48 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 5/5
48 تعليقات مسلم معتدل وحواراتي معه 5/5


بقلم: ضياء الشكرجي - 06-03-2017
[email protected]
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الثامنة والأربعون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع مقالات الكتاب الثاني «لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، وستكون خمس حلقات تتناول حوارات مع أحد المعلقين المدافعين عن الإسلام، وهو من مصر، وكان - مما يحسب له - مؤدبا جدا. أردت نشر تعليقاته والحوارات بيننا، كنموذج لطريقة تفكير واستدلال غالبا ما نجدها لدى الدينيين، مع العلم إن الرجل يمثل نموذجا للمنفتحين والمعتدلين، وفي ضوء ذلك نستطيع تصور كيف سيكون أسلوب المنغلقين والمتطرفين. سأشير إليه بالحرفين الأولين من اسمه (ش.ش).


(ش.ش):

شكرا أستاذ ضياء، عن جد، لا أجد كلمات أعبر بها عن تقديري العميق لشخصك الكريم عن هذا الرد المستفيض، ولا أثقل عليك أكثر من هذا، مع اختلافي الشديد جدا جدا مع حضرتك فيما توصلت إليه رغم بحثك الكامل في آيات القرآن عن معاني الكفر والإيمان. الوهابيون ليسوا وحدهم أصحاب فكر، هناك أيضا غيرهم، وطريقة حضرتك في البحث كانت تتطلب أن تقرأ معنى الكفر والإيمان في كل آية، واضعا في الاعتبار الموضوع العام الذي ذكرت فيه هذه الكلمات، وما قبلها، وما بعدها، من آيات، حتى تتوصل بدقة أكثر إلى معاني الكفر والإيمان، والتفرقة بينها في كل موضع، عموما أكتفي بهذا، لأترك لحضرتك ولقرائك ومريديك وأتباعك الكرام الوقت والجهد للتواصل معهم، كما أكرمتني وتواصلت معي بهذا الشكل المذهل، الذي أخجلني جدا جدا، وتقبل خالص تقديري واعتزازي بشخصك الكريم.
جوابي:

شكرا لك عزيزي ليس المهم أن نتفق. وهنا أستعير نصا من القرآن ألا هو «وَلَو شاءَ اللهُ لجعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً» ... على أي حال هذا حكمك، كوني لم أقرأ بدقة كافية، لكني أتصور أني - لا أقول قرأت بدقة متناهية ومطلقة - بل بدقة أكثر بكثير مما تتصور، وأنا غير مستعد أن أعود إلى ما يخدش من جمال الله، ويربك حياة الإنسان، ومع اختلافنا الحاد، وقناعة كل منا أنه على صواب، أكبر فيك أخلاقك العالية، وفقت لكل خير، وبكل تأكيد سيتبين لكل منا الحقيقة والحق كما هما، لا كما يتصوره كل منا، وذلك بعدما نخرج من رحم الدنيا، ونولد ولادة لا نعرف كنهها، على أقل تقدير لا أعرفها أنا، فلعلك تعرفها، أو تظن أنك تعرفها من خلال خبر السماء، أما أنا فلأني أعول على ما يخبرني به عقلي، فلا أستطيع أن أعطي تفصيلات عما سيأتي هناك، سوى يقيني برحمة الله وعدله المطلقين، اللذين هما عندي واحد، وليسا اثنين، وليس منهما ما هو أوسع أو أضيق من الآخر، فكلاهما مطلقان من لدن المطلق، الذي ليس كجماله جمال، هو رب العقل والصدق والعدل والرحمة والحب والجمال والكمال والجلال والسلام.

(ش.ش):

