017
ما زالت دول هذه المنطقة وشعوبها ضعيفة و منهكة و تعج بالمشاكل الأجتماعية و الأنشقاقات و العدوات بين سكانها المتعددي القوميات المتنوعي الثقافات و الأديان و الأحزاب و التي هي ليست في وئام و تفاهم و انسجام يمكنها من العيش المسالم المشترك مع بعضها البعض في احترام للأراء و المعتقدات المغايرة فثقافة قبول الآخر و خاصة الأقليات و احترام عقيدته او بالأحرى توفير الحماية القانونية لأتباعه في ممارسة طقوسهم الدينية و اماكن عبادتهم و صلاتهم ما زالت غير متوافرة و كذلك هي الأحزاب السياسية التي تحاول الهيمنة و الأستئثار و استقطاب الناس و الأعضاء الى صفوفها وحدها و تحرم على غيرها ذلك من الأحزاب الأخرى و كذلك سياسة الأستحواذ و الأستيلاء التي تمارسها الأغلبية العرقية او الدينية هي السائدة وهذه الممارسات تؤدي اما الى النزاع الداخلي و الحروب الأهلية او الى نزوح جماعي و هجرة شعوب بأكملها تاركة ارض الديار و الوطن .

ان شعوب هذه البقعة من العالم متمسكة و بشكل راسخ و تصميم اكيد بالفكر الشمولي الأقصائي الديني او القومي او الحزبي فكل اتباع الديانات الأغلبية منهم او الأقلية لا يتقبلوا الآخر من المعتقد الفكري المخالف و العداء و الألغاء بينهم مستحكم و ان لم تصرح بذلك الحكومات علانية و التي يجب عليها ان تعم حمايتها و رعايتها الجميع بلا تمييز او تفريق و ان كانت هناك فترات زمنية كشروا فيها عن انيابهم المفترسة حين فتك ( العثمانيون المسلمون بالأرمن المسيحيين ) في المجزرة الشهيرة تحت يافطة الأنتصار للدين و الدفاع عن المقدسات و كذلك هي الأحزاب السياسية في هذه البلدان اخذت صيغة الشمولية و احتكار الحقيقة المطلقة و الطريق الوحيد الى المجتمع السعيد الذي لا سبيل غيره و من حاد عن تلك الجادة كان مصيره الأتهامات او حتى الألغاء و التصفية الجسدية كما حدث عندما اشهر ( حزب البعث ) سكاكينه و بطش قتلآ بالشيوعيين في مذبحة شباط وهذه المرة كانت اللأفتة حماية الأمة و اقامة دولة الوحدة العتيدة .

كانت الأديان و من ثم الأحزاب العقائدية و افكار معليميها ( الذين لا يخطئون ) هي السباقة في تفتيت شعوب المنطقة و تشرذمها الى ( دويلات ) او في الطريق الى ذلك بين اغلبية غاشمة تنتهك كل القوانين و الشرائع و تسحق كل من يعترض طريقها في الوصول الى اقامة الدولة المنشودة و بين اقلية مقهورة و مضطهدة تدافع بأستماتة عن نفسها و عن حقها في الوجود و الأستمرار بالمستطاع و الممكن من ادوات الدفاع و التي لا تتعدى القتال حتى آخر انسان من هذه المجموعة في مواجهة غير متكافئة و واضحة الهزيمة و الأندحار او دفع الجزية او الغرامة المالية على شكل مصادرة الأملاك و الأموال تحت حجج و ذرائع مختلفة او الحل الأخير في النزوح و الهرب و البحث عن وطن بديل يحفظ لهم ما تبق من كرامة انسانية و شعور واحساس بالآدمية المفقودة .

من الخطأ الفادح اعتبار دولة الأمة الواحدة او الدين السماوي الذي لا يأتيه الباطل من امامه و من خلفه او الحزب القائد المهيمن على الجميع و الخيمة التي يجب ان يتظلل بها الكل هي عوامل قوة وحدوية و تكتل اجتماعي متماسك تستمد منه العزيمة و المنعة بل على العكس من ذلك تمامآ ففي عالم تسوده التعددية و تنوع الثقافات و الأفكار و الأديان و الملل و التي تغني و تثري في صراعها الفكري المسالم البعيد عن القمع و العنف و تكمل بعضها البعض و تكون عدة حلقات في السلسلة التي تصل الى المعرفة الأكيدة و الحقيقة التي يجاهد الجميع في ايجادها او حتى القسم اليسير منها .

خرج الكفار من جزيرة العرب ( اليهود و المسيحيين لم يكن هناك غيرهم ) انصياعآ و أمتثالآ و قمعآ لذلك النداء و الذي لم يعرف حتى هذه اللحظة ان كان صحيحآ او موضوعآ و بقيت تلك ( الجزيرة ) قاحلة جرداء لا نبات فيها و لا ماء فقط ذلك الفكر الأحادي الذي لم يجد فكرآ يقابله و يرد حجته و يبطل دليله فتغول و توحش و لم يعد يقبل بالآخر و لا يمكنه العيش في هذه الأرض طالما هناك اناس يقطنون فيها يخالفونه الرأي و العقيدة فكان مجرد التفكير المغاير الذي يقبع داخل الأدمغة هو جريمة نكراء يعاقب عليها بالقتل العقوبة المحببة اليهم كثيرآ فتحجرت العقول و توقفت و تعطلت عن اداء و ظيفتها في التفكير و التأمل و الشك الذي هو اساس اليقين الراسخ في الأفئدة و النفوس .

ذلك النداء الذي اخرج ( الكفار ) من جزيرة العرب ما زال صداه يتردد في الأرجاء و تجاوز الجزيرة الى بقية البلدان و التي تستعجل من تبقى من اولئك الذين هم ورثتها الشرعيين و سكانها الأصليين قبل الغزو و الأحتلال للرحيل و المغادرة بعد ان اصبحوا اقلية ضعيفة و مهانة كان عليهم الهروب و الفرار لكن هذه المرة شمالآ حيث يحترم الأنسان و تصان حقوقه و يمسح الغبار و التراب عنه وتزيل ما لحق به من ظلم و جور و اضطهاد دون النظر الى لونه او دينه او قوميته ( لعلهم يتعظون ) .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google