) العشائريون ) في العراق وصلوا إلى أعلى المراتب .!.
) العشائريون ) في العراق وصلوا إلى أعلى المراتب .!.


بقلم: د . خالد القره غولي - 10-03-2017
من الممكن أن نحدد السلطة الحاكمة في العراق بالجمهورية الرابعة كما يقسم الفرنسيون حكوماتهم الجمهورية بعد الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ -- ١٩٤٥) فالحكم الجمهوري بدأ في العراق بعد إنتهاء الحكم الملكي (١٩٢١ - ١٩٥٨) وتبوأ عبد الكريم قاسم للسلطة أو ماسمي بعدئذ بالحكم القاسمي(١٩٥٨ - ١٩٦٣) تلاه الحكم العارفي (١٩٦٣ - ١٩٦٨) ثم الحكم البعثي (١٩٦٨ -٢٠٠٣) وأخيرا الجمهورية التعددية الرابعة كما يحب أن يطلق عليها مؤيدوها وموالوها (٢٠٠٣- ولحد الآن) جميع السلطات والحكومات منذ نهاية الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ - ١٩١٨) ودخول العراق في دوامة الإستعمار البريطاني لم تنجح في الحد من هيمنة وسيطرة وإطباق العشائر على عموم الحياة الإجتماعية وتأثير النفوذ المعلن وغير المعلن لشيوخ بعض تلك العشائر على فرض إرادتها وبسط قدراتها التقليدية بإعتبارها مركزا لتوزيع ونشر الصلاحيات وتمثيل توجهات ملايين العراقيين ممن إلتجأ إلى العشيرة وشيخها كبديل عن الدولة وسلطتها !

العشائريون في العراق وصلوا إلى أعلى المراتب التشريعية والتنفيذية بل وحتى القضائية منذ تنصيب الملك فيصل الأول في عام ١٩٢١ ومشاركتهم بعد ذلك في الحكومات ومجالس الأعيان والنواب .. ولكي نكون دقيقين ومحايدين في قراءة وعرض هذا الأمر لابد من الإشارة إلى تسلط العشائر العراقية أصلا على الحكم في العراق قبل تنصيب فيصل الأول كنتيجة منطقية لبعض الأحداث..
ففي عام ١٩١٥ حاصرت عشائر الكوت العربية قوات الجيش البريطاني بقيادة الجنرال طاونزند لأشهر عدة وقتلت وأسرت وجرحت آلاف الجنود البريطانيين بعد أن أشاع شيوخ عشائر الكوت بأن البريطانيين كفرة لا بد من قتالهم.. في عام ١٩٢٠ طافت أفواج الفرسان من مقاتلي ثورة العشرين منطلقين من السماوة لقتال الإحتلال وتوسعت شرارة الثورة إلى ربوع العراق في جنوبه وفراته الأوسط ووسطه وغربه وشرقه .. معنى ذلك أن العشائر هي من سيطر على العراق بعد العثمانيين وهي الحاكم الحقيقي رغم ما كان يظهره البريطانيون من سيطرة ، لكنها لم تأخذ طابع التأهيل والثقة إلا بعد منح شيوخ العشائر العراقية سلطات واسعة وتمثيل سياسي وتمليك أراض زراعية وصناعية كبيرة جدا لهم ساهمت في إستحداث الحكم الإقطاعي في العراق! جميع السلطات الحاكمة منذ الوزارة الأولى فشلت في وضع حد لتأثير الحكم الإقطاعي رغم ما أعلنه بعضهم من تبنيه لإيديولوجيات مناهضة للإقطاع مالبثت نفس هذه السلطات من الإستعانة بها للوقوف مع السلطة الحاكمة ضد معارضيها..بعد عام ١٩٩١ أصبحت الحاجة للإعتماد على دعم ومساندة العشائر بقيام السلطة آنذاك بتسجيل أسماء شيوخ العشائر وتوزيعهم فئات وتوزيع رواتب أو منح شهرية على حسب كل فئة ، ما منح شيوخ ووجهاء العشائر العراقية طابعا رسميا وتوصيفا وظيفيا لم يتمكن الأمريكيون بعد إحتلالهم لبغداد في عام ٢٠٠٣ إلا مواصلة تشجيعه وإدامته بل وإلى إختيار عدد من هؤلاء الشيوخ في أول مجلس حكم طارئ في العراق قبل وضع الدستور والإنتخابات.. لكن الأمريكيين أدركوا لاحقا أن من يتصدى لهم كانوا أبناء العشائر وبخاصة في المناطق الغربية وبغداد وبعض مناطق الجنوب.. عليه إستنجد المحتلون بأتباعهم ومؤيديهم ممن ساهم في دخول قوات الإحتلال إلى العراق في نفس مناطق التمرد !
لكنهم فشلوا وفشلت معهم ستراتيجية خططهم فلجأوا إلى حلول عدة أدت إلى شق صفوف المجتمع المدني العراقي وإعادة هيمنة العشائر من جديد على مقدرات السلطة.. بعد إنسحاب الأمريكيين في عام ٢٠١١ تفردت العشائر العراقية وبدعم كامل ومطلق من الأمريكيين بالتأثير على مجريات الأحداث السياسية في العراق عبر الإنتخابات النيابية وإنتخابات مجالس المحافظات، فالأحزاب والكتل السياسية داخل السلطة إن لم تحصل على تأييد مسبق من شيوخ العشائر بجمع أكبر عدد من الأصوات لهذه الكتلة وتلك سيصيبها الفشل بلاأدنى شك والأدلة كثيرة بل تصاعد حجم هذا التأثير إلى إنتخاب عشرات الشيوخ وتولية بعضهم لحقائب وزارية وقيادات عسكرية وأمنية وسفارات !

ماذا بقي إذا كي يحسم هذا الأمر ويتحول العراق إلى سلطة عشائرية علنا وليس التأثير من وراء الكواليس؟!

الجواب في الإنتخابات القريبة جدا وهي التي ستظهر للعراقيين أن من يمثلهم فشل في نقل معاناتهم وتلبية مطالبهم وأن هناك حلا آخر وهو العشائر! كي يبدأ العراق مرحلة من الصراع العشائري بدأت تلوح بسحاباتها السوداء منذ الآن منطلقة من جنوب العراق .. فبينما يتجه العالم لوضع أول منطقة سكنية على سطح المريخ سيعود العراق إلى حكم العشائر والاقطاعيات..

ولله الأمر



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google