أوافقك أن الله سبحانه لا يحاسب على الخطأ، هو ذاته قال هذا في القرآن «لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ فيما أَخطَأتُم بِهِ، وَلـاـكِنم بِما تَعَمَّدَت قُلوبُكُم». المشكلة الأساسية في الاختلاف بيننا أستاذي الفاضل هو في المرجعية، المرجعية التي تستند عليها في بحثك وعقيدتك، أنت تستند فقط على عقلك البحت، وتصورك الشخصي لما يجب أن يكون عليه الإله، وهنا يتدخل الهوى بصورة أو بأخرى، ولو من باب حسن النية. أنت من شدة حبك، وطيبة قلبك، تريده ألا يعذب أحدا على الإطلاق، مهما عمل، وتنسى إنه سبحانه كما إنه رحيم فهو عادل، وهو حق، وهو حسيب، هو أعدل العادلين، وأرحم الراحمين، لا كما تزاوج حضرتك بين الرحمة والعدل، كل صفة لها دلالتها، وكينونتها، ومظهرها، وتفعيلها، وفي النهاية المشيئة هي الحاكمة، وهو لن يظلم أحدا أبدا، لأنه منطقيا ومن دواعي الكمال ألا يكون الإله ظالما، وإلا ما استحق أن يكون إلها من أساسه. ومن هنا يجب أن تكون على يقين أنه عادل مهما بدى لك في الظاهر عكس ذلك، فوجود الصفة غير إظهار الصفة، ومظهر الصفة. هذه هي مرجعيتك، عقلك، وتصورك، وهواك، بمعنى ما تتمنى أن يكون عليه الإله، بحسن نيتك. أما أنا فمرجعيتي هو ذاته، كلامه ذاته، رسوله ذاته، هي دي نقطة البداية الصح، هو ده مدخلك السليم إليه. هو ده باب الجنة والنجاح والفلاح الحقيقي، أن توقن بنبوة محمد، وبأن القرآن كلام الله، كلام الله، وليس لغة الله، هناك فرق، كلام الله حكم ومواعظ وحقائق وإشارات، وليس أحرفا وكلمات وجملا وعبارات. «قُل لَو كانَ البَحرُ مِدادًا لِّكَلِماتِ رَبّى لَنَفَدَ البَحرُ قَبلَ أَن تَنفَدَ كَلِماتُ رَبّى وَلَو جِئنا بِمِثلِهِ مِددًا». إذاً كلام الله يتجاوز القرآن، وكل كلام الدنيا، وكل أحداث الدنيا، وكل مخلوقات الدنيا، وكل ما سبق، هو كلام الله، هو استخدم اللغة العربية بلسان محمد، لأنها لغة غنية جدا، ليبين لنا ما يريد أن نعرفه ونعمله ونتعلمه. والله كما إنه خارج حدود السماء، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد، إشارة أرجو أن تكون قد وصلتك، ولا أصرح بها، وأعتذر لتدخلي مرة أخرى. أحببت فقط أن أجيبك على تساؤلك، وتحياتي، والسلام عليكم.
جوابي:

عزيزي الأخ الكريم السيد (ش.ش) .. شكرا لردك الأخير، لكن صدقني لدي وقفة عند كل جملة، ولكن سيطول بنا المقام إلى ما لا نهاية، لو توقفت عند كل عبارة. فكثيرا مما حللت فكري ومنطلقاتي لا يطابق الواقع، بل هي تحليلاتك وافتراضاتك، ستقول هي كلماتي، لكنك مع احترامي أسأت فهم الكثير منها للأسف. ذكرت آية «لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ فيما أَخطَأتُم بِهِ، وَلـاـكنم بِما تَعَمَّدَت قُلوبُكُم»، وتقصد «وَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ فيما أَخطَأتُم بِهِ وَلـاـكنم مّا تَعَمَّدَت قُلوبُكُم، وَكانَ اللهُ غَفورًا رَّحيمًا». وهنا تقع فيما نسبته إليّ من أني لا أراعي السياقات في النصوص، فأراك استقطعت النص من سياقاته، ولو أوردته كاملا، فستعلم أن المقصود بعدم مؤاخذة الله للمخطئين من غير عمد، هم المسلمون حصرا، فالخطاب في الآيات ذات العلاقة موجهة حصرا للمسلمين. ثم تحدثني محاولا إقناعي بأن الله عادل عدلا مطلقا لا ظلم فيه، فهذا ما لا حاجة لإقناعي به، فهو أحد الأسباب الأساسية لتبني عقيدتي، فإنك تتكلم عن الله وتقصد ذلك الإله القرآني، وهذا ما أسميه باحتكار الدين لله، فهناك تديين لله، وأسلمة له، كما هناك تهويد وتنصير أو مَسيَحة له، كما هناك مَذهَبة لله، تسنينه أو تشييعه، وهناك تسييس لله، أخونة له (حركة الإخوان)، أو دعونة (حزب الدعوة) أو حزبلة (حزب الله) له. أعتذر وسامحني لأن حبي لله يمنعني من التسليم لدعوة استبداله بإله مصنوع من خيال تارة، ومن هوى تارة أخرى، أو من اجتهاد، أو من مصلحة، أو من خرافة. لا أعنيك أنت، ولكن أعني من صاغ لك الإله، أما أنت فتعيش الصراع بين الصورة الجميلة المنزهة لله التي يفرضها العقل، والصورة الدينية التي تريد أن تقنع نفسك أنها مطابقة لتلك الصورة الجميلة، وما هي بمطابقة، ولكن الله لن يؤاخذك إن أخطأت، لأن خطأك ليس مما تعمد به قلبك، ولن يؤاخذني على خطأي، لأن خطأي ليس مما تعمده قلبي، فنحن متقاطعان في النتائج، لكننا متفقان في المنطلقات، والله يثيب على المنطلقات لا على النتائج، إلا ما اقترن بجريمة وظلم وعدوان، حاشا لك ولي ولجميع الطيبين من دينيين ولادينيين وملحدين ولاأدريين. [أضيف: فيما بمرجعية العقل، هو فهم الإدراك الشخصي لعقل كل واحد منا، وأنا أقصد بمرجعية العقل الضرورات العقلية، والممتنعات العقلية، والممكنات العقلية، في ضوء المنطق والفلسفة.]

