منارات خالدة من ( 1939ـ 2003)
منارات خالدة من ( 1939ـ 2003)


بقلم: أمل الياسري - 23-03-2017
ممكن أن يكون الإنسان ناقداً للأوضاع، وناقماً على سياسة الطغاة، ولكن ليس من السهل أن يكون مصلحاً أو حكيماً، فالأول قد يهرب وينزوي في آخر الحياة، ويقص تأريخه المزيف، أما الثاني فيواجه ويكتب التأريخ الحقيقي، ويتقاسم مع الحق الدم، والدمع، والدفء، ليعطي الحياة للأجيال، إنه إنسان سبق زمانه منذ الولادة في عام 1939، ببيت الحكمة، والعلم، والفضيلة، فكان الضياء المنبعث من هذا الوليد الجديد ساطعاً، ودائمياً، لدرجة أن الظلام البعثي لم يستطع التغلب عليه أبداً.

نضال جهادي واسع ممتد من جذور مرجعية والده، الإمام محسن الحكيم(رضوانه تعالى عليه)،وحتى في عهد مرجعية الشهيد السيد محمد باقر الصدر، إنها من أولها ثورة، ووسطها ثورة، وآخرها ثورة عشق، وكل سطر كتبه هو وأسرته، كانت تدلل على قيمة الإنسان وحقوقه، وقد شارك الناس البسطاء همومها ومشاكلها الحياتية، على عكس مَنْ صنعوا أمجاد بائسة بإسم الدين، وكأنهم أيتام ضاعوا وسط مواريثهم الزائفة، والمتصفح لحركة المقاومة ضد البعث ومقبوره، يجد آل الحكيم وشهيد محرابهم في المقدمة.

شهداء إنطفأوا تحت ألة الظلم القاسي، في زمن لا يعرف إلا صخب الإعتقالات، والمداهمات، والحروب، ولكن ما ينبغي أن يقال أننا نكتب عنهم، ليس لنخلدهم بين دفات التأريخ، فهم مَنْ دونوا التأريخ بدمائهم الطاهرة، لكننا نكتب عمَنْ شعر، بأنه يصعب إزاحته عن دفة الحكم، وسيحكم بلده مدى الحياة، وكأنه قد أكل عشبة الخلود، مثل أنكيدو في ملحمة كلكامش، كما أننا نذكرهم للسخرية منهم والحط من شأنهم، إذن دماء الشهداء وطغيان الجبناء، تعدان فرصة لإحداث التغيير.

ظهيرة الجمعة الأول من رجب 1424 للهجرة، الموافق 29 آب 2003 للميلاد، تحرك فينا مصباح الوجع الحكيمي، الذي ما برح يقدم القرابين، واحداً تلو الآخر فداء للدين الإسلامي، حيث حفظوا المذهب والعقيدة، ليرسموا واقعاً عصرياً عادلاً جديداً، نستطيع التحرك فيه ما دمنا أحياء، فأبناء الحكيم يمتلكون رؤية، ومشروع شهيد المحراب زعيمهم وحكيمهم، لذا فهم سينتصرون ويحددون شروط الحياة، تتقدمها عناوين الحب، والتعايش، والتسامح، والحوار، والإعتدال، والحرية، وغيرها من القيم الأصيلة، التي ناضل لأجل الحكيم(قدس سره).

منارات خالدة ورايات شامخة، سترتفع في يوم الشهيد العراقي، تحت شعار( شهداء لنحيا)، ملبين دعوة شهيد المحراب:هيهات منا الذلة، فكيف بكم أيها الحكيميون الأصلاء، وقد قبّل أياديكم لحظة دخوله العراق 2003، فسلاماً لكم أيها الحاملون للأرواح المتألقة، والحكيمة، والصبورة، يا مَنْ إنتصبت راية العراق على أجساد أبنائكم، لأنكم تؤمنون بالوطن، والعقيدة، والمشروع، فيا لها من عبقرية مجاهد حكيم، أن يرحل عنا شهيدنا بطريقة صامتة، لتنطق شظايا جسده الصائم، وتطوف روحه الشريفة حول محراب الوفاء والأمل.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google