بقلم: خضير طاهر -
23-03-2017 بعد هذا العمر الذي بلغ 56 عاما والخبرة في الحياة ، سأطبق على نفسي ما أريده من الآخرين في الإبتعاد عن مديح الذات والدعاية لها ، لاأحد عظيم يستحق التمجيد مادام كل ما قدمه البشر يقع ضمن إختصاص طاقاتهم العقلية والجسدية ، والإنجازات هي وظائف كان يجب على الإنسان تقديمها .
الفعل الوحيد الخارق الذي يتجاوز فيه الإنسان طبيعته البشرية هو عندما يتحرر من عبودية الحياة ويتمرد على الدين وحب المال والوجاهة وحب الظهر وهوس الإنجازات ، وكذلك عندما يكون إنسانا يتصرف بقيم أخلاقية تتجاوز القديسين وتصعد الى سماوات الملائكة .
عقب تحرير الكويت ، والإنتفاضة الشعبية في مدن : الجنوب والوسط .. وجدت نفسي في حالة دفاع عن أحلامي بأن أصبح أديبا روائيا ، وفي نفس الوقت تدبير مستلزمات العيش ، وبعد فشلي مشروعي في دراسة العلوم الدينية في حوزة النجف ، إضطررت للعمل في الفنادق والمطاعم ببغداد وكربلاء ، وأخيرا أصبح لي عملي الخاص وهو عبارة عن ( بسطة ) أبيع فيها الشاي والسندويجات في الشارع ، وظهرت في هذه الفترة موجة عارمة من السفر الجماعي الى الأردن وكانت بداية زمن التيه الجماعي العراقي والجنون الكبير على أمل الخلاص من كآبة العراق !
كنت أتسكع في شوارع العاصمة عمان ، وكان يغيب عني السؤال الكبير عن المصير والحظ والقدر والمستقبل ... كنت مستسلما ومنقادا لطوفان التيه ، لم يكن في ذهني أية أسئلة ، وشعرت بالصاعقة عندما علمت بوجود دولا في العالم تمنح اللجوء وتعطي المسكن والراتب الشهري ، كانت هذه أول مرة أسمع بموضوع اللجوء رغم بلوغي عمر 30 عاما ، لم أستطع هضم هذا الترف والرفاهية في حقوق الإنسان وأنا القادم من الجحيم !
هرعت الى مكتب الأمم المتحدة في العاصمة عمان لتقديم طلب اللجوء وأنا أرتجف من الخوف بسبب مراقبة جهاز مخابرات نظام صدام للمكان ، كانت خطوة متهورة مني مع إحتمالات رفض الطلب وإنتهاء مدة إقامتي في الأردن وإجباري على العودة للعراق وماتحمله من خطورة إعتقالي ، علما أنا لست شخصية هامة أو سياسية أو مشهورة ، ورصيدي النضالي صفرا خالي من البطولات ، بل قضيت فترة شباب وأنا خائف من أجهزة النظام .
رفض مكتب الأمم المتحدة طلب اللجوء ، وأنقذني الحظ وأستطعت جمع تبرعات مالية والسفر بالطائرة الى سوريا ، بعد ان سافرت بالسيارة ورفضوا دخولي وأعادوني الى الأردن ، وكان امامي فرصة وحيدة لدخول سوريا وهي السفر بواسطة الطائرة ، دخلت الى دمشق ، وبدأت مرحلة أخرى .