هل سقط الصنم؟؟
هل سقط الصنم؟؟


بقلم: عبد الجبار الحمدي - 09-04-2017
منذ عقد ونصف تقريبا تحرر العراق من العبودية واسقط الامريكان ما أطلقنا عليه الصنم، ذلك الدكتاتور الذي أمسك قصبات ومجرى متنفس الهواء على الشعب العراقي بكل طوائفه، ما عدا المنتخبة منها والموالية من تلك الطوائف وبقلم العريض المستفيدة، التي تعتاش كالعوالق على مصائب وابتلاءات الشعب.. دخل الاحتلال من ابواب متعددة وانزلت فرقاطة السفن الامريكية الكثير من الوجوه التي لم تحرقها شمس العراق ولا لهيب الطاغية بحجة النضال والجهاد والمعارضة.. قفت عائدة، محملة وهذا ما نلمسه بحقد دفين على ما سببه لهم الدكتاتور مثلما سبب للشعب العراقي من ويلات، غير أنهم راقت لهم الغربة، استوطنوا، تجنسوا، واعتاشوا بمعونة، باتوا غير عراقيين إلا بالاسم وتسبقه كان وأخواتها..
جاء معهم الحاكم السامي برايمير حاملا حقيبة كيفية التعامل مع شعب استنشق الحرية كطير اطلقت له الاجنحة، فتح له الباب على مصراعيه، رفرف ابتهاجا، رفرف من حلاوة الروح والموت المخبئ المستقبلي.. توجس خيفة في البداية برايمر حين اراد تشكيل حكومة مؤقتة، أشخاص تمسك بزمام امور لم تعهد لها من قبل، خزان الرافدين، مقدرات شعب وثروات طائلة ، لم يعلم كيف سيتعامل مع افراد سمع عنهم وتعامل معهم واتفق ايضا على الخطوط العريضة على كيفية البيع والشراء والتقسيم القادم .. همهم جميعا كيف يمكن السيطرة على الانفلات الذي حصل بعد ان هدمت البنى التحتية والمؤسسات ذات العلاقة والتماس مع الجانب الامني، بعد حل الجيش والشرطة تلك التي لم تكن تعلم الى من تعمل وتحت اي مسمى، دولة ام احتلال ام احزاب.. فضاع الخيط والعصفور لدى المواطن، استشرى السلب والنهب، برزت ما يسموه المقاومة خاصة بعد ان دخلت مصالح دول لها ثأر مع الطاغية لكنها اخذته من شعب شارك في غزوها واحتلالها وتهديد غيرها، فأذاق الشعب الأمرين من خلال ما حاكه مع دول عربية تكره العنوان الشيعي.. جلس الحكام الجدد، تنفس برايمر الصعداء بعد ان علم ان حكام العراق الجدد أهم شئ لديهم وعندهم، كم سيقبضون اي يتاقضون كراتب هذا ما قاله في مذكراته، فاتكأ وهز وسطه على كرسيه الهزاز، وأدرك ان مستقبل العراق بات الى الهاوية..
استحدثوا حدوتة الطائفية.. جاؤوا بالإرهاب ليبقى عبدة الصنم تابعين، خراب وتدمير ذبح وتفجير اوبئة افكار سامة مدسوسة، اوغلوا بالعراق وشعبه حتى لا تلد إمرأة إلا وحقد في صدره من الرضاع، أرباب جدد من ابن لادن الى الزرقاوي الى البغدادي الى .. الى ..
