50 مقدمة «مع القرآن في حوارات متسائلة»
50 مقدمة «مع القرآن في حوارات متسائلة»


بقلم: ضياء الشكرجي - 09-03-2017
[email protected]

www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الخمسون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع المقالات المختارة من الكتاب الثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، وتشتمل على مقدمة الكتاب وموضوعات تمهيدية.


مقدمة الكتاب

ها نحن القارئ/القارئة العزيز/ة وإياي في لقاء مع ثالث مجموعة «كتب لاهوت التنزيه»، فبعدما صدر بتوفيق الله تألقت آيات جماله الكتاب الأول «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»، ثم الثاني «لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، فها نحن مع ثالثها «مع القرآن في حوارات متسائلة»، داعيا الله الحبيب الجميل أن يوفق لإتمام ونشر الرابع «الدين أمام إشكالات العقل». هذه الكتب الأربعة التي كانت ابتداءً مشروع كتاب واحد بأكثر من جزء باسم الكتاب الأول من هذه المجموعة «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل».

ما أرجوه أني وفقت إلى حد مقبول إلى اعتماد العقل، والموضوعية، والتجرد، ومراعاة مشاعر أصحاب العقائد، رغم نقدي لعقائدهم، وأفلحت إلى حد ما في تحريك الماء الراكد للموروث اللامسموح مناقشته. وما غايتي إلا إرضاء الله بتنزيهه وتحريره، وتحرير العقل، وتحرير الإنسان، ومحاولة كشف بعض الحجب عن الحقيقة، التي لا بد أن تسفر عن وجهها، أو عن بعض ملامح وجهها المستتر وراء حجب الغيب، التي لا يسعنا بإدراكاتنا المحدودة أن نزيحها أو نخرقها كليا، بل هو مسعى لتحريك الفكر معتمدا قواعد العقل التي تعصمه مراعاته من الغرق في الوهم.



مدخل للحوارات مع القرآن

كما لاحظ القارئ في الجزء الأول، وكما سيلاحظ في الجزء الثاني، إني اعتمدت بدرجة أساسية في مناقشة ونقد الدين نوعين أساسيين في البحث، البحث العقلي، والبحث القرآني؛ الأول فيما هو منهج البحث المعتمد، والثاني فيما هو النص المخضوع للبحث، أو بتعبير آخر الأول فيما هي الأدلة العقلية المستقلة والمتجردة والمحايدة، والثاني فيما هو مدى انسجام مقولات القرآن مع تلك الأدلة، أو لنقل مع ضرورات العقل عبر نصوص القرآن نفسه، من غير استجزاء واستقطاع أو فصل عن سياقاتها، بل عبر دراسة شاملة لكل نصوصه المعنية بكل من موضوعات البحث.

