سموم "مستشار اقتصادي"
سموم "مستشار اقتصادي"


بقلم: محمد رضا عباس - 05-04-2017
تعددت طرق القوى المضادة للتغيير في محاربتها للعملية السياسية في العراق . فهناك قوى تحمل السلاح وتقتل الأبرياء في شوارع العراق , وهناك مجاميع تنشر الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة لغضب المواطن وابعاده عن دعمه للعملية السياسية , ومنهم من يطلق الشائعات والاكاذيب على مسؤولين في الدولة واحداث غير موجودة , ومنهم من يصف نفسه مسؤول حكومي و يبث روح الخوف في الشارع العراقي والرعب في قلوب المواطنين عن طريق بث الأكاذيب .

في يوم 4 نيسان جلب انتباهي خبر على هذه الصفحة الكريمة تحت عنوان " خبير اقتصادي يكشف بالأرقام ال (الكارثة ) الاقتصادية في العراق". بالحقيقة مجرد قراءة العنوان وصلت الى قناعة ان الخبر ملغوم ويحمل في طياته كيدا على العراق. وبعد ان قرات الخبر وجدته مملوء بالمغالطات هدفها هو التسقيط السياسي , وتخويف المواطن العراقي على مستقبله الاقتصادي . الخبر حمل تصريحات ملغومة لشخص يدعي انه " خبير اقتصادي ومستشار في مجلس الوزراء " ليعطي لأكاذيبه المصداقية لمن ليس لديه معلومات اقتصادية , ومن هذه التصريحات هو وصف حالة الاقتصاد العراقي " بالكارثية وفي عمق الحفرة" , بالوقت الذي لا احد من الاقتصاديين يصف اقتصاد العراق بهذه الصفة , لان جميع الاحصائيات العالمية قالت ان النمو الاقتصادي في العراق زاد عن 5% في العام الماضي , ومن المحتمل ان تصل هذا العام 7%. فاين "عمق الحفرة" من هذه الاخبار الملفقة؟ حتى يكون الاقتصاد في قعر الحفرة يجب ان يمر الاقتصاد بدورتين من النمو سالب ليطلق عليه في " قعر الحفرة", , ولكن حضرة المستشار أراد ان يقلق المواطن العراقي على مستقبله ويطعن الحكومة بإنجازاتها . ثم ان توقعات البنك الدولي للنمو الاقتصادي للعراق في السنة القادمة ترفض تصريح "الخبير" من ان " العراق في انحدار اقتصادي مستمر". الاقتصاد العراقي لم يمر بمرحلة انحدار , فكيف يستمر بالانحدار وهو لم ينحدر أصلا؟

ثم يطرح معادلة غريبة عجيبة مفادها ان الديون الخارجية على العراق أصبحت 112 مليار دولار , بينما انخفض الاحتياط النقدي الى 38 مليار دولار , وبذلك سيكون صافي الديون على العراق هو مبلغ قدره 70 مليار دولار او ما يعادل 2,000 دولار على كل مواطن عراقي . ربما ان ما اطلقه هذا "المستشار" صحيحا في زمن ما قبل التغيير حيث كانت السياسة المالية والنقدية تحت يد " السيد الرئيس" , ولكن هذا النظام قد تغير بعد التغيير وأصبحت السياسة المالية مستقلة عن السياسة النقدية . ديون الحكومة العراقية لا علاقة لها بالاحتياطي من العملات الصعبة , انها ملك للبنك المركزي العراقي ولا يجوز لرئيس الوزراء التدخل في شؤونها . وعليه فان الديون على المواطن العراقي كما يزعم "المستشار" سيكون مبلغ اكبر من 2,000 دولار , وهي كذبة أيضا اطلقتها النائبة حنان الفتلاوي لأغراض انتخابية تبعها الأستاذ رائد فهمي رئيس الحزب الشيوعي العراقي . لا يوجد نظام ضرائبي في العراق حتى يتحمل " احفاد احفادنا " الديون المترتبة على الحكومة العراقية , انما الحكومة العراقية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن دفع هذه الديون . وحتى يقبل الاقتصاديون ما أقول حول الديون المترتبة على الحكومة بكلام أكثر وضوحا و دقة , فان المنفعة التي حصل عليها هذا الجيل من القروض الخارجية سوف تدفعها الحكومات اللاحقة من فائض الميزانية.

رجوعا الى تصريحات الأخ " المستشار او الخبير " , وحتى يحل مشكلة الاقتصاد العراقي , اطلق هذا "الخبير" قنبلة بمثابة قنبلة ذرية على 14% من الشعب العراقي , وهو ان تطلب الحكومة " من الموظفين تقديم الاستقالة "! السؤال هو اين سيذهب الموظف المستقيل بعد الاستقالة؟ هل ينام في الشارع؟ هل يضطر هو وعائلته العيش في العراء؟ اذا لم تستطع الحكومة توفير العمل لمواطنيها , فمن يستطيع توفير العمل لهم ؟ ان غرض هذا التصريح هو واضح وهو بث الرعب والخوف في قلوب الموظفين , وهي الشريحة الكبرى في العراق , خاصة عندما يدعي هذا "الخبير" انه مستشار للحكومة العراقية .

سوف يكتشف القارئ عن هوية هذا "الخبير" سريعا بعد قراءة الخبر الثاني والذي ظهر أيضا يوم 4 نيسان تحت عنوان " خبير اقتصادي: وزارة التجارة أصبحت مصدرا كبيرا للربح" , يتحدث هذا "الخبير" عن وزارة التجارة و يقول " ان تلك الوزارة وان كانت تكلفتها قليلة أيام النظام السابق مقارنة بتكاليفها الحالية , الا انها كانت توفر الاحتياجات الضرورية للشعب ضمن الحصص التموينية التي كانت تصل الى 15 مادة متنوعة". أقول الى هذا "الخبير" إذا كانت وزارة التجارة السابقة هكذا كرم حاتمي فلماذا أصبحت نساءنا تفترش شوارع عمان ودمشق يبيعن السكائر ومعجون الاسنان؟ واذا كان هذا "الخبير" يستلم الحصة من 15 مادة من " الجوقة التي أوصلتنا الى قعر القعر " , فان عبد الحسين في ذي قار مات جوعا .

ثم وبكل وقاحة يبدا هذا "الخبير" بتوبيخ الشعب العراقي بقبوله التغيير " بحجة الحصول على السيادة الوطنية" ورفضه المساعدات العينية التي كانت تقدمها هيئة الأمم المتحدة. وهكذا , فان هذا "الخبير" يحب ان يعيش بالذل والعار من اجل "الحصة التموينية" , اما الكرامة و السيادة فعنده لا تقاس " بالحصة التموينية".

وأخيرا , ينهي "الخبير الاقتصادي جدا " حديثه بالقول ان " حصول العراقيين على السيادة كلفهم الكثير فأعطوا الغالي والثمين لديهم ولم يحصلوا الا على القليل مقابل الحجم الكبير من تضحياتهم لا تتعدى كميات قليلة من الطحين والرز". بالحقيقة لم يبقى على هذا "الخبير" الا القول ان " حال المواطن العراقي تحت نظام صدام حسين كانت ابهى واروع" , وان "شمر بخير" . يبقى على الحكومة العراقية الإعلان عن صحة ادعاء هذ "الخبير" بانه مستشار اقتصادي في رئاسة الوزراء وكشف زيفه , واذا كان صحيحا فاقرأ سورة الفاتحة على العملية السياسية .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google