إضافة لجوابي: [تعليقا على إساءة وجهها أحد المعلقين إليه]

عزيزي السيد (ش.ش) .. أنت أكبر من أن تبتئس مما يقول البعض، ممن لا يحسن الخطاب مع الآخرين.



(ش.ش):

الحمد لله أستاذ ضياء .. لا تحزنني مثل هذه التجاوزات أبدا أبدا، ولا تهز فيّ شعرة، أين نحن وما يساوي هذا بجانب ما أصاب أنبياء الله جميعا من سخرية واستهزاء خلال دعوتهم إلى لا إله إلا الله، وإلى هداية أقوامهم. ما أحزنني حقيقة إنه لم يراع أنه في صالون أدبي وفكري راق، بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا في نقاط، وإنه في صفحة رجل من كبار المفكرين كما قال، وحاول إحراجك قبل أن يتصور أنه يسيء إليّ، وفي الحقيقة هو لم يسئ إلا لنفسه فقط. شكرا أستاذي الفاضل على تعليقك وتطييب خاطري، ولك منى خالص الود والتحية.



جوابي:

عزيزي السيد ش .. شخصيا اعتدت ذلك، فقد كتب البعض مقالات مليئة بالشتائم والأسلوب الرخيص، وليس بسبب العقيدة دائما، بل غالبا بسبب نقدي لأحزاب الإسلام السياسي، التي مارست في العراق العنف والفساد المالي وسرقة - أو على الأقل - هدر المال العام، أو لأني انتقدت بشكل لاذع الطائفيين من الطائفتين، بما في ذلك الطائفة التي تمثل خلفيتي التاريخية بالولادة، لا بالاختيار الحر، فكتبت «أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا»، ووقعت على نداء أسميناه بنداء البراءة من الطائفتين، ولو إني كنت أرجح اختيار كلمة أخرى غير «البراءة»، وهكذا عندما تحدثت عما أسميته بالخامنئية الشيعية، والصدامية السنية في العراق، فلطالما سمعت الشتائم بل والاتهامات، بل إني أحتفظ بالمقالات الشتائمية ضدي، وأعممها على أصدقائي، ثم إني أتمتع بصداقة متدينين عقلاء، وبصداقة ملحدين عقلاء، وأتمنى أن تقبل لتنضم إلى قائمة أصدقائي، رغم اختلافنا في العقيدة، فلو تعلمنا كيف نختلف اختلاف العقلاء، ونبقى متحابّين في الإنسانية، لكان ذلك خيرا كبيرا للبشر، ورضا - حسب عقيدتي ولعلك لا تختلف معي - لله الحبيب الجميل.



(ش.ش):

شكرا أستاذ ضياء على كلماتك الطيبة، وبالقطع يسعدني ويشرفني صداقتك، ككاتب كبير ومفكر راق وإنسان محترم. وأعلم أستاذي الكريم أننا لسنا مختلفين في العقيدة، وهي أنه لا إله إلا الله، وهي عندي قمة الحرية والعزة الإنسانية، وإنني أرفض مثلك أي تقسيم طائفي للمسلمين، وإن قدوتنا هو محمد، صلوات الله عليه، وإن الرسالة اكتملت وتمت في حياته، وكل ما جاء بعده تاريخ، تاريخ نتعلم منه ومن أحداثه، ولا نقدس شخصياته، نحترمهم ونقدر دورهم، ونتعلم من اختلافاتهم، ومواقفهم، وأخطائهم، فهم بشر، ونترك أمر حسابهم إلى الله سبحانه، فلا نتعصب لأحدهم ولا نصنمهم ونعبدهم ونجعلهم كالأوثان، نتقاتل تعصبا لهم، ونعبدهم من دون الله، والعياذ بالله، ما بيننا اختلاف في الرؤى، واختلاف في بعض التعريفات والاصطلاحات، مثل مفهوم الرحمة والعدل الإلهي وما شابه، وبعض المفاهيم المختلفة في أسلوب تناول الآيات القرآنية وموضوعيتها وقراءتها قراءة باطنية ومجازية أحيانا كثيرة، لكن في النهاية تجمعنا إنسانيتنا، وتقديسنا للروح الإنسانية، وحريتها وكرامتها، والتي هي نفخة من الله سبحانه، أي شيء يسير جدا جدا منه سبحانه ومن صفاته. ولك مني خالص الشكر والتحية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



جوابي:

ولك شكري ومودتي واحترامي، كسبتك أخا وصديقا، رغم اختلافنا في النتائج، لكن الذي يجمعنا اتفاقنا في المنطلقات، وإن كان أحدنا، إما أنا، وإما أنت، قد أخطأ في النتائج، كما تجمعنا إنسانيتنا، ومسعانا لتحقيق ما أمكن من العقلانية، والتي تبقى بكل تأكيد نسبية.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google