وفيما يتعلق الأمر بالبحوث القرآنية، فشرط ذلك التجرد، بحيث يدخل القارئ، وأعني بالذات القارئ المسلم، أي المعتقد بإلهية القرآن، بتجرد تام، ناسيا مسلَّماته، وتاركا دعوى احتكار الحق والحقيقة ونهائيّتها ومُطلَقيّتها. أعلم أن التجرد وحسب تجربتي مع الكثيرين ممن التقيتهم، ليس بالأمر الهيّن. فأكثر الذين مروا بتجربة التدين والالتزام، خاصة أولئك الذين نشأوا على مسلمات الإسلام منذ طفولتهم، أصبح لديهم من المسلمات أن القرآن من تأليف الله، ولذا فهم لا يستطيعون إلا أن يصدقوا بالإعجاز البلاغي، والإعجاز العلمي وغيره من الإعجازات، التي أصبحت لديهم من البديهيات غير القابلة للمناقشة. فهم لا يلتفتون إلى الأخطاء اللغوية، ولا إلى الضعف البلاغي في بعض النصوص، مع إقرارنا، وإقرار كل منصف متجرد، بأن القرآن متميز في بلاغته، لكنه ليس معصوما من الخطأ، بما في ذلك الأخطاء البلاغية، لأنه لم يُكتَب أو يُملى أو يوحَ به من قبل الله، حسب ما وجدنا أنفسنا من قناعة وصلنا إليها، بعد طول تأمل. لو استطاع المؤمن بإلهية القرآن أن يتجرد، ويستمع بهدوء إلى وجهة النظر الأخرى المغايرة، لاسيما من قبل شخص مثلي كان مدافعا عن الإسلام لما يقترب من ثلاثة عقود من الزمن كداعية إسلامي، ومحاضر، ودارس ومدرِّس للعلوم الدينية، ويستخدم أدوات العقل، ومع تحول قناعاته لا يسمح لنفسه أن يمارس الإساءة إلى مقدسات المسلمين أو غيرهم من أتباع الديانات، وإنما يريد أن يناقشها، كما ناقش القرآن نفسه بقية العقائد، كالمسيحية واليهودية والوثنية، ففندها، وكرر عبارة «قَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا ...»، مبينا هوان عقائد الآخرين، حسب وجهة نظره، ولكون القرآن نفسه يدعو للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويدعو للجدال بالتي هي أحسن، ويفترض في أحد نصوصه في مجادلة الآخرين أنهم إما هم وإما النبي والمسلمون، إما على هدى، وإما في ضلال مبين «وَإِنّا أَو إِيّاكُم لَعَلى هُدًى أَو في ضَلالٍ مُّبينٍ»، ويدعو إلى القسط الذي من لوازمه أن يقبل ناقد عقائد الآخرين أن يُنقَد. لذا أوجه دعوتي للقرآنيين، كما لناقدي القرآن، أن يدخلوا هذه الحوارات بتجرد؛ يتجرد القرآني عن تعصبه للقرآن، ومسلماته اللامناقَشة، أو اللاقابِلة للمناقَشة، كما ويتجرد مخالف القرآن عن إفراطه في الحساسية المبالَغ بها. إذا كان صدور القرآن عن غير الله محالا عند المؤمن بإلهيته، وإذا كان صدوره عن الله محالا عند اللاديني، فإن فرض المحال ليس بمحال. لذا لندخل هذه الحوارات بعقل بارد، وبموضوعية، وتجرد، وحياد، وبتحكيم العقل، الذي أودعه الخالق فينا، أو أودعته الطبيعة، كما يرى اللاإلهيون، ليكون الحكم.



تساؤلات حول القرآن

نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).

هناك مجموعة تساؤلات حول القرآن، تحتاج إلى وقفة أمام كل منها، وإجراء دراسة موضوعية متجردة لها، نذكر منها:
• الموقف الدنيوي من الآخر المنعوت بالكافر، وما يترتب على ذلك من بعث ثقافة الكراهة، وبعث الانفصال النفسي تجاه الآخر المغاير بالعقيدة.
• الموقف الأخروي من الآخر، والوعيد بالعذاب الخالد، فقط بسبب اعتناق دين أو عقيدة مما يُعَدّ وفق معايير القرآن كفرا، ومدى انسجام ذلك مع العدل الإلهي.
• القسوة المبالَغ بها في العقاب الأخروي.
• القسوة المبالَغ بها في عقوبات القصاص الدنيوي.
• الأحكام التي تتعارض مع المساواة، لاسيما بالنسبة للمرأة، ولغير المسلم، وللعبد المملوك.
• الدعوة المكثفة لمقاتلة الآخرين.
• قصة خلق آدم وحواء، وما عليها من ملاحظات على ضوء الحقائق العلمية.
• موضوع الشيطان والجن وإبليس.
• موضوع الملائكة وتأكيد ذكوريتهم، واستنكار دعوى أنوثتهم.
• نزول الغضب على أقوام سابقين، وإبادتهم إبادة جماعية.
• سلوكيات بعض الأنبياء التي تبدو غير حكيمة أو المتشنجة والانفعالية أو المجانبة للصدق. مثال: إبراهيم، موسى، يونس ...
• موارد الإعجاز في القرآن، كدعوى الإعجاز البلاغي والعلمي والعددي.
• حقيقة أن القرآن جرى تأليفه خلال ثلاثة وعشرين سنة هجرية، بما يجعل بالإمكان تأليف نص يساوي سورة الكوثر من غير البسملة في اليوم الواحد.

