بقلم: مهدي قاسم -
15-03-2017 مررتُ بمرحلة اتسمت بنوع من الغرابة / طبعا بمعناها الإيجابي ، و كأنما الله قرر فجأة أن ينعم عليّ بعطاياه الكريمة والمباركة ، إذ فلم يمر أسبوع دون أن أعثر على مبلغ زهيد من نقود أو على مصوغات ذهبية ـ مرمية على أرصفة وفي دروب منتزهات و حدائق ، فكنت أنتظر قليلا ليأتي أصحابها و يستفسروا عنها لكي أسلمها لهم ، ولكن ما من أحد كان يأتي ،فقد كانوا عابروا سبيل ، ربما يكونوا قد مضوا بعيدا، دون أن يخطر على بالهم إنهم قد فقدوا شيئا ما ، و إذا كان المبلغ كبيرا جدا ، كنتُ أرسله في ظرف خاص إلى قسم الشرطة الخاص بالمفقودات ، وقد أدهشتني كثرة الصدف و المصادفات لعثوري الدائم على هكذا مبالغ و أن كانت ليست كبيرة في أغلب الأحيان ، ولكن تكرارها الدائم لم يكن إلا دلالة على العناية الإلهية بالأمر ، وقد رويت هذا الأمر لأحد أصدقائي فلم يصدقني فقلتُ له :" تعال معي إذن لترى بأم عينك حيث بإمكان أن تختار إي مكان نذهب إليه " فقد قادني صديقي إلى مكان كان مجهولا من قبلي ، فتمشينا طويلا بين طرقها و على ارصفتها وحدائقها ومنتزهاتها دون ان أعثر على شيء ذي قيمة تذكر ، فتعالت أسارير وجه صديقي ابتسامة ساخرة و انتصار ، لكوني لم أعثر على شيء ، و بينما نحن نغادر حدود الحديقة ، وحيث أنا بدوري كنتُ مستغربا جدا من عدم عثوري على شيء ثمين فآنذاك هبت الريح فجأة و تناهت إلى سمعي أصوات خشخشة شيء ما ، و إذا بها عبارة عن ورقة نقدية محصورة بين أدغال و أعشاب يابسة تعبث بها الرياح شمالا و يمينا ! ، فاندفعتُ نحوها و أنا أصيح متنفسا الصعداء :
ــ و أخيرا ها انذا ! ..
و انحيت والتقطتها مسرورا و نفخت بها ممسدا لأنفض عنها التراب و المتعلقات من غبار و بقع رطبة ومتسخة ، فعبس صديقي وقال بشيء من عجب و استغراب ممزوجين بحسد :
ــ حقا أنه لأمر غريب هذا ! ..يبدو أنت رجل محظوظ فعلا !..
فأجابته بشيء من مرارة و خيبة أمل :
ــ ما جدوى ذلك ؟ ... و كما ترى فهي عموما مبالغ بسيطة .. بينما أنا الآن أمر في وضع مادي سيء، ولا ينقذني غير العثور على بعض الملايين لأخرج من أزماتي المالية الخانقة ..
نظر لي صديقي بدهشة أكبر ، هازا رأسه علامة استغراب ، وأراد أن يقول شيئا ، لكنه سكت صامتا ، وهو ينظر نحو الأرض بفضول و رغبة شديدة كأنما بحثا عن شيء ما ..
ولكن الأغرب من كل ذلك هو :
إنني بعد ذلك اليوم المشهود لم أعثر على أي شيء يُذكر ، لا على مبلغ صغير ولا كبير من نقود أو شيء ثمين و قيم ..
دون أن أعلم لماذا؟ ..
فهل بسبب تبطري وعدم قناعتي برزقي أم بسبب حسد صديقي ؟ .
