شذرات من قصائد الشاعر نزار قباني ! *
شذرات من قصائد الشاعر نزار قباني ! *


بقلم: د. رضا العطار - 13-03-2017


أسئلة الى الله

يا إلهي
عندما نعشق ماذا يعترينا ؟
ما الذي يحدث في داخلنا ؟
ما الذي يكسر فينا ؟
كيف نرتد الى دور الطفولة ؟
كيف تغدو قطرةُ الماء محيطا
ويصير النخبل اعلى
ومياه البحر احلى
وتصير الشمسُ إسوارا من الماس ثمينا
حين نغدو عاشقينا . .

يا إلهي
عندما يضربنا الحبُ على غير انتظار
ما الذي يذهب منا ؟
ما الذي يولد فينا ؟
كيف نغدو كالتلاميذ الصغار
ابرياء ساذجينا
ولماذا عندما تضحك محبوبتنا ؟
تمطر الدنيا علينا ياسمينا . .
ولماذا عندما تبكي على ركبتنا
يصبح العالمُ عصفورا حزينا ؟

يا إلهي ما يُسمى ذالك الحبُ الذي ظل قرونا وقرونا
يقتل القتلى ، ويحتل الحصونا
ويذلً الاقوياء القادرينا
ويذيبُ البسطاء الطيبينا
كيف يغدو شَعرُ من نهوى سريرا من ذهب ؟
وفم المحبوب خمرا وعنب
كيف نمشي وسط النار
ونلتذ بالوان اللهب ؟
كيف نغدو – عندما نعشقُ – اسرى
بعدما كنا ملوكا فاتحينا . .

ما نُسمي ذلك الحب الذي يدخل كالسكين فينا ؟
أنسميه صداعاً ؟
ام نسميه جنوناً ؟
كيف يغدو الكون في ثانية
واحة خضراء . . او ركنا حنونا
حين نغدو عاشقينا . .

ياإلهي
ما الذي يحدث في منطقنا ؟
ما الذي يحدث فينا ؟
كيف تغدو لحظة الشوق سنينا
ويصير الوهمُ في الحب يقينا
كيف تحتل اسابيع السنة ؟
كيف يلغي الحبُ كل الازمنة ؟
فيصير الصيف يأتي في الشتاء
ويصير الوردُ ينمو في بساتين السماء
حين نغدو عاشقينا

يا إلهي
كيف نستسلم للحب ونعطيه مفاتيح الامان
واليه نحمل الشمع ، وعطر الزعفران
كيف ننهار على اقدامه مستغفرينا
كيف نسعى لحِماهُ . . قابلينا
كل ما يفعله فينا
كل ما يفعله فينا

وفي قصيدة اخرى للشاعر يقول :

حب استثنائي

أكثر ما يعذبني في حبكِ
انني لا استطيع ان احبك اكثر
واكثر ما يضايقني في حواسي الخمسة
انها بقيت خمسة لا اكثر
ان امرأة استثنائية مثلكِ
تحتاج الى احاسيس استثنائية
واشواق استثنائية
ودموع استثنائية
وديانة رابعة
لها تعاليمها وطقوسها وجنتها ونارها
ان امرأة استثنائية مثلكِ
تحتاج الى كتب تُكتب لها وحدها
وحزن خاص بها وحدها
وموت خاص بها وحدها
وزمن بملايين الغُرف
تسكن فيه وحدها

اكثر ما يعذبني في اللغة . . انها لا تكفيكِ
واكثر ما يضايقني في الكتابة انها لا تكتبكِ
انتِ امرأة صعبة
انت امرأة لا تُكتب
كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكِ
ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتكِ الصوتية
معك لا توجد مشكلة
ان مشكلتي هي مع الابجدية
مع ثمان وعشرين حرفا ، لا تكفيني لتغطية بوصة
واحدة من مساحات انوثتكِ
ولا تكفيني لاقامة صلاة شكر واحدة لوجهكِ
الجميل
ان ما يحزنني في علاقتي معكِ
انك امرأة متعددة
واللغة واحدة
فماذا تقترحين ان افعل ؟
كي اتصالح مع لغتي . .

ربما كنت راضية عني
لانني جعلتكِ كالاميرات في كتب الاطفال
ورسمتكِ كالملائكة على سقوف الكنائس
ولكني لست راضيا عن نفسي
فقد كان بامكاني ان ارسمك بطريقة افضل
واوزع الورد والذهب حول اليتيكِ . . بشكل افضل
انني عاتب على جسدي
لانه لم يستطع ارتداءك بشكل افضل
وعاتب على مسمات جلدي
لانها لم تستطع ان تمتصك بشكل افضل
وعاتب على فمي
لانه لم يلتقط حبات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد
شواطئك بشكل اقضل
وعاتب على خيالي
لانه لم يتخيل كيف يمكن ان تنفجر البروق
واقواس قزح
من نهدين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامن عشر
ولكن ماذا ينفع العتب الان
بعد ان اصبحت علاقتنا كبر برتقالة شاحبة
سقطت في البحر
لقد كان جسدك مليئا باحتمالات المطر
يعطي علامات يوم القيامة
ولكنني لم اكن ذكيا بما فيه الكفاية
لآلتقط اشاراتك
ولم اكن مثقفا بما فيه الكفاية
لاقرأ افكار الموج والزبد
واسمع ايقاع دورتك الدموية

وفي قصيدة اخرى يقول الشاعر :

الغضب لا يعرفه الا الغاضبون
والكفر لا يعرفه إلا الكافرون
والحرية سيف
لا يقطع الا في يد الاحرار
اما انت
فمستريحة الى درجة الفجيعة
تراهنين على الخيول الراكضة
ولا تمتطيها
وتلعبين بالرجال
ولا تحترمين قواعد اللعبة
انت لا تعرفين قشعريرة المغامرة
والصدام مع المجهول واللامنتظر
انت تنتظرين المنتظر
كما ينتظر الكتاب من يقرءه
والمقعد من يجلس عليه
والاصبع خاتم الخطبة

تنتظرين رجلا
يُقشًر لكِ اللوز والفستق
ويبسقيك لبن العصافير
ويعطيك مفاتيح مدينة
لم تحاربي من اجلها
ولا تستحقين شرف الدخول اليها

لقد ضجرت من ممارسة الحب خلف الكواليس
ومن تمثيل دور العشاق الكلاسيكيين
اريد ان اعتلي خشبة المسرح
وامزق السيناريو
واقتل المخرج
واعلن امام الجمهور
انني عاشقُ على مستوى العصر
وانكِ حبيبتي رغم انف العصر

* مقتبس من ديوان الشاعر م 2 ص 494 507
* مقتبس من ديوان الشاعر م 2 ص 61



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google