ربما يكون هناك لكل قضية جواب، وجواب مقنع إلى حد ما في آخر المطاف، عبر عمليات تأويل شاقة، واعتماد عرض النص موضع البحث على القرائن، لاسيما القرائن المنفصلة، وغيرها. ولكن هذا يحتاج إلى جهد استثنائي للخروج بنظرية منسجمة مع العقلانية والإنسانية، ثم هناك إمكانية الخروج بنظرية مضادّة. وحيث أنه قياسا بحكمة الله المطلقة ولطفه المطلق يمتنع على العقل الفلسفي تعقل أن يكون كتاب الله موجَّها بشكل خاص لمخاطبة النُخب، مع عدم وجود ضمانات لاتفاق هذه النخب على فهم موحد، أو لا أقل متقارب لكل قضية. ثم إن من فهم القرآن من هؤلاء موافقا للعقل وموازين العدل والمثل الإنسانية، لاسيما من كان من أولئك المحسوبين على من يُنعتون بالتنويريين، كان على الأغلب متهما في دينه، ومتوجهة إليه سهام التكفير، ثم إن الأكثرية الغالبة من المسلمين وعلى مر التاريخ فهموا الإسلام خلاف الفهم التنويري.

طبعا مثل هذه القضايا تحتاج إلى دراسة مستفيضة، وإلى مقارنة دقيقة لكل قضية مع العهدين القديم والجديد، وغيرها من الكتب المقدسة بحسب المؤمنين بها. وسأحاول تناول أكثر القضايا المشار إليها، إلم تتوفر فرصة تناولها جميعا.



أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن؟

كتبت في وقت سابق، وروجعت في 27/09/2009، ونشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).

إذا ثبت لنا أن نبي الإسلام مرسل من الله، وأن القرآن هو الكتاب المنزل إليه، إيحاءً منه تعالى، لا بد من بذل جهد استثنائي لتأويل كل نصوص القرآن، بما يجعله منسجما مع العقلين الفلسفي والأخلاقي، ولا بد من بذل أقصى الجهد لفهم سيرة النبي المفترضة نبوته على ضوئهما. أما إذا ثبت لنا، أو افترضنا أن الإسلام دين مبتكر من اجتهاده، اقتبس فيه ما اقتبسه مما قبله، ونقح منه ما نقح، وأضاف إليه ما أضاف، وحذف منه ما حذف، وأن القرآن من تأليفه، اقتباسا، وتنقيحا، وتأملا ذاتيا، واجتهادا، أو تعلما وإضافة، عندها لا بد من أن نسجل مردودات الإسلام لرصيده، فنحسب له ما فيه من إيجابيات، وعليه ما فيه من سلبيات.

إذن لنتأمل فيما يتحمل مؤسس الإسلام مسؤوليته. هنا نستطيع أن نقول ابتداءً أنه هو الذي أسس للإسلام السياسي، فقد ابتدأ مسلما داعيا للإسلام، وانتهى إسلاميا مؤسسا لإيديولوجية الإسلام السياسي، وفكرة الدولة الإسلامية (دولة الله)، ومنهج الجهاد، وشن الحروب (المقدسة)، المسماة حسب أدبيات القرآن جهادا في سبيل الله، والغزوات والفتوحات، واستخدام العنف في سبيل الله، ونظرية إرهاب وإرعاب الكافرين، أي الرافضين الاستجابة والتسليم لدعوته، لأن الكافر حسب المصطلح القرآني، هو كل من لم يؤمن بدين الإسلام، ونبوة محمد، وإلهية القرآن. هذا التحول من المسلم العرفاني الداعي للإسلام (المكيّ)، إلى الإسلاموي السلطوي المُسيِّس للإسلام (المدنيّ)، حصل إما لأنه قد حصلت لديه تحولات، بعدما دشن السلطة والدولة والسياسة، وإما أن مشروع الإسلام السياسي كان مُضمَرا، ومؤجَّلا لحين تهيؤ الظروف الملائمة له، وإما أنه شخص أن دعوته لا يمكن أن تنتشر، إلا إذا كانت مدعومة بدولة وقوانين رادعة وجيش يخدم الدعوة بالغزوات والفتوحات، ويؤسس لمفهوم الأمة الدينية، اللاغية، أو المذوبة للهويات الماقبلية.

على ضوء هذا الفهم، كواحد من الممكنات العقلية، وما قد يرجحه الكثير من مفردات واقع السيرة، نجده بدأ بدعوة روحية إلى الإيمان بالله، وتوحيده، والإسلام (أي التسليم) له سبحانه، ثم انتقل إلى مؤسس لمجتمع أهلي، كمرحلة وسطى، بين المجتمع البدوي والمجتمع المدني، كما يذهب إليه المفكر العراقي أحمد القبانجي، ثم انتهى إلى أصولية إسلاموية، تَعدّ دينها سياسة، وسياستها دينا، كما كان يعبر عن ذلك الخميني مفجر الثورة الإسلامية الإيرانية بقوله: «سياستنا عبادة، وعبادتنا سياسة».