تداولت الايام برياح موسمية وتارة جافة غير ممطرة وان أمطرت فدماء الابرياء والشهداء من الشعب الفقير الذي تبوأت نفاياته المصالح، باتوا من اصحاب المليارات، سرقة، نصب، اختلاس، بيع ذمم وشراءها، استنساخ شخوص بمسميات، استحداث وجوه كأكباش فداء ..قضاء فاشل، فواصل دولة متهرئة، احزاب، كتل، تيارات، حصحصت ونالت وتمت عملية بيع العراق كقطع اراضي، كما بيعت جوانب نهر دجلة وغيرها باستحداث آليه النهب والسرقة، رحى تدور تطحن وهم يقبعون بخضراء الدمن، يبحثون من سيحكم وكم سيبقى، وكم سيسرق، من معي والى الجحيم بالشعب والعراق الوطن ذلك الجريح الذي تركوه لاجئين وعادوا إليه اصنام جدد بعد ان أوجدوا لهم عُبدة حجارة غير اللات والعزة ومناص، كل له طبل وزمر، خرقوا الناموس الإنساني بإلهاء شعب عشق الحسين حتى ادمنوه دون قيد وشرط، ألبسوا انفسهم الورع بالدين، احاطوا أنفسهم بخطباء منابر، بيضاء وسوداء ممن عشقوا اللغو في سيرة ينأى عنها من أحسن خلقه وعلم كيف يتعامل مع المنبر الحسيني.. فالحسين عنوان الإباء، الرجولة، الكرامة، القداسة والطهر، ليس عنوان بكاء فقط، فألف وأربعمائة سنة نبكي الحسين ونطعن بالقيم والمبادي التي مات من اجلها بتصرفاتنا.. نعمل للظلم ومعه، ثم نئد الحياة في مهدها بقتل حريات التعبير، نبكي على الحسين ومصيبته.. نخترع المسميات، نصنع الأزمات، بعدها نطالب المخلص بالظهور، كمن يفسدون بالشرائع عملا حتى يظهر الغائب .. هالات طويلة ومسميات، عناوين صنعناها كأصنام حتى عبدناها ليل نهار.. بل صار لا يخلو محراب من صورة لصنم يعبد حتى تلك الصغيرة منها التي صنع منها المتسلقون واجهات شرعوا خلفها يدعون الى عالم آخر جديد، تمزق العراق، الشعب والارض، ( الوطن) .. هناك مقولة ( اكرهوا الحكام ولا تكرهوا الوطن) فالحاكم يتغير وإن طال زمنه، أما الوطن اذا كرهته فعليك ان تغير نفسك او تخرج عنه، إنه العنوان الذي تسمى به قبل أسم والدك ووالدتك فحين تسأل تقول ( أنا عراقي ) وطني العراق، يحتفل الكثير بهذا التأريخ تعبيرا عن فرحة لقلع ضرس متسوس والى الأبد باسقاط الصنم، لكنه لا زال هناك الكثير منهم يقدس صنم آخر صنعه لنفسه، يعبده حين خلوة اوعلن، ومتى جاع أكله، خاصة إن صنعه من التمر كاصحاب الجاهلية.. إن ما عرفناه عن الطواغيت وقرأنا عنها، بأنها تصنع بأيدي الشعوب، ترى كم طاغوت صنعنا منذ ذلك الدكتاتور حتى يومنا هذا.. كم دفع الشعب من دماء ولا زالوا هم في طغيانهم الذي صنعنا يعمهون..
حبذا لو تفكر كل مواطن شريف وحتى المتخاذل والمؤتلفة قلوبهم، هل سيبنى العراق كوطن ويقف من جديد بمثل هذه الأصنام التي صنفت بألف وباء وجيم، أم سنبقى نصفق، نتباكى، نرقص ونطبل كما هي المواسم التي تمر.. حتى بتنا نجيد الحالتين مع احتفاظنا بالتذمر كرفض للواقع الذي نسارع فيه بعيدا بتقبيل ايادي وجباه من نشكو الخوازيق منهم .. عذرا... أجميعنا متملقون او منافقون؟؟ سؤال نقف عنده طويلة حين الفائدة والمصلحة هي او من تصافح بيدك ، فالأصنام نصنعها لنعبدها ما دام نرمي لها بالقرابين ونكسب من وراء ذلك صكوك وَهم، يدفع بنا الى الوثوق بأن الجنة الدنيوية تحت اقدام الاصنام بعيدين عن الجحيم الذي يقول الله عنه النار وقودها الناس والحجارة... ويالها من آية فسرت واطاحت بكل الاصنان والطواغيت، بينت أننا على خطأ وبهتان .. فلنصنع أصنام جديدة عل واحدا منها سينطق بالحق ونتخذه ربا، بعد أن تعددت الاسباب والارباب واحدة، فإلى الجحيم بكل الاصنام التي سقطت والتي نصنع، والتي نعبد، ولنتساءل هل سقط الصنم.؟؟؟؟
بقلم/ عبد الجبار الحمدي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google