استعدادا للانتخابات القوى السياسية تجدد خطابها السياسي وتبقي على ادواتها القديمة
استعدادا للانتخابات القوى السياسية تجدد خطابها السياسي وتبقي على ادواتها القديمة


بقلم: جمال الخرسان - 11-03-2017


خلال الفترة القليلة الماضية يلاحظ المتابع للشأن العراقي تحولا غير مفاجيء في خطاب معظم القوى السياسية العراقية، ففي رومانسية سياسية عالية تجاه الوطن والمواطن هناك من قدم نفسه معترفا بالفشل، ويسعى جاهدا الى تغييره، هناك من اقر بان الوجوه القديمة لم تعد قابلة للتسويق وعلينا فسح المجال لوجوه اخرى علها تنجح في ادارة البلاد، وهناك من دعا الى اعتزال الطبقة السياسية المناصب التنفيذية وحصرها بمجلس تشريفي استشاري يحفظ لها ماء وجهها لا اكثر.
الخطاب السياسي الملفت بصراحته وشجاعته غير المسبوقة بالقياس لما عهدناه من تعالي وكبرياء مفرط للقوى المتنفذة في ادارة العملية السياسية بالعراق في نهاية المطاف لا يمثل تغيرا كبيرا في الواقع ولا ينبيء باحداث اي تحول من شأنه اعادة الامور الى نصابها الصحيح، وذلك لان التغيير الحاصل والذي سبقه تسويق اعلامي كبير ليس الا تغيير على مستوى المظهر مع بقاء ذات العقلية والادوات التي ادت الى ما نحن فيه من فشل.
ان القوى العراقية ورغم وجود تفاوت نسبي محدود فيما بينها الا انها تشترك جميعا في انتاج الفشل كل مرة، وذلك من خلال اصرارها الشديد على عدم التخلي عن آلياتها التقليدية التي لم تنجح في تجاربها السابقة.
من يراجع الانتخابات السابقة يتذكر جيدا العدد الهائل من المبادرات السياسية والاقتصادية والوعود الانتخابية التي لم ينتج عنها شيء.
ان ما يحصل من تحول داخل القوى السياسية لا يرتقي لحجم الفشل الذي نعيشه، ولا يرتقي لسقف التحديات التي يمر بها العراق. بل لا يرتقي اساسا حتى لاعادة تسويق الكتل نفسها. ماذا حققت الكتل السياسية من وعودها قبل سنوات لكي تسوق نفسها من جديد بوعود جديدة؟ هل حاسبت وجوهها القديمة على هدر المال العام؟ هل انجزت مبادراتها التي وعدت بها الجمهور؟ هل حفظت الامن؟ هل قدمت الخدمات؟ الوزارات، الحكومات المحلية والهيئات المستقلة التنفيذية منها والرقابية.
في محاولة لتبرير الفشل الماضي قامت الكتل السياسية جميعا بالقاء جزء كبير من اللوم في عدم تحقق منجزاتها ووعودها الانتخابية على خصومها الذين يصرون على عدم انجاح اي وعد انتخابي لاي كتلة سياسية. ورغم ان جزءا من ذلك التبرير واقعي فهذه الظاهرة حالة سيئة متبادلة بين جميع القوى السياسية الا انها لا تصلح لكي تكون مبررا كافيا، خصوصا في بلد مثل العراق، من لم يتوقع وضع العراقيل من قبل الخصوم وكيفية تجاوزها لا يمكن الوثوق به في قيادة الملف السياسي لان ذلك جزء اساسي من اللعبة السياسية في العراق للاسف الشديد. وباختصار يمكن القول: حتى الان لم تنجز القوى السياسية تغييرات جوهرية تتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة واستحقاق الانتخابات، ولعل التحوّل الابرز في خطاب القوى السياسية العراقية هو محاولة استثمارها في واجهات ومفاهيم وادوات مدنية، من جهة وكذلك واجهات وادوات وشعارات الحشد الشعبي من جهة اخرى، هذه الخلطة الغريبة تعكس ادارك القوى السياسية لصعوبة موقفها امام الجمهور ولكن تلك الخلطة لا تبدو منسجمة وناضجة، او ربما هي جزء من التناقضات الغريبة التي يعيشها معظم الوضع العراقي.
جمال الخرسان
[email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google