ليس على تركيا محاربة الجميع
ليس على تركيا محاربة الجميع


بقلم: حيدر الصراف - 17-03-2017
هكذا ظن القادة الأتراك و بعد ان يأسوا من قبولهم كعضو في الأتحاد الأوربي و تصنيفهم من دوله العديدة و ان اغراق القارة الأوربية ( بالسيول البشرية ) من اللأجئين القادمين من الكثير من الدول الأسلامية سوف يجبر دول القارة على الرضوخ و الأذعان و القبول بهذا البلد ( تركيا ) رغمآ عنهم ضمن دوله الا ان استيعاب الدول الأوربية و في المقدمة منها ( المانيا ) للموجات البشرية القادمة فوت الفرصة على الحكومة التركية و التي توقعت ان قادة الأتحاد الأوربي سوف يهرعون متوسلين بكل ذل و استجداء لأيقاف هذا ( التسونامي البشري ) الخطير على امن شعوبهم و بلدانهم .

انتهازية حكومة ( الأخوان المسلمين ) التركية و نفاقها الفاضح بدا واضحآ و جليآ فبدلآ من استقبال مئات اللأجئين ( الغالبية العظمى منهم مسلمون ) و توفير الحماية و الأمن لهم بأعتبارها حكومة ذات نهج ( اسلامي ) تريد اعادة شكل حديث و عصري للسلطنة العثمانية الغابرة التي تدعي انها ( الحامي و الراعي ) لكل المسلمين في العالم و بدلآ عن ذلك استغلت معاناة هؤلاء البؤساء و الذين هجرتهم الحروب و المجاعات و جعلت منهم ( الحكومة التركية ) ورقة ضغط رخيصة على الأتحاد الأوربي ان فتحت لهم المنافذ و الطرق للوصول الى الشواطئ الأوربية حيث الأمان و الحماية و حقوق الأنسان المحترمة الا ان الطرق الموحشة و البحار الهائجة كان لها حصة من ارواح هؤلاء الفارين بأنفسهم و الناجين من اماكن النزاعات و الكوارث .

كان التخبط و عدم التوازن و القرارات الأرتجالية هو الطابع الذي اتسمت به سياسة الحكومة التركية الحالية و منذ ان سيطر ( الأخوان المسلمون ) على الحكم هناك اذ كانت سياسة هذه الحكومة استفزازية لا بل حتى عدوانية للكثير من الدول و بشكل علني سافر فأصبحت الأراضي التركية ممرآ لكل الأرهابيين القادمين من كل انحاء العالم المتجهين صوب الأراضي السورية فكانت الجموع من اولئك القتلة تتدفق على ( سوريا ) للحرب و القتال و تحت مسميات و شعارات اسلامية عديدة تشيد و تثني على الجهاد و المجاهدين و كانت ( تركيا ) ايضآ المعسكر الذي يتجمع به هؤلاء ( المقاتلون ) و يأخذون حصتهم من التدريب العسكري و التأهيل النفسي قبل ذهابهم الى ارض ( الجهاد ) .

كانت هناك أزمة جديدة هذه المرة بين الحكم التركي و الدولة الروسية اذ لم يفهم القادة الأتراك ان ( روسيا الأتحادية ) دولة نووية عظمى يحق لها ما لا يحق لغيرها من الدول و ذلك من منطق القوة الذي يحكم العالم فكان ذلك الأستفزاز الذي نجم عن جهل مطبق و عدم دراية عميق بالدول و مكاناتها و امكاناتها ان اسقطت الطائرة الحربية الروسية في ( الأجواء السورية ) و قتل احد الطيارين الروس فقامت الدنيا و لم تقعد الا و الرئيس التركي يقدم الأعتذار تلو الآخر و يطلب السماح و المغفرة بشكل مذل و مهين بعد ان لوحت له الدولة الروسية بالعصا الغليظة ان لم تكن هناك وسيلة اخرى للتفاهم و الحوار .

تأزمت العلاقة و لكن مع الحليف الأطلسي الأكبر ( الولايات المتحدة الأمريكية ) بعد محاولة الأنقلاب الذي حدث في ( تركيا ) و الذي اتهم بتدبيره احد الأشخاص الأتراك المقيمين في ( امريكا ) و التي اخذت حكومة الرئيس التركي ( اردوغان ) المطالبة بتسليمه اليها و هي تعلم ان القوانين الأمريكية لا تسمح بتسليم الأشخاص لدولهم الا بعد العديد من الأجراءآت و الأثباتات و كأن تلك المطالبات الملحة كانت فقط لتأزيم العلاقة مع ( امريكا ) و كان الأبتزاز حاضرآ و كما هو ديدن الحكومة التركية دائمآ و كان في التلويح بالغاء حق الأستخدام للقاعدة الجوية التركية ( انجرليك ) و كما يبدو فأن ( الساسة ) الأتراك غفلوا عن ان ( امريكا ) تمتلك العديد من القواعد العسكرية الجوية الثابتة في الكثير من البلدان القريبة و هم في غنى عن القاعدة التركية و لديهم الكثير من القواعد المتحركة ( حاملات الطائرات ) و التي بأمكانها ان تكون في نقاط قريبة من اماكن التوترات و النزاعات ان دعت الضرورة اليها .

اما المواجهة الأخيرة مع ( الأتحاد الأوربي ) بأجمعه و التي اشعل فتيلها ايضآ نظام الحكم التركي العدواني و بعد ان ايقن ان اولئك المضطهدين و الجياع الذين زج بهم و استخدمهم ( دروع بشرية ) لتحقيق مصالح سياسية ضيقة و غير انسانية في المجازفة بارواح الناس و هدر كرامتهم ( المسلمين ) في سياسة ( الأغراق البشري ) الى الأزمة المفتعلة الأخيرة في ( اقامة التظاهرات و التجمعات المؤيدة له في اوربا ) و التي لم يتبق له غيرها في محاولة اخيرة للنجاة و البقاء في سدة الحكم لأطول فترة ممكنة و ان كان ذلك على حساب امن الشعوب و استقرار الدول .

لكن في هذه المرحلة يبدو ان اللعبة التي استطاع تمريرها مرات عدة لم تنفذ هذه المرة و ان الشباك قد احكمت و تم احاطة الطوق من كل الجوانب و ان ( الطعم ) قد ادى وظيفته في جلب الفريسة الى قفص الأحتجاز و مكان النهاية و التي كان من الممكن تجنبها و الأبتعاد عنها لكن النظم الأستبدادية لم و لن تتعلم من اسلافها المبادين الدروس المرة و النهايات المتشابهة ان تقع بنفس المطب المميت من الغرور و العنجهية و اذا كانت سياسة ( التهديد و الوعيد ) هي محاولة اخيرة لأستعراض القوة الا انها صحوة الموت الذي دق ابواب هذا النظام و ان كان متأخرآ .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google