أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٣]
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة! [٣]


بقلم: نــزار حيدر - 16-03-2017
أَدَوَاتُ الدَّوْلَة المَدَنِيَّة!
[٣]
نـــــــــــزار حيدر
لقد لخَّص الامام أَميرُ المؤمنين (ع) فلسفة مفهوم الدَّولة بأَربعة مسؤوليات وواجبات إِستراتيجيَّة، كلَّما اقتربت منها عمليّاً إِقتربت من فلسفتِها ومفهومِها أَكثر، والعكس هو الصَّحيح..
ففي عهدهِ للأَشتر النَّخعي لمّا ولّاه مِصر، كتب عليه السلام يقول {هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ عَلِيٌ أَميِرُ الْمُؤْمِنِينَ، مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الاَْشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ، حِينَ وَلاَّهُ مِصْرَ: جِبْوةَ خَرَاجِهَا، وَجِهَادَ عَدُوِّهَا، وَاسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا، وَعِمَارَةَ بِلاَدِهَا}.
إِنَّها؛
الاقتصاد
الأَمن
التَّربية والتَّعليم
البِناء والإِعمار
وفِي إطارِ هذه الواجبات لم يحدِّد الامام فئة أَو شريحة أَو مكوِّن ما في المجتمع دون آخر! ما يعني أَنَّ هذه الاستراتيجيّات الأَربع هي لِلنَّاسِ كافَّة من دون تمييزٍ أَبداً وهي من واجبات الدَّولة إِزاء كلِّ المجتمع بلا استثناء! يجب أَن يتمتَّع بها المواطن كمواطن بغضِّ النَّظر عن أَيِّ شيء.
وهنا على وجهِ التَّحديد تكون حجر الزّاوية في فلسفةِ الدَّولة المدنيَّة! العدالة والمساواة وما يتفرَّع منها وعلى المستويات الأَربعة أَعلاه، كتكافُؤ الفُرص مثلاً.
والعكس هو الصَّحيح فانَّ أَي تمييز ومن أَيّ نوعٍ كان يُعدُّ مُناقضاً لجوهرِ الدَّولة المدنيَّة بمعناها الحقيقي!.
ولقد ابتُليَ العراقيُّونَ منذ قديم الزَّمان بالتَّمييز في بلدهِم حتّى تحوَّل ذلك الى أَصلٍ من أُصول الحُكم وإِذا صادفَ وأَن عاشوا فترةً من المُساواة وعدم التَّمييز فذلك الاستثناء الذي يعجز الباحث والمتقصّي لحقائق التَّاريخ أَن يقف عليهِ لنُدرتهِ!.
ولم يشمل التَّمييز على مستوى دون آخر، وإِنّما شمِل كلَّ شيءٍ حتّى القتل! فضلاً عن التَّعليم والتَّوظيف والأَمن والاقتصاد والمستوى المعيشي وفِي كلِّ شيءٍ!.
ولم تُستثن الأَحزاب السِّياسيَّة من هذا المرضِ الخطير!.
ولقد كرَّس نِظامُ الطّاغية الذّليل صدّام حسين التّمييز العُنصري والطّائفي بشَكلٍ واسعٍ ومهولٍ! ضدَّ الأَغلبيَّة [الشِّيعيَّة] طائفيّاً وضدَّ القوميَّات الأُخرى غير العربيَّة كـ [الكُرد والتُّركُمان] عُنصريّاً!.
وعندما سَقَطَ الصَّنم في التّاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ كان من المُفترض والمُؤَمَّل والمُنتظر أَن يتجاوزَ العراقيُّونَ التَّمييز ليخطو الخُطوة الأُولى ويضعوا الَّلبِنة الأُولى في أَساس الدَّولة المدنيَّة الجديدة الخالية من كلِّ أَنواعٍ التَّمييز! إِلّا أَنَّ الذي حصلَ هو العكس من ذلك تماماً! إِذ أَنَّهم كرَّسوا التَّمييز من حيث يُريدونَ أَو لا يُريدون، على الرَّغمِ من أَنَّ المرجِع الأَعلى وأَحد أَبرز الزُّعماء والقادة السياسيِّين [وأَقصد بهِ شهيد المِحْراب آية الله السَّيِّد مُحمَّد باقر الحكيم الذي تُصادف ذِكْرى إِستشهادهِ في الأَوَّل من رجب المُرجَّب] بذلا جهوداً عظيمةً لتجاوز هذا المرض المُزمن الذي يقف حائِلاً دونَ بناء الدَّولة المدنيَّة.
فعندما يصفُ المرجع الأَعلى [سُنَّة الْعِراقِ] بعبارة [أَنفسَنا] يكون قد أَلغى التَّمييز المُجتمعي والسِّياسي بين أَكبر مكوِّنَين من مكوِّنات المجتمع العراقي! ليهيِّئ الأَرضيَّة لبناءِ الدَّولة المدنيَّة التي تتحمَّل مسؤوليَّاتها الاستراتيجيَّة الأَربعة الواردة في عهدِ الامامِ (ع) من دونِ تمييز.
أَمّا سُنَّة الْعِراقِ فلقد تعاملوا مع هذا الوعي الدِّيني والوطني الرّاقي، وللأَسف الشَّديد، بطريقةٍ سيِّئةٍ جدّاً! فبدلاً من أَن يتبنَّوه فيشدُّوا على يديهِ ويعضدوهُ ويُؤازروه بموقف مُماثل! إِذا بهِم يستدعونَ لنا [داعش] وأَخواتها! لتُحرِّرَهم من سيطرة شركائهم في الوطنِ والتّاريخِ والمصيرِ والاجتماعِ [الشِّيعة الصَّفويِّين]!.
أَمّا الشَّهيد الحكيم الذي كانت لَهُ الكلمة الفَصْل خلال الأَشهر القليلة التي أَعقبت سقوط الصَّنم وحتّى إِستشهادهِ، فقد وافق على أَن تكون نسبة الشِّيعة في مجلس الحُكم وغيره (٥٢٪‏) فقط وليست كما هي الحقيقيَّة (٦٥٪‏) كما وردت آنذاك في أَحدث الإحصاءات والإستبانات، من أَجل أَن لا يكون التَّقسيم المذهبي عائقاً أَو مشكلةً منذُ اليوم الأَوَّل عندما كان العراقيُّونَ يَسعَونَ لبناءِ دولةٍ جديدةٍ ليس فيها أَيَّ نوعٍ من التَّمييز!.
هذه الرُّؤية الوطنيَّة الثَّاقبة تعامل معها سُنَّة الْعِراقِ كذلك وللأَسف الشَّديد بطريقةٍ سلبيَّةٍ وسيِّئةٍ جدّاً عندما ظنُّوا أَنَّها دليلُ ضعفٍ وليسَ رُؤيةٌ جديدةٌ لتجاوُزِ عُقَدٍ الماضي من أَجْلِ مُستقبلٍ جديدٍ أَفضل!.
*يتبع
١٦ آذار ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google