كيف تعامل تنظيم داعش مع الأطفال؟
كيف تعامل تنظيم داعش مع الأطفال؟


بقلم: محمد رضا عباس - 17-03-2017
تجتهد المجتمعات وبغض النظر عن خلفيتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على تربية الأطفال ورعايتهم بالطرق الإنسانية حتى يكونوا مواطنين نافعين لأنفسهم , لعوائلهم , لمجتمعهم , وبلدهم . تربية الأطفال بالصورة الصحيحة يعني بناء مواطن يحترم عائلته ويعمل لراحتهم وعدم الإساءة لهم , يحترم إنسانية الاخرين فيحترم الكبار ويعطف على الصغار , يحترم جيرانه وأصدقائه , و يحب بلده و سيكون جاهزا لحمايته حتى وان تطلب حمل السلاح للدفاع عنه . الا ان تنظيم داعش صادر الطفولة واراد زرع الولاء المطلق له بدلا من الولاء للدولة و المجتمع في ادمغتهم ,زرع الكراهية والحقد ضد الاخرين , استخدامهم كقنابل موقوتة لقتل الأبرياء بالجملة , استعمالهم كدروع بشرية امام القوات المسلحة , الخروج عن طاعة العائلة وعدم الالتزام بقيمها لصالح التنظيم . و ان يكون جاهزين لقتل اعدائهم (المفترضين) بأشنع الطرق بما فيها الذبح. انها حالة مقلقة لكل المجتمعات بكل مكوناتها واختصاصاتها , لان وجود هؤلاء الأطفال من هذا النوع بين ابناء المجتمع يشكل خطر جسيم على حاضره ومستقبله.
لقد روى أطفال ايزيديون نجوا من اسر تنظيم داعش قصص مروعة عما شاهدوه , حيث ذكرت منظمة العفو الدولية ان " بنات لم تتجاوز اعمارهن 11 سنة لم يسلمن من الاغتصاب , بينما اكره الصبيان على الالتحاق بالتدريب العسكري , وعلموهم كيف يقطعون رؤوس البشر , واجبروا على مشاهدة اشخاص يعدمون امام اعينهم " التقرير حمل أيضا قصة ما تعلمه احد الأطفال (13 عاما) خلال سنتين قضاهما اسير لدي التنظيم , يقول " تمسك بالفتى من شعره وتشده لترفع راسه بقوة الى الأعلى حتى نتمكن من حز عنقه , واذا لم يكن لديه شعر , تغرس اصبعك في انفه , علموني هذا وعلموني كيف اقتل بطرق عديدة أخرى". التنظيم هز الضمير الإنساني بنشره فيديو بتاريخ 8 كانون الثاني 2017 وفيه ثلاثة أولاد , احدهم لم يتجاوز الأربع سنوات من عمره وهم يعدمون ثلاث شبان رميا بالرصاص من ريف دير الزور السورية . وفي فيديو اخر نشره التنظيم تحت عنوان "جيل الملاحم" ويظهر فيه مجموعة من الأطفال من مختلف الجنسيات (إندونيسيا , الفلبين , وماليزيا) في احد المعسكرات التنظيم والذي يتدرب به هؤلاء الأطفال على دروس الدين والشريعة وحمل السلاح . في نهاية المقطع يظهر رجل يدعي بانه أبو طلحة الماليزي مع الأطفال يعلنون عن خروجهم عن النظم السياسية للدول "الكافرة" على حد تعبيرهم والتخلي عن جنسيات بلدانهم وتقديم الطاعة والولاء الى "دولة الخلافة" , وبعدها قاموا بحرق جوازات سفرهم التي من خلالها قدموا من بلادهم الاصلية. وبناءا على معلومات بثتها محطة CNN الامريكية , فان 88 طفلا من داعش قد قتلوا نتيجة تنفيذهم اعمال انتحارية خلال عام 2016 . باحثون من جامعة جورجيا الامريكية , استطاعوا من معرفة مصير الأطفال و الذين قتلوا جميعهم في العراق بواقع 39% من الأطفال بتفجير انفسهم في سيارات ملغومة , 33% قتلوا كجنود مقاتلين , فيما قتل 4% منهم بتفجير انفسهم وسط المدنيين , والمتبقي لم يعرف عن مصيرهم .
