محمد باقر الحكيم بين التجاهل والحقيقة
محمد باقر الحكيم بين التجاهل والحقيقة


بقلم: وليد كريم الناصري - 19-03-2017
كم كنت أتوق شوقا، لأكون أحد المُلتقين بــ"صدام حسين" قبل فترة إعدامه، لأذكره بكلام متلفز له، يقول فيه: ومن هو باقر الحكيم ..؟ ماذا يظن بنفسه لو رجع للعراق..؟ هل سيستقبله الشعب ويصفق له؟ ثم ينهي حديثه بضحكة مفتعلة كاذبة ماكرة، ليؤكد كلامه بأن ذلك من فرض الخيال..." لم يسعفني الحظ بأن أسال "صدام" وكم تمنيت لو سأله أحد غيري، هل عرفت الحكيم الآن ..؟ وهل رأيت كيف أأُستقبل في العراق، بموكب لطالما تحلم به انت وأسيادك، إمتد من البصرة حتى النجف، مرورا بجميع المحافظات حتى حُملت سيارته على الأكتاف...

لطالما قادني كلام "صدام حسين"، بعيداً أقلب صفحات التأريخ، لأشخص وأحلل من خلاله الشخصيتين تاريخياً، ولعله من هوان الدنيا وجرأتها ودنائتها أن يلفظ الاسمان معا للمقارنة، وسأورد حوادث من سير التاريخ، تحاكي ما تكلم به "صدام" في هذا المورد وكالتالي:

1- لما قدم "هشام بن عبد الملك" للحج برفقة حاشيته، وعندما وصل الإمام "علي ابن الحسين" (ع) إنشقت له صفوف الناس، حتى أدرك الحجر الأسود فثارت حفيظة "هشام" وأراد أن يقلل من شأن الإمام فقال : من هذا الرجل ..؟ إني لا أعرفه..! مع أنه كان يعرفه جيدا،ً و لكن خشي أن ينبهر به أهل الشام، فلم يتمالك الشاعر الفرزدق نفسه، وقام مرتجلاً بقصيدته المشهورة قائلاً:

يا سائلي أين حل الجود والكرم عندي بيان اذا طلابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا إبن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم ..... الى أخر القصيدة، التي عَرفت بالإمام السجاد للشاميين، وألجمت وأبغضت "هشام بن عبد الملك" حتى أبيضت عيناه وتوقفت بوجه الفرزدق...!

2- جدل إحتدم بين الخليفة العباسي "المأمون" وأحد وزرائه، فكان الخليفة يرى بالإمام "الرضا" (ع)، قد أخذ وهج وسطوة وهالة في المجتمع الذي يعيش فيه في بلاد فارس، فأشار الوزير بأن يستهزأ بالامام ويقلل شأنه أمام الناس، فأجمع الناس في محفل كبير ودعى بــ"رأس الجالوت" وهو من يمثل الطائفة اليهودية..! وكان نابغة في الدهاء والعلم، ودعاهم للمناظرة، إنتهت تلك المحاولة بأن "رأس الجالوت" خسر الرهان، وولى وقد أُلجم وأُخرس وهو كظيم، وبقي "المأمون" ووزيره في حيرة من أمرهما..!

3- عندما دخل أحد "العلويين" الى مجلس كان فيه أحد الولاة وحاشيته، وأراد "العلوي" ان يتكلم بكلام مع الوالي، بالرغم من ان الوالي كان يعرف قدره وعلمه ومكانته، ولكنه أستنكر عليه كلامه..! وأراد ان يستهزأ به ويقلل شأنه، فقال له من أنت أيها الصبي..؟ حتى تكلمني وأنا خليفة المسلمين..! فقال له العلوي بثقة وإطمئنان " لا أنت أكثر علواً من نبي الله سليمان، الذي كلم الهدهد، ولا انا أقل شأنا من الهدد الذي كلم سليمان" فقام الجميع منبهراً من كلام الصبي، وأستحيى الخليفة، حتى خرج من مجلسه.

لا أريد ان اطيل في تلك الشواهد والسرد فيها، ولكن أقول: "محمد باقر الحكيم" هو إمتداد لنسل وواقع الائمة، الذين حاول الولاة تجاهلهم، وما صدام الا امتداد لتلك الفئة الضالة في الدين، من أبناء الولاة، ولقد أظهر الحق بجميع الموارد تلك، فبعد إن زال شبح وكابوس صدام عن صدور العراقيين، هرع بأطفالهم ونسائهم وشبابهم وشيبهم..! لإستقبال السيد "الحكيم" عام 2003 وللحادثة تأريخ لم يجف حبرها بعد..
السيد "الحكيم" كان بشخصه، ولازال بفكره وإرثه، مشروع رسالي ديني وسياسي، حتم ووجب على القلوب والأفئدة المؤمنة على قلتها ان تهوي اليه، عكس ما يفعله صدام في تلك القلوب والأفئدة، التي يجبرها بالسيف والتنكيل والقوة أوالأموال، على محاباته والتظاهر بالتقرب منه، ولطالما أُستوحش من طريق الحق لقلة سالكيه، ومن الملفت للنظر أُستقبل السيد "الحكيم" في العراق بعبارة مزلزلة، تفكك التجاهل الذي تكلم به صدام في حديثة المتلفز "وينه الحاربك وينه...؟ صدام النذل وينه..؟ و ياليت لو كان هنالك من يسأل صدام عن حديثه ذاك، وتلك الهتافات المؤيدة للحكيم والمدوية في بقاع جميع المحافظات العراقية...



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google