ثم كان، أي مؤسس الإسلام، هو الذي جعل الإسلام يؤوَّل إلى ما يتعارض مع بعضه البعض، إلى ما يقترب من التناقض أحيانا، وذلك بقصد، أو من غير قصد، أو من غير قصد ابتداءً، وبقصد انتهاءً، وذلك بسبب بشريته غير المعصومة، أو نوازع ذاتية متنازعة في دواخله. ومن هنا فهو مع فرض أنه أحدث هذا التعارض في البدء من غير قصد، عندما اكتشف أن القرآن قد اشتمل على مثل هذا التعارض، فحاول أن يوجد مخرجا لهذا المأزق القرآني، وذلك عبر الناسخ والمنسوخ تارة، أو عبر المُحكَم والمُتشابِه تارة أخرى، وجعل فهم وتأويل المتشابه حكرا على الله، والراسخين في العلم، حسب القراءة المعتمدة عند الشيعة، ولعله المعتزلة، بينما قرأ السنة الآية بوضع وقف لازم بعد عبارة «وَلا يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا الله»، فجعلوا علم تأويل متشابهات القرآن حكرا على الله، وهذا نفي ضمني لحكمة الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، من حيث لا يعي ذلك النافون، بدعوى أنه أنزل، في بعض ما أنزل، لغوا، لأن مخاطبة البشر بما لم يفهموه، ولا يفهمونه، ولن يفهموه، إذ لا يعرف معناه إلا هو؛ هذه المخاطبة لا يمكن أن تكون إلا لغوا. فالآية بنصها الكامل: «هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ، مِنهُ آياتٌ مُّحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ، وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ، فَأَمّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ، وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ؛ يَقولونَ آمَنّا بِهِ، كُلٌّ مِّن عِندِ رَبِّنا، وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُلُو الألبابِ». فقرأ الشيعة المقطع الأخير من الآية: «وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ؛ يَقولونَ [أي هؤلاء الراسخون في العلم العالمون بتأويله] آمَنّا بِهِ، كُلٌّ مِّن عِندِ رَبِّنا ...». بينما قرأها السنة «وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلاَّ اللّهُ. [علامة وقف لازم تتبعه جملة جديدة، معطوفة على سابقتها، لكن منقطعة عنها، بقول:] وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنّا بِهِ، كُلٌّ مِّن عِندِ رَبِّنا ...». فحتى هذه الآية التي تتحدث عن ظاهرة وجود المحكَم، الذي لا يحتمل إلا معنىً واحدا، والمتشابِه، الذي يحتمل أكثر من معنى، جُعِلَت نفسُها من المتشابهات، من حيث صحة القراءتين، لا من حيث اللغة، وبالتالي فهمها على نحوين، تارة بجعل العلم بالتأويل حكرا على الله وحده، وتارة عليه تعالى، وعلى الراسخين في العلم، المؤمنين به، وبكونه جميعا من عند الله. وهنا يطرح سؤال نفسه، ألا هو بما أن الله سبحانه وتعالى متصف، فيما هو متصف به من كل الكمالات المطلقة، بكمالين على نحو الإطلاق واللامحدودية، ألا هما الحكمة واللطف، أفلا يتعارض مع حكمته ومع لطفه بعباده أن يبعث لهم كتابا يحتمل الكثير من نصوصه أكثر من معنى، يصل التفاوت بينها أحيانا إلى حد التناقض، أو يفهم بعضها بما يتقاطع بشكل حاد مع العقل الفلسفي، ومع العدل الإلهي، أو الرحمة الإلهية، أو الحكمة الإلهية، أو اللطف الإلهي؟ هذا سؤال يحتاج إلى إجابة. أفتنزيه الله أهم، أم تنزيه ما يحتمل أنه كتاب الله؟ مع إن وجود الله وتنزُّهه يقيني، كونه واجبا عقليا، على الأقل عند من يقول بذلك، بينما صدور الكتاب غير المُنزِّه له تعالى - ولو ظاهرا، أو بحسب بعض تأويلاته الممكنة لغويا، الممتنعة فلسفيا - في كثير من نصوصه، هو صدور ظني، لأنه ممكن عقلي، أي ممكن الصدق وممكن عدم الصدق، لكن لا يقوى على إعطاء إجابات تليق بجلال الله وجماله وكماله.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google