لقد برع تنظيم داعش في تجنيد الأطفال , وذلك عن طريق عدد من الطرق وهي أولا, اغراء الأطفال عن طريق العاب الفيديو التي تقدم العاب عنف تجذب الأطفال وتقليدها . ثانيا، نشر كتيبات على المواقع الالكترونية تحث الأمهات بقراءة هذه الكتيبات على الأطفال قبل نومهم. هذه الكتيبات تحتوي على أفكار لجهاديين وتكفيريين تحث على الكراهية وتشجع الأمهات بمنع أطفالهم من مراقبة برامج الأطفال بحجة الفجور و الانحراف عن الإسلام واستبدالها بمراقبة البرامج التي تحمل العنف مثل التعلم على حمل السلاح , الرماية , والمصارعة . الكتيبات لا تخلوا من آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة يستخدمها كتاب هذه الكتيبات لعطائها القدسية لدى قارئها. ثالثا, استخدام الاغراءات المالية , حيث ان التنظيم يستغل فقر العوائل التي تسكن في المناطق التي تقع تحت سيطرته وذلك بدفع رواتب بين 400 و1000 دولار لكل طفل ينضم اليهم . رابعا , السيطرة على مدارس الأطفال في المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش وتغيير المناهج الدراسية لتسويق تعاليمهم الى الأطفال , واختيار الأطفال الذين يتميزون باستيعاب المواد الجديدة بسرعة لبرامج ودورات تدريبية اعلى . خامسا , فتح مخيمات دعائية في الساحات العامة يقدم فيها مسؤولي هذه المخيمات الكتب والألعاب المجانية للأطفال , وتشجيع ذوي الأطفال بزيارة مواقعهم الالكترونية .و سادسا , اختطاف التنظيم أطفال المكون الشبكي والايزيدي واجبارهم على اعتناق الإسلام وتجنيدهم في صفوفه .
اما عن كيفية تدريب الأطفال و زرع الولاء المطلق للتنظيم بالكامل , فقد كشف عنه تقرير البوابة نيوز حيث يقول التقرير "يقسم التنظيم الأطفال الى ثلاث فئات , الأولى تبدأ من عمر 8 سنوات الى 12 سنة , والثانية تبدأ من 13 سنة الى 14 سنة , اما الثالثة فتبدأ من عمر 15 الى 16 سنة , ويتم اعداد الأطفال فيها ليكونوا من كوادر التنظيم , ويستعملهم في الحراسة والدوريات وحتى العمليات العسكرية والانتحارية , وكان احد منفذي عملية انتحارية بمنطقة عين عيسى طفل لا يتجاوز عمره ثلاثة عشر عاما , وأخر نفذ عملية انتحارية بمطار الطبقة العسكرية عمره قرابة اثنى عشر عاما . في البداية يحرص التنظيم بغرس في عقول الأطفال فكرة ان أبو بكر البغدادي هو مولاهم , وانهم كفارا مرتدين لو لم يبايعوه , حيث يتم في الخيم الدعوية غسل ادمغة الأطفال بشكل كامل , ليقوموا باستدراجهم بعد ذلك الى المكاتب الدعوية , من اجل تقديم طلب انتساب الى "دولة الإسلام" او للمبايعة , ويعد المسؤول الأول عن عملية تجنيد الأطفال هو أبو الحوراء العراقي ومعاونه أبو ذر التونسي , حيث يتم تقديم طلب بمكاتب الدعوى وبعد تقديم طلب الانتساب بثلاثة أيام تأتي الموافقة او الرفض , عن طريق رسالة يسمى "بريد الدعوة" , الذي يوضع بشكل يومي امام المكتب بأسماء الأشخاص الموافق عليهم ام لا . يقول احد قيادي داعش في مدينة الرقة في سوريا و المكنى باسم أبو موسى , من خلال فيديو له, وهو احد المسؤولين على تدريب الأطفال : " نحن نؤمن ان هذا الجيل من الأطفال هو جيل الخلافة , وهو الذي سيحارب المرتدين والكفار , وهؤلاء الأطفال كلهم زرعت فيهم العقيدة الصحيحة , كلما احبوا ان يقاتلوا في سبيل بناء دولة الإسلام" . يمتلك التنظيم الإرهابي معسكرا خاصا يقع في مدينة الطبقة العسكرية , والتي تبعد 55 كم عن مدينة الرقة باتجاه الغرب و يقع فيها مطار الطبقة العسكري , حيث يتلقى الأطفال الدواعش دروس العنف , حيث يتم تقسم معسكرات الأطفال الى
أ- المعسكر الشرعي : و مدته الزمنية تتراوح من 15 الى 45 يوما , يخضع الأطفال الذين تم اختيارهم على كيفية الوضوء و الصلاة وما هي المحرمات والمنكرات , وتوزع أجزاء من القران الكريم يجب على الأطفال حفضها بالمساجد , حيث غالبية أطفال الرقة بعد اغلاق داعش التنظيم لمدارس في المدينة يقصدون المساجد كبديل عن المدارس , ويقوم بتدريس الشريعة عراقيون او تونسيون او سوريون في بعض الأحيان , اما أطفال الذين لا يعلمون القراءة والكتابة , فيخضعون لدورات مضاعفة تسمى " فك الامية" , تقام داخل احد المعسكرات بأحد سدود المناطق المسيطر عليها من قبل التنظيم ( سد الفرات-سد البعث-سد تشرين).
ب-المعسكر العسكري: ومدته الزمنية تمتد من شهر وعشرة أيام الى ثلاثة اشهر كاملة , يتم خلالها تعليم الأطفال فنون القتال والتعامل مع السلاح و قيادة المركبات و تجهيز العدة والعتاد للمقاتلين , والرمي بالذخيرة الحية وخوض الاشتباكات والمعارك والاقتحامات , وبعد الانتهاء من المعسكرين , يقوم التنظيم بفرز الطفل حسب محافظته , ويفرز افي اغلب الأوقات لجبهات القتال حسب الوضع الميداني على قول احد عناصر التنظيم , وحتى يتخرج الطالب عليه قطع راس احد الضحايا في الأماكن التي يسيطر عليها تنظيم داعش ".
تعرض الأطفال الى هذه الحالات المروعة اقلقت المنظمات العالمية حول مستقبل هؤلاء الأطفال وتأثيرهم على مجتمعاتهم في الكبر، حيث ترى السيدة ميسون البياتي , منسقة منظمة ميرسي كوربس في محافظة نينوى وهي منظمة دولية غير ربحية تعمل في مجال الإغاثة والتنمية الدولية , ان الأطفال الذين عاشوا تحت سيطرة داعش سيشكلون خطرا كبيرا على مستقبل المدينة والعراق والمنطقة ان لم يعالجوا . قلق السيدة البياتي في محله , ففي تصريح لزكي صالح موسى مدير إدارة سجن المراهقين والنساء في مدينة دهوك العراقية , ان السجن يحتوي حاليا 68 طفلا موقوفا من بينهم خمسة واربعون بتهم تتعلق بأعمال إرهابية والارتباط بتنظيم داعش. و ذكر مدير السجن ان أوضاع هؤلاء الأطفال غير طبيعية , واخضعوا من قبل التنظيم لعمليات غسل دماغ . وأشار الى ان الأطفال العاديين عادة يندمون على فعلتهم الا ان الأطفال الذين جندهم التنظيم لا يبدون أي ندم. وقال أيضا " هناك بين هؤلاء أطفال من مكون الشبك وأطفال كرد ايزيديون اجبرهم داعش على اعتناق الإسلام وجندهم في صفوفه ". وقال طفل موقوف بتهمة الإرهاب ان " التنظيم اجبرهم على تناول لحوم البشر".



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google